بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

المجلس التأسيسي تكريس لسلطان الاستعمار واستبعاد للإسلام

يكن انتخاب مجلس تأسيسيّ أمرًا يراد منه إفراز ممثّلين عن الناس ليكونوا وكلاء في الرّأي عمّن انتخبوهم ويحاسبوا الحكّام، إنّما هو انتخابٌ يفرز مجموعة تشرّع للنّاس من دون الله، وتضع نظاما للبلاد تسير عليه وفق إملاءات المستعمر واشتراطاته. فهي فكرة استعماريّة خبيثة يُراد من ورائها تحقيق الأهداف التالية:

1) التزام أعضاء المجلس التأسيسيّ بالنّظام الجمهوريّ ممّا يعني تكريس فكرة السيادة للشعب، وجعل التشريع للبشر من دون الله واستبعاد الإسلام نهائيّا عن تنظيم حياة المسلمين.

2) تأكيد انفصال بلادنا وفق ما قرّره الكافر المستعمر في اتفاقيّة ( سايكس ـ بيكو ) المجرمة ممّا يكرّس المشروع الاستعماريّ في تمزيق المسلمين وجعل الفرقة وضعا عاديّا، والحال أنّ رياح التّغيير شملت مناطق عديدة من بلاد المسلمين ممّا يجعل الفرصة سانحة لوحدة حقيقيّة بدولة قويّة تحكم بشرع الله، وتقلع الاستعمار من بلادنا وتحمل الإسلام نورا وهدى للعالمين.

 3) تمرير المشاريع المشبوهة التي وضعتها الحكومة المؤقّتة والتي كبّلتنا باتفاقيات قروض مع أوروبا والبنك الدولي وغيرها من الدوائر الاستعماريّة لتُؤبّد وضعيّة التبعيّة للاستعمار وتجعله المتحكّم في مصائرنا ومصائر الأجيال من بعدنا.

 4) تدجين الحركات الإسلاميّة ( المعتدلة ) لتصبح جزءا من اللّعبة الديمقراطيّة تلزمها بإقرار أحكام مخالفة لشرع الله وتحرف توجّه المسلمين إلى شرع ربّهم، بجعل الشرعيّة لرأي الأغلبيّة لا لحكم الله.

 بعد كلّ هذا، فهل لعاقل أن يقول لنا إنّ هذه الانتخابات في مصلحة المسلمين، وهل لعاقل أن يزعم أنّ انتخابات موّلها المستعمر بالمليارات والأزمة الماليّة تخنقه، وأرسل إليها مئات المراقبين من أقاصي الأرض وأغلبهم من الجواسيس، ليشرف عليها. ثمّ لماذا يريد المستعمر الذي أمعن فينا وفي إخواننا في فلسطين والعراق وافغانستان... قتلا وتشريدا، ونهبا لثرواتنا، ومحاربة لديننا وعقيدتنا، أن تتمّ هذه الانتخابات وتُخرج إلى الوجود مجلسا تأسيسيا؟ وهل جرّت الانتخابات التي أشرفوا عليها وموّلوها في العراق وفلسطين وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين غير الدّمار والهلاك والتشتّت والضعف؟ ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ).

 أيّها المسلمون: لا تلهينّكم خدع الاستعمار وأحابيله عن التغيير الحقيقيّ الذي تنشدون، وقد خرجتم يوم 14 أكتوبر تصدح به حناجركم ( الشعب يريد تحكيم شرع الله ) ، ( الشعب يريد دولة إسلاميّة )، ( الشعب يريد خلافة إسلاميّة ).

 وإنّنا في حزب التحرير:

 نحذّركم ممّا حذّركم الله من السير في ركاب الكافر المستعمر ومن والاه وتابعه لانتخاب مجلس ضرار يكون فيه التشريع لغير الله ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ )، ونحذّركم من مخالفة أمر الله ورسوله والتنكّب عن طريقه ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ).

 ونذكّركم بأنّكم أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين، أجدادكم الخلفاء الراشدون والقادة المجاهدون، ومازال الإسلام الذي حملوه، ونصرهم الله سبحانه به، بين أظهركم محفوظاً بحفظ الله وعنايته، لَم يصبه ولن يصيبه بإذن الله تبديل ولا تحريف.

 ونبشّركم بأنّ الله ناصر من نصره، ووعدُه الحق، وهو ليس فقط للأنبياء بل كذلك للمـؤمنين، وهو ليس في الآخـرة فحسب بالشهادة والرضوان والجنة، بل كذلك في الدنيا بأن تكون لكم الغلبة على عدوكم والفوز عليه والنصر والفتح المبين ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ).

 وإنّ حزب التحرير بينكم ومعكم وقد عاهد الله ورسوله والمؤمنين أن يستمرَّ في بذل الوسع، والعمل الجاد الـمُجِدّ، لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخـلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا الملك الجبري بقوله صلوات الله وسلامه عليه: « ... ثم تكون خلافةً على منهاج النبوة ». فكونوا معنا ولا تنفصلوا عنّا فقضيّتنا قضيّتكم، ودعوتنا دعوتكم، وأجيبوا داعي ربّكم.

 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) ).

 25 من ذي القعدة 1432

الموافق 2011/10/23م

حزب التحرير

تونس

للمزيد من التفاصيل