دعوة النظام الحاكم في اليمن للتحاكم إلى شرع الله ليست جادّة!
التفاصيل
بسم الله الرحمن الرحيم
دعوة النظام الحاكم في اليمن للتحاكم إلى شرع الله ليست جادّة!
منذ بدء الاعتصامات القائمة في 17 محافظة في اليمن أُطلقت أكثر من مرة دعوةٌ للتحاكم إلى شرع الله، كانت بدايتها برفع علي عبد الله صالح للمصحف ودعوته للتحاكم إلى الشرع في حضرة هيئة علماء اليمن في شهر آذار/مارس الماضي، ثم تكررت الدعوة على صفحات صحيفة الثورة الحكومية وكان آخرها يوم الجمعة 6 أيار/مايو الجاري.
الحقيقة هي أن العامة قبل الخاصة يعلمون علم اليقين بأن هذه الدعوات لم تصدر إلا عند وقوع علي عبد الله صالح ونظامه في المآزق، كعادته؛ لأن الشرع الحنيف نزل ليُحكم به على الدوام دونما استثناء، وأن مقولة الدعوة للتحاكم إلى الشرع تعني اعترافاً صريحاً بأنه لا يحكم بالشرع الإسلامي أصلاً، وإلا إذا كان الشرع هو الحاكم فَلِمَ الدعوة للتحاكم إليه؟! وقال عقلاء إن هيئة العلماء إنْ وافقته على دعوته وتبعته فإنها ستكشف كذبه وزيف ادعائه التحاكمَ إلى شريعة الله.
إن مقولة الدعوة للتحاكم إلى شرع الله لا يريد قائلوها من ورائها إلا عدم جواز الخروج على ولي الأمر، وأن الشرعية الدستورية، المبنية على فكر غير الإسلام "الفكر الرأسمالي"، هي إلى جانبه! إنهم فهموا الإسلام على طريقة المبدأ الرأسمالي القائم على النفعية، ولا يهمهم أن تكون السيادة للشرع على الدوام وترك الإسلام بعيداً بعد ذلك مَنْ يريده يذهب إليه، حسب وجهة النظر الرأسمالية القائلة بفصل الدين عن الحياة.
إن الاحتكام إلى شرع الله يعني جعل الإسلام وحده يعالج جميع مشاكل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسة الخارجية وسياسة التعليم وغيرها، وأن السلطان للأمة في تنصيب من يحكمها بالإسلام، وليس لها الحق في تنصيب من يحكمها بغير الإسلام، أي إن السيادة للشرع وليست للشعب. ويعلم القاصي والداني اليوم كيف يطبق النظام الرأسمالي في اليمن مثل غيره من بلاد المسلمين. وقد علم الناس متى وكيف يدعو علي عبد الله صالح للاحتكام إلى شرع الله وكيف ينسى ما دعا إليه ليحتكم إلى غيره حين تزول الحاجة إلى ذلك.
وأخيراً نقول شتان بين النظام الرأسمالي الذي نُحكَم به اليوم بالحديد والنار في اليمن وغيرها، وبين نظام الإسلام الذي غاب عن الأرض منذ وطئت أقدام جيوش التحالف في نهاية الحرب العالمية الأولى اسطنبول حاضرة الخلافة بتعاون الخَوَنة من العرب والترك، ثم ارتكب مصطفى كمال جريمة إلغاء الخلافة بعد ذلك.
إن العودة للحكم بالإسلام لا تكون بمقولةٍ فيها مكرٌ، بل هي فرض على المسلمين من أدنى البلاد الإسلامية إلى أقصاها، وإن سكوتهم لأكثر من 87 عاماً على هدم دولتهم، دولة الخلافة، يجعلهم جميعاً آثمين إلا من تلبّس بالعمل لإقامتها ومبايعة خليفة للمسلمين على الحكم بالإسلام حصراً، ومن ثم توحيد بلاد المسلمين وحمل الإسلام إلى الآخرين بالدعوة والجهاد. فإقامة الخلافة ليست عودةً إلى الحياة في الخيام والتنقل بالجمال والألفة مع حياة الصحاري، وإنما هي إعادة تطبيق شريعة الله وأحكامها، ولن نكون إلا أفضل أمة في جميع النواحي، وإن أوروبا لم تعرف صناعاتها إلا بالاعتماد على علوم المسلمين التي هي أساس الثورة الصناعية في العالم، وكذلك سنعود بالإسلام لنكون الأفضل بلا منازع لأننا أرضينا الله، ومن ثَمَّ نكون الأكثر تفوقاً في كافة مجالات الحياة.
أيها المسلمون في أرض اليمن: إن حزب التحرير منكم وفيكم يعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإعادة إقامة دولة الخلافة التي تجمع الأمة فيها، يحكمها خليفةٌ واحد بشرع الله يحمي الحمى ويصون الأعراض والدماء التي تنتهك وتسفك ليل نهار وجهاراً على مرأى ومسمع من الجميع، قال سبحانه: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)، وبشّر بها رسول الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام (... ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) رواه أحمد.
أيها المسلمون المخلصون في أرض اليمن: أما آن لكم أن تلفظوا هذا النظام البغيض وأتباعه الخونة؟ أما آنَ لكم أن تُقلعوا عن خَطب ودّ الغرب، وبخاصة بريطانيا وأمريكا، للتدخل في شؤونكم؟ أوَلسنا في تعاسةِ تدخُّلِ هذه الدول المستعمرة الحاقدة؟ فمنذ متى كان أو سيكون منهم خيرٌ للمسلمين إلا الشقاء والتعاسة ونهب الثروات؟ ألم يحن الوقت ليكون لكم شرف إعادة إقامة الخلافة التي تضع حداً حاسماً لتدخّل دول الغرب المستعمر في شأن اليمن وأهله؟؟ أما آن الأوان أن يهابنا الغرب المستعمر بعد أن أجرم فينا بما نحن فيه إلى اليوم، لا أن نسعى لاسترضائه واستجداء تدخُّله لتدمير ما دمّر؟؟ قال تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).
يا مسلمون: ارفعوا تفكيركم واجعلوه يرقى إلى ما فضّلكم به ربكم عن الخلائق؛ بالعودة إلى الإسلام وجعل السيادة للشرع بالعمل مع المخلصين في حزب التحرير لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية وتوحيد بلادكم وإخراج المستعمر المحتل الذي أخرج جنوده عن أرضكم ليحتل عقولكم ويجعلكم أسرى أفكاره تفكرون كما يفكر!
(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)