السلطات اللبنانية تمارس القمع وتعتدي على الناس حماية للنظام القمعي في سوريا
التفاصيل
التاريخ الهجري 24 من جمادى الأولى 1432
التاريخ الميلادي 2011/04/27م
رقم الإصدار: ح.ت.ل 19/32
السلطات اللبنانية تمارس القمع وتعتدي على الناس حماية للنظام القمعي في سوريا
بعد مرور ست سنوات على نهاية ما كان يسمى النظام الأمني في لبنان والتفاخر بقيام دولة القانون، ما زالت أجهزة أمنية لبنانية تمارس القمع وتتجاوز القوانين التي تزعم حمايتها والتقيد بها، بسكوت وتواطؤ واضحَيْن من السلطات السياسية.
فعلى الرغم من سلسلة المظاهرات التي تلاحقت منذ عام 2005 من هذا الفريق وذاك -وهي المظاهرات التي بلغت أعدادُ المشاركين فيها مئات الآلاف، وعزّزت الانقسامين العامودي والأفقي في هذا البلد وأدت بعض الأحيان إلى مصادمات دامية-، وعلى الرغم من أن عشرات المؤيدين للنظام السوري تظاهروا أكثر من مرة، في بيروت وصيدا وغيرهما بحماية أجهزة أمنية، دون ملاحقة أحد منهم، على الرغم من ذلك كله حين أتى دور أهل طرابلس ليعبروا عن رفضهم للمجزرة التي يرتكبها النظام السوري بأهل سوريا، أصبح التظاهر إخلالاً بالأمن وإثارة للفتنة وتدخلاً في شؤون الآخرين وباعثاً على الانقسام...! فتلاحقت الدعوات والتهديدات والتصريحات الحادة مطالبة بمنع المظاهرة، وجُنِّدت وسائل إعلام وصحافة لِشنِّ حملة إرهاب وتزوير وتضليل وتهويل.
وعلى الرغم من خروج المظاهرة يوم الجمعة الماضية بناء على تصريح رسمي وبالترتيب مع أجهزة الأمن المعنية، إلا أن ضباط اليرزة تعاملوا مع المظاهرة على أنها مخالفة للقانون، فشنوا حملة اعتقالات طالت العشرات من المدنيين العزّل الذين لم يرتكبوا لا جرماً ولا جنحة ولا جناية، ما أوحى بامتداد المشهد القمعي من الداخل السوري إلى أرض لبنان عبر أذرع النظام القمعي السوري في لبنان.
وهاكم بعض الممارسات القمعية التي لا سمة لها سوى "البلطجة والتشبيح":
خلال الأيام السابقة للمظاهرة اعتقلت عناصر أمنية وبعض مندوبي هذه الأجهزة (البلاطجة) سبعة عشر شاباً من شباب حزب التحرير أثناء قيامهم بالدعوة للمظاهرة المصرّح بها، من شمال لبنان إلى جنوبه، وأحد هؤلاء الشيخ الأستاذ محمود سيف (أستاذ تعليم ثانوي ومقرئ للقرآن وعالم شريعة وخطيب في المساجد) الذي أوسعه البلاطجة ضرباً حتى أدموه من رأسه إلى أخمص قدميه، فامتلأ جسده بالرضوض، ثم سلّموه لمخابرات الجيش التي تحفظت عليه مع الباقين عدة أيام. ولازال أربعة من هؤلاء الشباب موقوفين يتنقلون من جهاز إلى آخر في مدينة صيدا ومن دون أي ذنب اقترفوه.
ويوم المظاهرة (الجمعة الفائتة) أوقف أحد الحواجز التي قطّعت شوارع طرابلس وحولتها إلى ثكنة عسكرية ستة عشر شخصاً بتهمة عزمهم التوجه إلى المظاهرة المصرّح لها، أخلي ثلاثة منهم آخر النهار ولا يزال الباقون موقوفين يُنقَلون من جهاز أمني إلى آخر، وأيضاً دون ذنب اقترفوه!
في مخيم النهر البارد استُدعيَ أنصار لحزب التحرير إلى مركز مخابرات الجيش، وأُبلغوا أنهم رُصِدوا يزور بعضهم بعضاً في المخيم، ووجهت إليهم تهديدات بأنهم إن التقوا أو زار بعضهم بعضاً في الأيام التالية أو قاموا بأي نشاط داخل مخيمهم فإنهم سوف يُعتقلون ويُحوَّلون إلى السجون والسلطات القضائية!
ومنذ أسابيع جال رجال (أمن) بزي مدني على جميع المطابع في طرابلس وغيرها، يحذرون من طباعة أي ورقة لحزب التحرير، مع التهديد والوعيد لمن يخالف هذا الإنذار!
هذه هي دولة القانون والمؤسسات والديمقراطية في لبنان. عسكريون مغامرون تحدوهم دوافع عنصرية وولاء لنظام إقليمي دكتاتوري قمعي، وسلطات سياسية تتواطأ أو تغض الطرف عن ممارسات هؤلاء.
الأمر العجيب فيما يجري في لبنان هو أنهم يرون عروشاً عاتية ذات عماد انهارت تحت أقدام شعوبها بسبب امتهانها لكرامات الناس وإذلالها إياهم وإرخائها اللجام لأجهزتها وبلطجيتها، وعلى الرغم من ذلك لا يزال حكام لبنان يصرون على توكيل رقاب الناس ومصائرهم للغرف السوداء التي لا يحكمها سوى منطق القوة والقهر والتعامل مع الناس بوصفهم عدواً محتملاً دائماً. فهلّا وعى حكام لبنان المتواطئون مع الحكم العسكري أو الساكتون عنه خطورةَ صنيعهم هذا؟
وعلى كل حال، نعود للتذكير للمرة الألف -إذ يبدو أن ذاكرة هؤلاء ضعيفة أو لعل أذهانهم ثقيلة- أن حزب التحرير الذي لا يأتمر إلا بأوامر الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام ولا يردعه إلا وعيده سبحانه، لن تنفع معه حملات الترهيب والتهديد، وسيرتفع صوته كلما وُجهت إليه الضربات، وراجعوا أرشيفكم إن كنتم لا تذكرون.