وعن جرير بن عبد الله قال: ((بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم)).
الشيوخ الكرام، العلماء الأفاضل...
لاشك أنكم تشاهدون وتسمعون الأحداث التي تعصف في بلاد المسلمين والتي بدأت شرارتها في تونس وامتدت إلى باقي البلاد الإسلامية كالنار في الهشيم، ولما كنتم بما آتاكم الله من علم ورثة للأنبياء، وتحملتم أمانة الارتقاء إلى منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان لابد لكم من بيان الحق والصدع به، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده، ومن ثم علماء الأمة العاملين، فلنا فيهم أسوة حسنة، فحريّ بالعلماء وحملة الدعوة أن يكون إحساسهم بفساد الواقع والحاجة للتغيير أقوى من غيرهم، فيبصرون ما وراء الجدار لينبّهوا الأمة ويأخذوا بيدها إلى جادة الصواب.
من هنا فإن الواجب الشرعي يحتم على جميع العلماء وحملة الدعوة أن يبينوا للأمة أنّ المطالب التي يخرج المسلمون من أجلها هي لاشك شرعية وتدخل في باب محاسبة الحكام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ)، إلا أنها ليست أمراضاً، بل هي أعراض لمرض خطير، فالظلم وانتهاك الحرمات، والجوع والبطالة، وسوء الخدمات وسرقة المال العام، إنما هي أعراض نتجت عن النظام الفاسد الذي يطبق على المسلمين في جميع مرافق الحياة بعد إقصاء شرع الله تعالى الحنيف بنظمه الخمسة: (الحكم، والاقتصادي، والاجتماعي، والتعليم، والسياسة الداخلية والخارجية)، قال تعالى: ]وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى[، فعلينا كعلماء وحملة دعوة، أن ننبه الأمة لهذا الأمر الجلل، فلا ترضى بالاستجابة لهذه المطالب العرضية، في حين أن شرع الله مغيب وحرمات الله تعالى تنتهك، فنكون بذلك عيون الأمة الباصرة، ونحثها إلى تحديد قضاياها الحيوية والمصيرية، فتَرفع الأمة شعاراً: "لا نجاة لنا إلا بالتحرر من هيمنة الكافر المحتل وإسقاط نظامه الفاسد وتحكيم شرع الله تعالى بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة"، بدل الشعارات الجزئية.
الشيوخ الكرام، العلماء الأفاضل...
هذه نصيحتنا نقدمها إليكم، لأنكم موضع ثقة الأمة، بعد أن نفضت أيديها من تجار السياسة المنتفعين، ونتمنى على الله أن نكون جميعاً من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وفقنا الله وإياكم لما يرضيه وجعل مستقبل حال الأمة خيراً مما هو عليه.