لم يسلم السياسيون في الأردن من تسريبات ويكيليكس، الموقع الإلكتروني الذي نشر البرقيات المرسلة من السفارات الأمريكية في العالم إلى واشنطن. فقد جاء في إحدى البرقيات المرسلة من السفارة الأمريكية في عمان إلى وزارة الخارجية في واشنطن أن زيد الرفاعي يقول لديفيد هيل: إن ضرب إيران عسكريا لمنعها من امتلاك القنبلة النووية يستحق المخاطرة لأنه يعود بفوائد كبيرة،..... وحتى الرياضة في الأردن لم تسلم من البرقيات التي ترسلها السفارة الأمريكية في عمان إلى وزارة الخارجية في واشنطن، كالبرقية التي تحلل فيها مجريات الأحداث التي صاحبت مباراة كرة قدم بين النادي الفيصلي ونادي الوحدات سنة 2009م، ما يدل على أن أمريكا تضع كل صغيرة وكبيرة في الأردن تحت المجهر، سواء كانت المسألة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو رياضية، أو غير ذلك لتستخدمها في الوقت المناسب، وهذا ما أكده إدوارد غنيم، السفير الأمريكي السابق في عمان، عندما قال للصحافيين: "أؤكد لكم أنها -أي السفارة- تعلم بكل ما يجري في الأردن". هذا السفير الذي أرسلته وزارة الخارجية الأمريكية إلى عمان ليخفف من آثار تلك التسريبات، وبخاصة على الذين وردت أسماؤهم فيها.
وإزاء هذه التسريبات، نبين ما يلي:
1- الدول الاستعمارية كأمريكا وبريطانيا وفرنسا، والدول التي تطمع في بلادنا كروسيا لا يجوز إنشاء علاقات دبلوماسية معها في حالة السلم وتعتبر دولا محاربة حكما؛ لأنها دول استعمارية وطامعة في بلاد المسلمين، فكيف إذا كانت محاربة فعلا؟! إنها الآن تشن حربا على المسلمين وتحتل بلادهم وتقتل أبناءهم وتدنس مقدساتهم وتهتك أعراضهم كما هو ظاهر للعيان في العراق وأفغانستان والصومال، والأصل في العلاقة معها الحرب ولا يجوز أن تكون لها سفارات في بلاد المسلمين. وعليه يجب إغلاق سفارات هذه الدول وقطع العلاقات الدبلوماسية معها.
2- أظهرت تسريبات ويكيليكس أن عدد البرقيات المرسلة من السفارة الأمريكية في عمان إلى واشنطن بلغ 4312 برقية منذ سنة 2002م، وأن ترتيبها هو الخامس على مستوى العالم، وقد سبقتها في ذلك أنقرة وبغداد، ما يدل على أن أمريكا تركز على المسلمين أكثر من باقي أمم الأرض، لأن الإسلام وحده الدين الذي سيسود الأرض، ومفاهيم الإسلام عن الحياة هي التي ستحل محل المفاهيم الغربية، في كل نواحي الحياة.
3- لقد ظهر من إرسال موفد خاص إلى الأردن حجم العملاء الذين انسلخوا من أمتهم ودينهم، ورضوا على أنفسهم أن يكونوا عبيدا للغرب فجاء هذا السفير السابق ليطمئنهم ويخفف عنهم من وطأة الفضيحة، ولكن الزجاج الذي انصدع لن يجبر. فهل يتعظ الذين في قلوبهم مرض ويسارعون فيهم؟!
4- أظهرت تسريبات ويكيليكس أن السفير الأمريكي يجوب البلاد طولا وعرضا، دون حسيب أو رقيب، ويتصل بالرجال البارزين والمؤثرين من مختلف القطاعات، سواء العشائرية أو الاقتصادية أو الحزبية أو النقابية أو المهنية أو.... إلخ، ليعرف أدق التفاصيل عن الأردن وما يجري فيها، كما ظهر من البرقية المتعلقة بالشغب الذي حصل أثناء مباراة كرة القدم التي جرت بين نادي الوحدات والنادي الفيصلي في تموز 2009م، البرقية التي يشرح فيها السفير الأمريكي لواشنطن كل مجريات الأحداث وخلفياتها.
إن هذا الاهتمام البالغ بأدق التفاصيل عن الأردن والأحداث فيها هو لتعرف أمريكا نقاط الضعف عند المسلمين وتلج منها لتثير النعرات والعصبيات المنتنة في الوقت المناسب، فتشعل الحرب الأهلية بين المسلمين، كما فعلت في العراق وأفغانستان والصومال وغيرها من بلاد المسلمين. فهل يدرك ذلك العقلاء ويفوتون الفرصة على أمريكا وأعوانها؟! ويمتثلون لقول الله تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}. (الأنفال 46)