دور إيران المساند للأنظمة التي أنشأتها أمريكا في العراق وأفغانستان!
التفاصيل
التاريخ الهجري 19 من ذي القعدة 1431
التاريخ الميلادي 2010/10/27م
رقم الإصدار: 1431 هـ / 18
دور إيران المساند للأنظمة التي أنشأتها أمريكا في العراق وأفغانستان!
بعد يومين من نشر صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية خبر تلقي حكومة كرازاي أموالاً من إيران، أكّد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، رامين مهمانبرست، يوم أمس أن إيران "قدمت مساعدة كبيرة.. لتسهيل استقرار أفغانستان"، بعد أن أقرّ الرئيس الأفغاني بتلقي أموال من إيران، وُصِفت بأنها تستخدم (لشراء ذمم سياسيين وأعضاء برلمان وزعماء قبائل أفغان، واستمالة عناصر حركة طالبان).
إن تصريحات الخارجية الإيرانية لا تكشف سراً، بقدر ما تحاول "تجميل" دور النظام الإيراني في دعم الأنظمة التي أنشأتها أمريكا في العراق وأفغانستان، منذ بدايتها، لوجستياً وأمنياً وسياسياً ومالياً. وهي كذلك لا تعلن جديداً، بقدر ما تسارع في "تطبيع" العلاقات الإيرانية-الأمريكية وإظهارها للعلن لتسهيل الدور الإيراني نحو المصالح الأمريكية في أفغانستان والعراق. فقد سبق لعدد من قادة إيران أن صرّحوا بدور إيران في إسناد الاحتلال الأمريكي في أفغانستان والعراق، منهم وزير الدفاع السابق علي شمخاني، ورئيس تشخيص مصلحة النظام والرئيس السابق، هاشمي رفسنجاني، ومحمد علي أبطحي، نائب الرئيس السابق، الذي صرح في 15/1/2004م قائلاً إنه "لولا الدعم الإيراني لما تمكنت أمريكا من احتلال أفغانستان والعراق بهذه السهولة!"، (مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل).
لقد دعا تقرير بيكر-هاميلتون، الصادر عام 2008م، الإدارة الأمريكية إلى اقتباس "التعاون" الإيراني-الأمريكي في أفغانستان وتكراره في العراق، وهو ما حصل بالفعل. فحين عُقدت اللقاءات الأمنية العلنية بين المسئولين الإيرانيين والأمريكيين أعلن أن هدفها هو "الحفاظ على استقرار العراق وأمنه"، وتبين بشكل قاطع أنها كانت لتخفيف الضغط على الاحتلال الأمريكي، وذلك بترسيخ النظام العميل الفاسد الذي أقامته أمريكا في بغداد، بغية إنقاذ أمريكا من مستنقع العراق عبر التعاون الأمني وتغذية الصراع الطائفي من جهة، وهو ما أوكل تنفيذ مخططاته للنظام الإيراني، وعبر تشكيل (الصحوات) وإشراك (السنة) في العملية السياسية من جهة أخرى، وهو ما أوكل للنظام السوري...
وها هي إدارة أوباما تسعى للخروج من المستنقع الأفغاني الذي يزداد سخونة مع كثافة وقع ضربات المقاومين، فتستنجد بالنظامين في باكستان، وفي إيران أيضاً، لتخفيف الضغط على الاحتلال الأمريكي، وتسهيل العملية السياسية التي تسميها بـ "المصالحة الوطنية" و"التسوية السلمية"، والتي تأمل أمريكا من خلالها أن تخدع أهل أفغانستان بتغيير شكل الهيمنة من احتلال عسكري ظاهر، إلى هيمنة سياسية واقتصادية وأمنية، ووجود عسكري طويل الأمد يتستر باتفاقيات أمنية، ومستشارين ومدربين لتأهيل قوات الجيش والشرطة الأفغانية. تماماً كما فعلت في العراق، حتى إنها بدأت بالسير في تشكيل (مجلس أبناء الشورى)، على غرار (مجالس الصحوات) العراقية.
وقد برز الدور الإيراني في أفغانستان بشكل لافت للنظر هذا الشهر، وذلك بمشاركة إيران لأول مرة في مؤتمر مجموعة الاتصال الدولية حول أفغانستان، والذي عُقد في 18/10/2010م، ونوقشت فيه العملية الانتقالية. وقد صرح ريتشارد هولبروك المبعوث الأمريكي إلى أفغانستان وباكستان (وفق وكالات الأنباء في 19/10/2010م) بالقول: (نُقر بأن لإيران دوراً تؤديه في التسوية السلمية للوضع في أفغانستان)، مشيراً إلى الجهود الدولية لتحقيق ما أسماه "استقرار أفغانستان"! طبعاً وفق المصالح الأمريكية، وبما يحقق هيمنة أمريكا ومصالحها، دون مقاومة تستنزفها عسكرياً وبشرياً ومالياً، وتزعزع مكانتها الدولية!