ما زال التيار الوطني الحر مصراً على الاستمرار في حملته الشعواء على حزب التحرير، حتى وصل به الأمر إلى فتح معركة كلامية مع وزير الداخلية ناسباً إليه الهرطقة لأنه لم يعتدِ بالمنع والقمع على مؤتمر الحزب الذي عقد داخل قاعة مقفلة في ملكية خاصة. وتوعد بأنه سيثير مسألة حظر الحزب في اجتماع مجلس الوزراء الذي سينعقد اليوم.
إن الرأي العام المتابع لهذه الحملة المشنونة على الحزب في الأسبوعين الأخيرين ارتسمت لديه علامات استفهام عريضة:
•من الذي أثار هؤلاء -وعلى رأسهم النائب عون- على الحزب على نحو مفاجئ ودون أي مسوغات أو مبررات؟!
•لماذا استدعى ميشال عون نشرة أصدرها الحزب العام الماضي تتعلق بالظلم الواقع على أهالي المخيمات وأوحى بأنها نشرة ضد نصارى لبنان؟!
•لماذا جعل النائب عون من نفسه رأس حربة في مواجهة حزب إسلامي له رصيده الواسع في لبنان وسائر العالم؟! وهل فقد الحد الأدنى من الحكمة ليعلن هذا العداء السافر؟!
•لماذا يغرّد النائب عون خارج سرب سائر التيارات السياسية التي كان بعضٌ من أبرزها ممثلاً في مؤتمر الحزب يوم الأحد الماضي؟! أليس اللبيب من الإشارة يفهم؟!
•ألم ينعقد مؤتمر حزب التحرير في بيروت، فأثبت للجميع رقيه وبعده عن الخطاب التحريضي والمذهبي والطائفي، فكان من بين المشاركين والمتكلمين إضافة إلى المسلمين شخصيات بارزة من النصارى؟!
•أليس التيار الوطني الحر هو الذي شن حملة طائفية منذ سنة 2007 ضد الجمعيات الإسلامية، إذ ضاق ذرعاً بازدياد عددها ورفع بذلك تقريراً إلى غبطة البطريرك محرضاً إياه عليها، كما رفع تقريراً إلى الأمم المتحدة يصف فيه الجمعيات الإسلامية المرخصة بالإرهابية؟!
•ثم لماذا وصف النائب عون الحزب في كلام له أمس بأنه يتناقض مع العيش المشترك؟ فهل قرأ في نشرات الحزب وكتبه ومؤتمراته ما يدعو إلى إلغاء غير المسلمين في البلاد الإسلامية؟! لا بل نحن على ثقة بأنه قرأ -وهو المتابع لإصدارات الحزب- أن النظام الذي يدعو إليه حزب التحرير -وهو نظام الإسلام- يرعى شؤون الناس جميعاً دون تمييز بين مسلم وغير مسلم وفق ما شرعته أحكام الشرع الإسلامي. فلم هذا الافتراء؟!
وعليه فإليك هذه الرسالة يا من تلعب دور فارس العصور الوسطى:
إن حزب التحرير أشمخ من أن تؤثر فيه حملتك، وأمضى من أن يوقف عمله أي قرار في الدنيا، وأرقى من نزاعات زعماء الطوائف اللبنانية، وأرسخ من أن يغير نهجه السياسي بين ليلة وضحاها، وأطهر من الخوض في الدماء وتدمير البلاد في معارك داخلية، وأغنى عن الخوض في الخطاب التحريضي الذي احترفته وأتقنته، فكفّ عن الصراخ والضجيج الذي يضرك ولا ينفعك.
لقد ناطح حزب التحرير بثباته وإصراره على دعوته أعتى الأنظمة القمعية في العالم الإسلامي، ولم يتمكنوا من إيقاف عمله، ولا زال يؤرق راحتهم بإصراره على كلمة حق، فمن تحسب نفسك وأنت تحاول ارتقاء هذا المرتقى الصعب؟!