أعلنت رئيسة دائرة فيينا لحزب الشعب النمساوي المحافظ (كريستين ماريك) في 22/4/2010 تأييدها لمنع النقاب وكذلك "البرقع" في الأماكن العامة وفي دوائر الدولة والمدارس والمستشفيات في النمسا، وبتصريحها هذا بعثت (ماريك) النقاش حول هذه القضية من جديد بعد أن كان قد خمد بعض الشيء في الأشهر الماضية.
التعليق:
بهذا التصريح انضم حزب الشعب المحافظ القريب من الكنيسة الكاثوليكية إلى سرب المُغَرِّدين بمنع النقاب والمظهرين عداوتهم السافرة للإسلام وأحكامه، ولقد كان هذا السِرب منذ سنوات قليلة مضت يقتصر على الأحزاب اليمينية الغوغائية المتطرفة التي تتجاهلها الأحزاب الأوربية العريقة وتتحرَّج من وجودها وتمتنع عن مشاركتها في الحكم والسلطان، أما اليوم فقد أصبح هذا السِرب يمثل التيار السياسي العام في أوربا، أنضمت إليه الأحزاب الأوربية بجميع ألوانها واتجاهاتها السياسية، من يمينية ويسارية ومتوسطة، وهناك الآن شبه إجماع بين السياسيين الأوربيين حول هذه القضية، أغلبهم يصرحون بالمنع تصريحاً والقلة منهم يُغَلِّفون تصريحهم بتحفّظات شكلية، ففي فرنسا يوشك المنع أن يكون على طاولة التصويت البرلماني ليصبح قانوناً نافذاً بعد أن أيّدته أغلب الإتجاهات السياسية، وفي بلجيكا كان الحظر مطروحاً للتصويت في الأسبوع الماضي، وكان سيحظى بأغلبية ساحقة لولا أن انهارت الحكومة البلجيكية جرّاء الخلافات القومية بين أحزابها المؤتلفة في صبيحة نفس اليوم.
والأمر الذي يثير العجب والتساؤل - ناهيك أنهم يضربون بكل ما يتشدقون به من حرية دين وحرية شخصية عرض الحائط - أن كل الأحزاب والسياسيين يقرون بأن قضية النقاب هي ليست ذات بال في الصورة العامة للمجتمعات الأوربية، فعدد المنقبات المسلمات في البلدان الأوربية يكاد أن يُعد على الأصابع، فهو لا يتجاوز بضع مئات في فرنسا كلها وبضع عشرات ربما في مدينة فيينا، فلماذا هذا الإصرار على بعث هذه القضية وعلى منع النقاب؟ رغم أنه لا يكاد يُشاهد، فلا يكاد يزعج أبصار عاشقي التبرج والإباحية.
والجواب على هذا هو أن السياسيين وأصحاب القرار عزموا على تضييق الخناق على المسلمين المقيمين في أوربا، والضغط عليهم ليندمجوا حسب التفصيلة الأوربية، وقضية منع النقاب هو أول إنذار لهم، وكأنهم يقولون للمسلمين: "اندمجوا حسب تفصيلتنا نحن أو ارحلوا، وأول من سنبدأ بطردهم المنقبات الآتي يرفضن حتى شكلاً الاقتراب من نمط حياتنا."
إن قضية منع النقاب هو ناقوس خطر على المسلمين المقيمين في الغرب أن ينتبهوا إليه، فالقضية ليست محصورة في النقاب وفي رأي شرعي مرجوح حتى يتنفس المسلمون غير الحاملين لهذا الرأي الصعداء ويقولون هذا الأمر لا يعنينا، بل القضية هي أشمل من ذلك والمُستهدف هو الإسلام كله، وعلى المسلمين أن ينظروا إلى القضية من هذا المنظار، وأن ينصروا أخواتهم المنقبات وأن يعلموا علم اليقين أن الكرّة ستأتي عليهم، وأن قضية النقاب هي اختبار و"جسّ نبض" للمسلمين، فإن هم سلّموا بهذا ورضوا سينتقل الغرب إلى الخطوة التالية للتضييق عليهم، وعليهم أن لا يفرطوا في إسلامهم شيئاً، وأن يتمسكوا به كاملاً، فالتفريط فيه هو الخذلان المبين وضياعٌ لهوية أولادهم وأحفادهم الإسلامية.
نكتة على الطرف: رئيسة حزب الشعب التي دعت إلى منع النقاب خصصت دعوتها بالحياة العامة، وقالت بأنها لا تمانع أن ترتدي المرأة النقاب في حياتها الخاصة، أي أمام زوجها ومحارمها، أما في الحياة العامة وأمام الرجال الأجانب فلا ... فحقاً ياله من إنصاف!!