خبر وتعليق: فضائح الإعتداء الجنسي تعم الكنيسة الكاثوليكية في الغرب كله
التفاصيل
"ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا "
فضائح الإعتداء الجنسي تعم الكنيسة الكاثوليكية في الغرب كله
الخبر:
امتلأت وسائل الإعلام في شتى البلدان الغربية بتقارير متتالية عن اعتداءات جنسية إجرامية للرهبان على الأطفال في المؤسسات الكنسية على مدى الخمس عقود الماضية. وأوقعت هذه التقارير الفاضحة الفاتيكان في حَرَج كبير أمام الرأي العام العالمي، وأخذ يبحث عن تبريرات كان بعضها مدعاة للسُخرية.
التعليق:
إن فضيحة الإعتداءات الجنسية هذه هي بحق فضيحة عالمية للمؤسسة الكنسية ككل، فقد ذُكر في أحد التقارير المتلفزة أن عدد حالات الإعتداء الجنسي في المؤسسات الكثوليكية في الولايات المتحدة تجاوز ال10470 حالة في السنوات الأخيرة، ارتُكبت من قبل ما يزيد عن ال4100 قس وراهب، وشملت إغتصاب الأطفال بين سن الثامنة والسابعة عشر، والألعاب الجنسية، وممارسة اللواط معهم، والضرب المبرح وغيرها كثير. وفي النمسا بلغ حجم الإبلاغ عن اعتداءات جنسية سابقة في إحدى المدارس الكاثوليكية الداخلية في مقاطعة "تيروليا" 51 بلاغاً في اليوم الواحد، وفي ألمانيا تجاوز عدد الإعتداءات المعروفة في الأديرة والمدارس الكنسية آلاف الحالات بما فيها اعتراف الأخ الأكبر للبابا الحالي بضربه الأطفال ضرباً مبرحاً لعقود، وفي هولاندا كشفت وسائل الإعلام عن اعتداءات جنسية منظمة في أحد الملاجئ الكاثوليكية للأطفال العُميان، وأن القساوسة كانوا يمارسون الجنس مع أطفال مُفَضَّلين لديهم في الصف المدرسي وأثناء الدرس، مستغلين عمى التلامذة وعدم رؤيتهم لما يجري حولهم، فكانت بمثابة "دروس خصوصية" من طراز خاص.
والأمر الذي زاد من غضب الرأي العام الغربي هو إصرار الكنيسة على ستر وإخفاء هذه الإعتداءات طوال العقود الماضية، فرغم علم الأساقفة وكبار الشخصيات الكنسية بهذه الإعتداءات إلا أنهم عمدوا إلى إخفائها بل وحتى إلى تهديد الضحايا وأهاليهم إذا بلّغوا عنها الصحافة والمؤسسات الحكومية، فرغم أن هذه الإعتداءات تُعَد من الجرائم الكبرى التي يعاقب عليها القانون الغربي عقوبة شديدة إلا أنه نظراً للعلاقة التاريخية الخاصة بين الدول الغربية والكنيسة - بعد أن فصلوا الدين عن الدولة - فإن المؤسسات الكنسية الغربية لها سيادة ذاتية منفصلة عن سيادة الدولة، ومنها أنه لا يوجد بلاغ إلزامي للكنيسة عن كل الجرائم التي تقع في داخل الحرم الكنسي، فهي غير ملزمة بإبلاغ الشرطة في كل الحالات.
وقد بات واضحاً للجميع أن السبب الرئيس في انتشار حالات الإعتداء الجنسي بين القساوسة والرهبان، وبهذا الشكل الإجرامي الفاضح، هو التَبَتُّل والعُزبة الإلزامية التي فرضتها الكنيسة على كل من يريد أن يصبح رجل دين فيها، فأدّى هذا الكبت لغريزة النوع أن لجأ الكثير من القساوسة إلى إشباعها بهذه الطريقة الإجرامية الشاذة، ورغم وجود نداءات حثيثة من داخل الكنيسة وخارجها لرفع العُزبة الإلزامية للقساوسة والسماح لهم بالزواج، إلا أن القيادات الكنسية وعلى رأسهم البابا يصرّون على التمسك بها بشكل مطلق ودون أي نقاش. وهنا يرد السؤال: ما هو السرّ وراء هذا الإصرار؟ علماً بأن هناك نقص حاد في عدد القساوسة، ما أدى إلى ضم عدة كنائس إلى قس واحد مع أن الأصل أن يكون لكل كنيسة وجمعية كنسية قس. ومعروف أن الكثير من الكاثوليك في الغرب المحبّين للكنيسة يعرضون عن سَلك مسلك الكهنوت والقَسْوَسَة بسبب العُزبة وحظر الزواج.
فما هو السر وراء هذا التمسك بالعُزبة؟ علماً بأنه لا يوجد في إنجيلهم أو توراتهم أي طلب أو أمر صريح بالتبتل، والسبب في ذلك كما يظهر هو مادي بحت، فالشخص الذي يقرر التَّرَهْبُن والقَسْوَسَة يسلّم كل أملاكه للكنيسة، وما ينتجه أو يحصل عليه من مال نتيجة عمله في حياته - كمعلم في مدرسة أو مزارع في حقل الدير أو ما شابه ذلك - يعود كاملاً إلى كنيسته وهي التي ترثه بعد وفاته، فلو كان متزوجاً وله أولاد فالذين يرثونه هم أولاده وليس الكنيسة، فبفرض العُزبة تضمن الكنيسة أن يكون ريع جدّه وعمله لها وحدها، لا يشاركها في ذلك لا أولاد ولا أقارب.
والجدير بالذكر أن الكنيسة الكاثوليكية هي من أغنى المؤسسات الرأسمالية في العالم، فلها شبكة من الأملاك والعقارات الثمينة في العالم أجمع، وأرصدة بنكية تقدر بالمليارات، وأسهم وحصص كبيرة في كثير من البنوك والشركات العالمية الكبرى، بما فيها شركات الإنتاج الحربي كالبنادق والدبابات.
فهذه هي الكنيسة وهذا هو واقعها ...
وختاماً نقول الحمد لله أولا ًوأخيراً على نعمة الإسلام