بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، أنزل القرآن، ورضي لنا دين الإسلام. والصلاة والسلام على من أنشأ الأمة الإسلامية، سيد الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخرج البخاري في صحيحه من طريق محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال النبي ﷺ أو قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وآله وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ».
وبعدَ تحرّي هلالِ رمضانَ المُباركِ في هذه الليلةِ ليلةِ السبت فقد ثبتَتْ رؤيةُ الهلالِ رؤيةً شرعيةً وذلك في بعضِ بلادِ المسلمين، وعليه فإنّ غداً السبت هو أوّلُ أيّامِ شهرِ رمضانَ المبارك لهذا العام 1443هـ.
وفي هذه المناسبة أنقل تهنئتي وتهنئة رئيس المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير وجميع العاملين فيه إلى أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة سائلين الله تعالى أن ينصره، وأن يعجل لنا بالنصر والتمكين على يديه.
رمضان هذا العام يأتي في لحظة يحاول فيها الغرب تحويل هجومه المعنوي الذي شنه طوال القرن الماضي على الحياة الخاصة بالمسلمين، إلى هجوم مادي مباشر عليها. فبعد فشل حملة (الحرب على الإرهاب) في إيجاد روح الاستسلام لدى الأمة الإسلامية، وبعد صدمة ثورات الربيع العربي التي تعرض لها حكام الغرب والتي قلبت الطاولة على عملائهم وكادت تُخرج نفوذ الغرب من بلادنا، حتى قال كبيرهم بأنها شيبت رأسه، بعد هذه الصدمات أدرك الغرب أن طبيعة الإسلام والمسلمين تحتم بأن وتيرة انتفاضات المسلمين على الأوضاع الاستعمارية ستزداد تباعا، وستستمر وتتصاعد حتى يسترجع المسلمون سلطانهم لا محالة.
ولكن قضية الضغط على روسيا وحصار الصين أصبحت مسألة داهمة على مصالح الغرب وعلى رأسه أمريكا، وقد احتاج هذا الأمر إلى أن تُسحب أجزاء كبيرة من قوات الغرب العسكرية واللوجستية من بلاد المسلمين. ولكن الغرب لا يريد أن يترك الأمة الإسلامية تلتقط أنفاسها حتى لا تعيد عليه وعلى عملائه الكرة. ولأجل هذا بدأ بإجراءات لإشغال المسلمين بأنفسهم عبر العبث بالحياة الخاصة بهم حول العالم؛ وجيّش معه لأجل هذا الأمر جميع العملاء والأدوات لكي تحل محله إلى أن يعود. فضاعف التطبيع بين الحكام في بلاد المسلمين وبين كيان يهود، وأدخل جحافل يهود إلى دول الخليج العربي، وبدأ بضرب التدين في بلاد الحرمين، فسجن العلماء واستبدل بهيئة الأمر بالمعروف هيئة الترفيه التي حاصرت المدينة المنورة ومكة المكرمة بالفواحش والمنكرات. وحذفت آيات من القرآن من مناهج التدريس في الأردن، وبدؤوا بالأمر ذاته في مناهج التدريس في مصر، وقاموا بالدس في مناهج التعليم في المناطق المحررة في سوريا. وحذف حكام آل سعود من مناهج التعليم ما ذم الله به يهود. وبدأ حاكم مصر بإحياء الفرعونية في احتفال عالمي لجثامين ملوك الفراعنة، وأطلقت أمريكا العنان للحاقدين من الهندوس لاضطهاد المسلمين في شبه الجزيرة الهندية، فسلخوا كشمير وهجروا المسلمين من آسام وسحبوا الحقوق المدنية من أعداد كبيرة من مسلمي الهند، وبدأوا بمنع المسلمات من لبس الخمار بقوة القضاء والقانون. وكذلك في أوروبا فقد انقضت فرنسا على الجالية المسلمة عندها فبدأت بإقفال المساجد وسنت القوانين لتتدخل في كيفية تنشئة المسلمين لأطفالهم داخل البيوت. أما الدول الاسكندينافية وعلى رأسها السويد فقد سعرت الهجوم على عائلات المسلمين وبدأت بأخذ أطفال المسلمين وإخفائهم عن ذويهم بحجج كيدية مخترعة، وترافق ذلك في بلاد المسلمين مع بدء عملية تفعيل بنود اتفاقية سيداو لتمزيق الأسرة المسلمة وبخاصة في الأرض المباركة فلسطين عبر تجريم وصاية الأب على عائلته وجعل الأسرة ورب الأسرة تحت رحمة الفجار. ولا ننسى مظاهر استقبال قتلة المسلمين ومغتصبي أرضهم وأعراضهم في الأسابيع الأخيرة، فمن مظاهر الأبهة التي حظي بها رئيس كيان يهود في تركيا، إلى مظاهر الود التي حصل عليها بشار أسد في دولة الإمارات، التي كانت بمثابة وضع الملح في الجرح لدى الأمة الإسلامية قاطبة.
أيها المسلمون... يا أهل القوة والمنعة:
إن الغرب الكافر لم يتمكن من القيام بهذه الاعتداءات لولا أن حكام المسلمين قد شرعوا له أبواب البلاد على مصاريعها ليعبث فيها كيفما شاء. ولذلك لن يوقف هذه الاستباحة للحياة الخاصة بالأمة الإسلامية، إلا أن يكون لها خليفة يجمع رجالها، ويسلطهم على أعدائها فينسيهم وساوس الشيطان. وإن الغرب لم يلجأ إلى هذه الإجراءات إلا لأنه أدرك مسألتين مهمتين: أولاهما أن الأمة الإسلامية ما زالت منتفضة على أوضاعها وتريد استعادة سلطانها وإخراج نفوذ الغرب من بلادها. وثانيتهما أن قضيتي روسيا والصين ستشغلان الغرب عن بلاد المسلمين ولذلك أوكل المهمة إلى الحكام العملاء. ولهذا فإن الفرصة سانحة لأن تتخلص الأمة من عملاء الغرب وخيانتهم، وأن تنعتق من نفوذه وتسترجع بلادها، وهذا الأمر معقود على أهل القوة والمنعة فيها، وبأن يؤيده الرأي العام بينها. فسارعوا أيها المسلمون في هذا الشهر المبارك بأطر أهل القوة والمنعة بينكم على نصرة الإسلام ليضعوا يدهم بيد حزب التحرير عسى أن يحقق الله النصر. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.
فإما هذا، أو أن ترضوا بالخزي في الدنيا وغضب الله في الآخرة! قال رسول الله ﷺ: «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ». رواه أبو داود، هذا في امرئ واحد فما بالكم يا أهل القوة والمنعة بالذي خذل أمة تعدادها ملياران؟! فالله الله في حرمات المسلمين، الله الله قبل أن يفوتكم الأوان.
وفي الختام ندعو الأمة الإسلامية في هذا الشهر الكريم لأن يكون شهر رمضان هذا العام انطلاقة جديدة في العهد مع الله في اتباع الحق رغم أنف الغرب وعملائه مستبشرين بنصر الله. قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
شهركم مبارك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ليلةَ السبت، الأول من شهر رمضان المبارك، لعامِ ألفٍ وأربعِ مئةٍ وثلاثة وأربعين للهجرة.
المهندس صلاح الدين عضاضة
مدير المكتب الإعلامي المركزي
لحزب التحرير
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
المركزي عنوان المراسلة و عنوان الزيارة
تلفون: 0096171724043
www.hizb-ut-tahrir.info فاكس: 009611307594
E-Mail: