[اعتمد مجلس الأمن الدولي فجر الثلاثاء خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاصة بقطاع غزة بعد إقرار مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة وبدعم مبادرة ترامب للسلام في القطاع، ووصف الرئيس الأمريكي ترامب تصويت مجلس الأمن على قرار غزة باللحظة التاريخية،... بي بي سي، 18/11/2025].. أما ما هو القرار المرقم 2803 فقد نشرته وسائل الإعلام وكان إقراراً بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 نقطة لإنهاء النزاع في غزة والصادرة في 29 أيلول/سبتمبر 2025.
وأشد ما جاء في قرار مجلس الأمن المذكور خطورةً هي أمور أربعة:
1- إنشاء مجلس السلام (BoP) بصفته إدارة انتقالية ذات شخصية قانونية دولية تضطلع بوضع الإطار وتنسيق التمويل لإعادة تطوير غزة وفقاً للخطة الشاملة وبما يتفق مع مبادئ القانون الدولي ذات الصلة، وذلك إلى أن تُتمّ السلطة الفلسطينية برنامج إصلاحها.
2- تنفيذ إدارة حكم انتقالية، بما يشمل الإشراف والدعم للجنة فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية من الكفاءات من سكان القطاع.
3- يأذن للدول الأعضاء العاملة مع مجلس السلام وللمجلس ذاته بإنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة (ISF) في غزة تُنشر تحت قيادة موحّدة مقبولة لدى مجلس السلام، وتُسهم فيها قوات من الدول المشاركة.. ومع قوة شرطة فلسطينية جديدة مُدرَّبة ومُدقَّق في أفرادها، للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية؛ واستقرار البيئة الأمنية في غزة عبر ضمان نزع السلاح في القطاع، بما يشمل تدمير البُنى التحتية العسكرية والإرهابية والهجومية ومنع إعادة بنائها.
4- يقرر أن مجلس السلام والحضورين المدني والأمني الدوليين المأذون بهما بموجب هذا القرار سيظلان مفوّضين حتى 31 كانون الأول/ديسمبر 2027، رهناً بأي إجراء لاحق من قِبل المجلس.. وأن يقوم باتخاذ التدابير لتيسير حركة الأشخاص دخولاً وخروجاً من غزة بما يتفق مع الخطة الشاملة.. ويطلب إلى مجلس السلام أن يقدّم تقريراً خطياً إلى مجلس الأمن كل ستة أشهر بشأن التقدم المحرز إزاء ما تقدم.
أيها المسلمون: إن الناظر في قرار مجلس الأمن هذا لا يحتاج عمق تفكير ليدرك أنه إعلان الوصاية والاستعمار لغزة، فهو يتضمن تشكيل جهاز حكم (مجلس سلام)، وهذا المجلس ينشئ (قوة استقرار دولية)، ويستمر المجلس والقوة التي ينشئها أكثر من عامين، أي حتى 31/12/2027، وهو حد غير نهائي بل هو رهن (بأي إجراء لاحق من قبل المجلس)! ثم إن المجلس ينشئ كذلك (إدارة حكم انتقالية) ويشترط أن تكون غير سياسية لإبعادها عن شئون الحكم.. ولا يكتفي بذلك بل إن هذا المجلس يتحكم في حركة الأشخاص دخولاً وخروجاً من غزة!! أي أن هذا القرار المشئوم هو فوق الوصاية والاستعمار!
أيها المسلمون: إن قرار مجلس الأمن هذا ليس ابن ساعته بل صنعه ترامب بموافقة أتباعه من الحكام في بلاد المسلمين منذ اجتماع الأمم المتحدة في شهر أيلول 2025 حيث ترأس ترامب اجتماعاً ضم السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن وتركيا وإندونيسيا، وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء 23/9/2025 واصفا إياه بأنه أهم اجتماع، ثم عرض، أو فرض، عليهم خطة من 20 نقطة وكانت بنود خطته العشرون تنطق بضياع غزة والوصاية عليها واستعمارها لتكون غزة حديقة يستمتع بها ترامب وربائبه اليهود! ثم بعد ذلك أقام السيسي في أرض الكنانة احتفالاً بترامب وخطته المشئومة بضياع غزة تحت هيمنة ترامب ولصيقه نتنياهو.. وابتهج رويبضات الحكام في بلاد المسلمين بولائهم لترامب وتنفيذ خطته! ونسي هؤلاء الحكام أو تناسوا أن ولاءهم للكفار جريمة تورثهم صغاراً في الدنيا والآخرة ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ﴾.
أيتها الجيوش في بلاد المسلمين: ألا تغلي الدماء في عروقكم وغزة هاشم تباع وتشترى وأنتم ترون وتسمعون؟ ألا تشتاقون إلى إحدى الحسنيين وأنتم ترون وتسمعون مجازر يهود في أهل غزة من أطفال وشيوخ ونساء؟ ألا تثأرون للمساجد والمدارس والمستشفيات التي تقصف وتدمر فوق المحتمين بها من العدوان الوحشي الذي طال كل شيء في غزة من بشر وشجر وحجر؟ ألا تشتاقون إلى عز الدنيا والآخرة فتنصروا الله ينصركم؟ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُم﴾.
أفلستم أيها الجند في جيوش المسلمين بقادرين على اتباع من سبقوكم من جند الإسلام فتحرروا فلسطين وغزة هاشم؟ بلى إنكم لقادرون فأنتم تحيطون بكيان يهود إحاطة السوار بالمعصم، ولكنكم تحتاجون قائداً مخلصاً صادقاً.. أفليس فيكم مثل هذا القائد فيقودكم لقتال عدوكم الذي ضربت عليه الذلة والمسكنة، وهو لا ينتصر في قتال معكم ﴿وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾؟ ومن ثم يقود هذا القائد جند الإسلام، فيحرر غزة هاشم وأولى القبلتين وثالث الحرمين، وتصدع في جنباته تكبيرات النصر كما صدع بها الفاروق عند الفتح، وصلاح الدين عند تحرير بيت المقدس، وعبد الحميد عند حمايته للأرض المباركة من شرّ يهود... ومن ثم تحقيق بشرى رسول الله ﷺ «لَتُقَاتِلُنَّ الْيَهُودَ فَلَتَقْتُلُنَّهُمْ...» أخرجه مسلم في صحيحه...؟
أيتها الجيوش في بلاد المسلمين: إن غزة تستنصركم فانصروها ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾، فقد طفح الكيل حتى وصل الأمر إلى الوصاية والاستعمار! وإن طاعتكم لحكامكم في عدم قتال عدوكم لإعادة الأرض المباركة، أرض الإسراء والمعراج، إلى دار الإسلام، هذه الطاعة تورثكم خزياً في الدنيا وعذاباً أليماً في الآخرة.. حتى الحكام الذين تطيعونهم سيتبرؤون منكم.. ومن ثم تندمون ولات حين مندم: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾.
﴿إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾
في الثامن والعشرين من جمادى الأولى 1447هـ
الموافق 19/11/2025م حزب التحرير






