بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخرج البخاري في صحيحه من طريق محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال النبي ﷺ أو قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وآله وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ».
وبعدَ تحرّي هلالِ رمضانَ المُباركِ في هذه الليلةِ ليلةِ الاثنين فقد ثبتَتْ رؤيةُ الهلالِ رؤيةً شرعيةً وذلك في بعضِ بلادِ المسلمين، وعليه فإنّ غداً الاثنين هو أوّلُ أيّامِ شهرِ رمضانَ المبارك لهذا العام 1445هـ.
وفي هذه المناسبة أنقل تهنئتي وتهنئة رئيس المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير وجميع العاملين فيه إلى أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة، سائلين الله أن ينصره، وأن يعجل لنا بالنصر والتمكين على يديه.
رمضان هذا العام يأتي والعالم يشهد الصدام الحاصل ما بين إرادة الأمة الإسلامية بأن تتمسك بالأرض المباركة فلسطين، وبين إرادة الغرب الكافر المستعمر بأن يفرض كيان يهود المحتل للأرض المباركة أمرا واقعا. فلقد شغل هذا الصدام العالم بأسره، ولم يعد يمر أي حوار سياسي في أي منصة إلا ويُسأل صاحبه إلى أي جهة ينحاز. ولقد كشف هذا الصدام أموراً عدة لا بد من التوقف عندها لكي ندرك أين هي الأمة الإسلامية.
لقد أصبح واضحا أن مسيرة التطبيع فاشلة منذ ولادتها، فكل الكلام الذي حاول الإعلام المأجور أن يصوره بأن شعوب الأمة الإسلامية بدأت تتقبل فكرة كيان يهود لم يكن إلا كذباً من الحكام على الشعوب، وهؤلاء ليسوا إلا الشرذمة الأنذال التي تبتلى فيهم كل جماعة بشرية، فحكامنا لم يقربوا منهم إلا الأنذال الذين هم على طرازهم الخائن.
لقد ثبت لدى الأمة الإسلامية أن للجيوش دوراً مفصلياً في حل قضاياها. فبعد أن خاضت الأمة الإسلامية الربيع العربي ضد الحكام من غير أن تلتفت لدور الجيوش بشكل صحيح، ها هي اليوم تناديهم أين أنتم يا جيوش المسلمين؟ لماذا لا تتحركون لنجدة غزة؟ وهذا بإذن الله يؤذن بربيع جديد، ولكنه هذه المرة "ربيع جيوش المسلمين"، حيث تنطلق جيوش المسلمين من ثكناتها وتضع يدها بيد الأمة الإسلامية نصرة لها ولدينها. أما حال الحكام الخونة فلن نطيل ذكرهم في هذا المقام فهم قد أنتنوا في هذه الحرب كما لم ينتنوا من قبل، والأمة لم تعد تتحملهم، وهي تنتظر أن تتخلص منهم في أقرب فرصة.
كذلك أحست الأمة الإسلامية بثقل مؤامرة تقسيم بلاد المسلمين، فلقد حاول شباب الأمة الإسلامية السير إلى فلسطين على الأقدام من بلاد عدة ولكن الحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو منعتهم من الوصول إلى الأرض المباركة، فأدرك الكثير منهم أن هذه الحدود ما رسمت إلا لتكون سجناً يمنع الأمة الإسلامية من أن تغيث نفسها.
أما أهل غزة هاشم فلقد سطر ضعافهم من الأطفال والنساء والشيوخ مشاهد من الصبر والثبات على الابتلاء في سبيل أن تكون كلمة الله هي العليا بالقدر الذي سطره أشداؤهم من مشاهد الإقدام والشجاعة في سبيل أن تكون كلمة الذين كفروا هي السفلى. فأزال أهل غزة بذلك الغبار عن الخط المستقيم الذي رسمه الإسلام، حاضنة مسلمة مؤمنة تبتغي ما عند الله فوق كل أمور الدنيا، وشباب مجاهد لا يغمض له جفن حتى يظفر بعدوه. وما بين الذي يطير فرحا بأن "الدبابة ولعت!" وبين سكينة ورضا الجد الذي يقبل عيون "روح الروح"، فقد ألهم أهل غزة العالم بأن الإسلام شيء عظيم.
أيها المسلمون:
إن الأحاسيس متيقظة والصورة جلية والوجهة معروفة؛ تحرك الجيوش والتخلص من الحكام وكسر الحدود. فلا تدعوا تضحيات أهل غزة تذهب سدى، لا تجعلوا الشهر الفضيل ينقضي إلا وقد قضيتم على مؤامرة سايكس بيكو وأقمتم الخلافة الراشدة من جديد. فالخلافة كانت طوال التاريخ هي الطريقة العملية لتوحيد قوى المسلمين، فهي النظام السياسي الذي كانت الأمة الإسلامية تعمل من خلاله لكي تحقق مصالحها وتنتصر على عدوها. ولقد أثبتت لكم الأيام أن أي نظام سياسي غير الخلافة لم يأت للمسلمين إلا بالخزي والعار والخسران والمذلة. فتحرير فلسطين يحتاج إلى تحرير بلاد المسلمين من حدود سايكس بيكو، ولا يستطيع فعل ذلك إلا جيوش المسلمين فهم أصحاب القوة الحقيقية في بلادنا، وهم أبناؤكم فحرضوهم وأطروهم على إقامة الخلافة أطرا.
قال تعالى: ﴿وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً﴾
ليلةَ الاثنين، الأول من شهر رمضان المبارك، لعامِ ألفٍ وأربعِ مئةٍ وخمسةٍ وأربعين للهجرة.
المهندس صلاح الدين عضاضة
مدير المكتب الإعلامي المركزي
لحزب التحرير