بسم الله الرحمن الرحيم
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾
أيها الناس.. أيها المسلمون.. أيها الجند في جيوش المسلمين:
اجتمع نحو ستين حاكماً في بلاد المسلمين من العرب والعجم في الرياض السبت 2023/11/11 لمناقشة عدوان يهود على غزة، أي بعد أكثر من شهر مضى على عدوان يهود، وبعد أكثر من أحد عشر ألف شهيد ونحو ثلاثين ألف جريح، وكأن هؤلاء الحكام كانوا ينتظرون أن يرتكب اليهود أقصى ما يستطيعون من جرائم ضد أهل غزة! هكذا!.. وقد كان هؤلاء الحكام لكثرتهم قد ملأوا شاشات وسائل الإعلام! ثم بدأوا يتكلمون.. ويذكرون الأعمال الوحشية لكيان يهود في غزة، فيقول قائلهم: حل الصراع هو حل الدولتين.. يجب فك الحصار عن غزة.. نطالب مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته لوقف الحرب على شعبنا.. نطلب فتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية لأهل غزة.. (إسرائيل) تمارس العقاب الجماعي.. الوضع كارثي وصادم في غزة.. قصف المستشفيات والمدارس والمؤسسات جريمة.. نطالب بوقف فوري لإطلاق النار.. (إسرائيل) تتحمل مسؤولية الانتهاكات ضد المدنيين.. الكيان الصهيوني انتهك القوانين الدولية واستعمل أسلحة غير مسموح بها.. أمريكا تدعم الكيان بالأسلحة.. وأحدهم أرسل سلاماً للمقاومين في غزة...إلخ وهي كلمات لا تسمن ولا تغني من جوع، فلا تنصر غزة ولا ترد عدواناً عليها! وأمثلهم طريقة من أرسل سلاماً إلى المقاومة في غزة وهو يرقب من بعيد! فممَّن يطلبون فك الحصار ووقف الهجوم على غزة وفتح المعابر.. وهم قاعدون؟!
ثم بعد أن طوى كل منهم الورقة التي كانت كلمته مسطورة عليها واستراحوا.. أصدروا بيانهم الذي كان صدىً لكلماتهم في بداية المؤتمر فدانوا العدوان.. ووصفوه بانتهاك القانون الدولي.. وطالبوا مجلس الأمن باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان ويكبح جماح سلطة الاحتلال الاستعماري التي تنتهك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية".. ودعا البيان إلى "كسر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية".. وتكليف عدد من وزراء الخارجية بدء تحرك دولي فوري لوقف الحرب على غزة... إدانة تهجير حوالي مليون ونصف من شمال قطاع غزة إلى جنوبه... إدانة العمليات العسكرية التي تشنها قوات الاحتلال ضد المدن والمخيمات الفلسطينية... إدانة الاعتداءات (الإسرائيلية) على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس... إعادة التأكيد على التمسك بالسلام كخيار استراتيجي... حل شامل يضمن وحدة غزة والضفة الغربية دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من حزيران 1967...!
وهكذا كان اجتماعهم وكلامهم واستراحتهم ثم بيانهم.. لا يقدم ولا يؤخر بالنسبة لجرائم يهود في قتل الأطفال والنساء والشيوخ، بل وهدم المستشفيات والمساجد والبيوت والحجر والشجر...! ليس هذا فحسب بل قطعوا الكهرباء ومنعوا الوقود والدواء إلى المستشفيات والمرضى داخلها حتى زادت الوفيات وتراكمت الجثث على أرض المستشفيات دون أن يستطيع أهلها دفنها.. وكل ذلك على سمع وبصر الحكام في بلاد المسلمين!
أيها الناس.. أيها المسلمون.. أيها الجند في جيوش المسلمين:
كيف لا يدرك أولئك الحكام ولا يعقلون أن اعتداء جيش العدو يحتاج إلى جيش يقف في وجهه فيشرد به من خلفه؟ ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾.
كيف لا يدركون أن من ضربت عليه الذلة والمسكنة يتمادى في وحشيته إذا لم يقف أحد في وجهه؟ كيف؟! هل رد العدو يكون بكلمات منمقة من حكام المسلمين بدل تحريك الجيوش لقتالهم؟ ألم يسمعوا قول الله القوي العزيز: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾.
كيف لا يدركون أن فلسطين هي أرض المسجد الأقصى التي باركها الله من حوله؟ ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ أليس حل الدولتين الذي ينادي به أولئك الحكام، أليس هذا الحل خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين؟ هل أرض الإسلام تقبل القسمة بين أهلها وبين أعدائها؟ هل جمع من الدول في بلاد المسلمين المحيطة بفلسطين لا تملك جنداً قادرين على إطباق الخناق على هذا الكيان المسخ الذي احتل فلسطين وأخرج منها أهلها؟ أليس جند المسلمين بقادرين على إزالة هذا الكيان وإعادة فلسطين كاملة كما كانت دار إسلام مشرقة من جديد؟ أليس من احتل أرض المسلمين وأخرج أهلها منها يستحق أن تقاتله جيوش المسلمين ويخرجوه منها كما أخرج أهلها؟ ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾ كيف لا يدركون أن هذا فرض عظيم؟
إن هؤلاء الحكام لا شك يدركون، ولكن غلبت عليهم شقوتهم، فهم طوع بنان الكفار المستعمرين وخاصة أمريكا، يقولون قول الدول الكافرة المستعمرة ويفعلون فعلها، ولا يردون لها طلباً حفاظاً على كراسيهم المعوجة ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُون﴾.
أيها الناس.. أيها المسلمون.. أيها الجند في جيوش المسلمين:
إن مصيبة هذه الأمة في حكامها، فهم يشهدون جثث الشهداء بأعينهم، ويسمعون صراخ الأطفال بآذانهم، ويرون نزوح الناس من بيوتهم بأطفالهم ونسائهم في مناظر تدمي القلوب.. شهد الحكام كل هذا، ولامس سمعهم وبصرهم ولكنه لم يلامس نخوة المعتصم! وكل هذا في الوقت الذي هم فيه يحيطون بكيان يهود إحاطة السوار بالمعصم ومع ذلك فلا يحركون جيشاً ولا يجيبون مستغيثاً.. هانوا على أنفسهم وما لجرح بميت إيلام!
أيها الناس.. أيها المسلمون.. أيها الجند في جيوش المسلمين:
ألستم تؤمنون بالله ورسوله؟ ألستم أبناء خير أمة أخرجت للناس؟ ألستم أبناء المجاهدين الفاتحين الذين نشروا الخير في ربوع العالم؟ أليس الجند هم أبناءكم؟ ألا تستطيعون دفعهم للقتال وهم قادرون بإذن الله على إحقاق الحق ونصرة إخوانهم في الأرض المباركة ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ فهلم أيها الجند إلى نصرة إخوانكم في غزة الذين يقاتلون كيان يهود المغتصب للأرض المباركة.. هلم أيها الجند إلى قتال من ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله.. هلم أيها الجند إلى إعادة فلسطين كاملة إلى الإسلام والمسلمين.. هلم أيها الجند إلى نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين.
أيها الناس.. أيها المسلمون.. أيها الجند في جيوش المسلمين:
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾
التاريخ الهجري :28 من ربيع الثاني 1445هـ
التاريخ الميلادي : الأحد, 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2023م
حزب التحرير