حزب التحرير يحاور مفكرين وإعلامين في بيت جالا في ذكرى هدم الخلافة
ضمن فعاليات حزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين إحياءً للذكرى الخامسة والتسعين لهدم الخلافة، عقد شباب حزب التحرير في محافظة بيت لحم أمسية حوارية في القضايا السياسية والفكرية ذات الصلة بفكر الحزب ومنهجه ومواقفه، وذلك في حديقة البط بمدينة بيت جالا، وشارك فيها نخبة من المحامين والسياسيين والصحفيين في حوار معمّق، وتحدث فيها عضو المكتب الإعلامي للحزب، الدكتور ماهر الجعبري، والمفكر السياسي من الحزب أحمد الخطواني، حيث دار خلال الأمسية نقاش سياسي حول الخلافة و"الحرب على الإرهاب". ونقل الصحفي نجيب فراج عن المشاركين في النقاش بأنه "تم بشكل حضاري وبجو من الاحترام، وأثنى الحضور على تميز وإيجابية الحوار في اللقاء".
وقدم الجعبري فيها مداخلة افتتاحية حول قواعد نظام الحكم التي جعلت السيادة التشريعية للشرع لا للشعب، بينما جعلت السلطان التنفيذي للأمة، وأوجبت أن تكون للمسلمين دولة واحدة وموحَدة، يكون الخليفة فيها صاحب الحق في تبني الدستور المستمد من الوحي. وقدم الخطواني مداخلة بيّن فيها أن الحرب على الإرهاب تعني الحرب على الإسلام، وأن الدول الغربية تخوض هذه الحرب لإثارة الناس ضد الإسلام، ولأن المسلمين يرفضون التبعية لها، ويريدون التحرر من هيمنتها.
وتساءل المحاوِرون حول دولة الخلافة، وواقعية الدعوة لها، إذ تساءل الصحفي والسياسي حسن عبد الجواد عن قبول الآخر والتنوع، وكذلك طالب بموقف واضح للحزب فيما يخص السلفية الجهادية وتنظيم الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة، وعن موقف الحزب من مسألة "التكفير"، وهو ما تساءل عنه أيضا المحامي فريد الأطرش مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في جنوب الضفة الغربية، وأضاف مستفسرا عن منهج الحزب، وعن عدم انخراطه في الحراك المحلي الذي وصفه بالنضال الفلسطيني.
وتساءل الصحفي نجيب فراج عمّا اعتبره تباينا في مواقف الحزب من إيران وسوريا والفصائل الثائرة فيها، وعن جدوى طلب النصرة من جيوش الأمة لإقامة الخلافة، ثم تساءل عن موقف الحزب من الجيش السوري الذي تقاتله الفصائل المسلحة في الشام، وعن موضوع حمل السلاح من قبل الحزب. وتساءل عن مواجهة الحزب للنشاطات المخالفة للشرع في فلسطين، مما وصفه بالعمل المادي، في الوقت الذي ينكر فيه الحزب القيام بالأعمال المادية.
وفي مداخلة للصحفي والمحلل السياسي حمدي فراج، أكد على أهمية الدور الدعوي والفكري الذي يخوضه حزب التحرير في خطابه الذي يناهض الاحتلال، وهو ما وصفه بالنضال الدعوي (أو النظري)، وتساءل عن جدوى الدعوة للخلافة وعن وصف الخلافة السابقة بالعثمانية كخلافة تعود لاسم العائلة مما يحمل مضمون الإشارة إلى ممالك لها طابع عائلي كآل سعود مثلا، مما اعتبر أنه انتزع جوهر الخلافة الإسلامية وأهدافها السامية التي أطلق عليها في الحقبة الأولى منذ نشوء الإسلام بالخلافة الراشدة.
وفي الردود على تساؤلات الإعلاميين والسياسيين، شدّد الدكتور ماهر الجعبري أن الخلافة هي دولة بشرية وليست إلهية أو ثيوقراطية، وتكون للناس وليست خاصة بالمسلمين، وأشار إلى شواهد تاريخية حول نجاعة الخلافة في تحقيق الرفاهية للناس، وأضاف وأن المسلم يلتزم بقوانينها تعبدا، بينما يلتزم غير المسلم ذلك كتنظيم سياسي واقتصادي. ويعيش فيها المسلمون وغير المسلمين بأمان ويشاركون في ملكيات الأمة العامة كالنفط والموارد الطبيعية، وأن لغير المسلمين ما للمسلمين من إنصاف وعليهم ما على المسلمين من انتصاف.
وفي الرد حول الموقف من الأعمال الجهادية والعسكرية في الشام، أوضح الجعبري أن الحزب تحدث عن الجرائم التي ارتكبت باسم الإسلام، ولكنه لم ينجر خلف نهج الإعلام لتجريم المسلمين، بينما يتم الصمت عن جرائم الروس والأمريكان والنظام السوري، وشدد على أن حزب التحرير لا يمارس نهج "التكفير" إطلاقا لا للفصائل الفلسطينية، ولا للحكام ولا لرجالات السلطة وأجهزتها.
وعن منهج الحزب، اعتبر الجعبري أن تحرير فلسطين هو عمل عسكري ومهمة للجيوش، ومن هذا المنظور فإن الحزب هو الوحيد الذي تصبّ أعماله في خدمة قضية التحرير، وبيّن أن مواقف الحزب من الأحداث تتابع طبيعتها "الديناميكية"، ومع ذلك تظل مستندة للثوابت الشرعية، وليس ثمة من مواقف مقولبة وجاهزة حول الأطراف، ولذلك فإن الحزب يحرص على التواصل مع كل حراك ثوري لتوجيهه نحو مشروع الخلافة، كما حصل في إيران ومصر، ولكن عند تبني دستور علماني يقوم الحزب بنقض ذلك الدستور لمخالفته للشريعة. ثم أوضح أن الحزب تحدث عن ضباط يحملون غاية الخلافة ضمن صفوف الجيش السوري، لذلك فهو لا يدعو للقضاء عليه، وإنما لزلزلة أركان النظام المستبد. وفند الجعبري عدم صحة قيام الحزب بأي تصدي مادي للنشاطات التي تخالف الإسلام، وبين أن الحزب يتصدى لذلك سياسيا فقط.
وبين الخطواني أن طلب النصرة من الجيوش هو حكم شرعي، وأوضح أن الحزب يلتزم نهج التغيير السياسي ضمن قدراته، ولم يدّعِ يوما أنه تنظيم عسكري، وبين أن الخلافة التي يدعو لها الحزب هي على منهاج النبوة، وليست قبلية ولا إقليمية أو وطنية، وشدد على أن رسالة الإسلام جاءت لتحرر الإنسان كل الإنسان بغض النظر عن دينه أو عرقه من العبودية للأصنام والأهواء والتشريعات البشرية التي تخدم المستبدين والطغاة على مر العصور ليعيشوا في ظل أحكام ربانية.