قضية فلسطين-4: منظمات فدائية وحلول سلمية!
الدكتور ماهر الجعبري
يتناول هذا المقال استعراض تطور الحالة الفدائية، وعلاقة ذلك بالأنظمة ضمن فترة السبعينات، وما توافق معها من الخطاب السياسي الذي تبلور لدى الأنظمة العربية بعد الحروب الأولى، وذلك ضمن سلسلة "قضية فلسطين".
ضمن الصراع السياسي بين الدول الاستعمارية على النفوذ وعلى المصالح فيما سمّيت منطقة الشرق الأوسط، استمر التنافس على نوع الحل وعلى من يفرضه، بينما ظلت قضية ترسيخ أقدام اليهود فوق أرض فلسطين موضع اتفاق. وكانت الحروب أداة لدفع الرؤى السياسية لأرض الواقع، وساحة تدافع بين أمريكا وبريطانيا، وتدخلات من فرنسا وروسيا. وظل أهل فلسطين ومحيطهم يُقَتّلون، بدءا من المذابح التي سبقت ورافقت النكبة عام 1948، التي تقصّد المستعمرون فيها إيقاع الهزائم الفظيعة لقتل الروح المعنوية عند الأمة، مرورا بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، التي تأكد فيها واقع الدولة اليهودية كأداة استعمارية –في يد بريطانيا في حينه- لضرب الأمة الإسلامية، ثم وصولا إلى النكسة عام 1967، التي روّج اليهود من خلالها دعوى "إسرائيل التي لا تقهر"، وتلاها اعتداءات يهودية بين الحين والآخر، مما كان سيرا ضمن مخططات بريطانيا في اتخاذ الحروب أداة لفرض رؤيتها ولعرقلة المشروع الأمريكي، الذي ظل (في الخمسينات والستينات) مستندا إلى العمل السياسي والدبلوماسي، لتحقيق مصالح أمريكا.
وظلّت جامعة الدول العربية شاهدة زور على تلك الدماء التي تراق، وساحة صراع بين حكّام يدفعون الحلول والمصالح الأمريكية، وآخرين يدفعون الحلول والمصالح البريطانية. واستمرت وتيرة تلك المناورات السياسية وظل جمال عبد الناصر طرفا رئيسا فيها حتى وفاته في أيلول من العام 1970، وبدأت الحالة السياسية في الشرق الأوسط في إعادة التشكل:
بعد تلك الحروب، كانت مجريات السياسية قد أخذت في التغيّر مع نهاية الستينات، وصارت أعمال الأنظمة العربية تدور حول مشاريع "الانسحاب" لا "التحرير"، وصار خطابها "قانونيا"، وعملها سياسيا ضمن المحافل الدولية والعربية، لا عسكريا من خلال الجيوش. ولم يكن رفع شعار اللاءات الثلاثة (لا للمفاوضات ولا للصلح ولا للاعتراف) في مؤتمر الخرطوم عام 1967 إلا أداة ضمن صراع الرجالات والولاءات، لا حقيقة، حيث كانت "الحلول السليمة" قد بدأت بالرواج بعدما ارتفعت أصوات القابلين بها.
وتوازى منطق "الحقوق بدل الحروب" مع خط "تسليم قضية فلسطين للفلسطينيين"، من أجل دفع أهل فلسطين لتبنّي لغة الحقوق والعمل السياسي، بعد أن يعبروا لمرحلة اليأس من التحرير، وذلك بعد المرور بمرحلة عمل التنظيمات الفدائية. واستمر طرح الحلول السياسية ضمن المناورات السياسية من قِبَل أمريكا في ظل التوجه البريطاني لإشعال المنطقة، وظلّ كل من "حل الدولتين" و"حل الدولة" قائما مع مطلع السبعينات، مع تعديلات طفيفة، منها تراجع أمريكا عن تدويل القدس إطفاءً لنار الحرب التي تحاول بريطانيا إشعالها. ولأن بريطانيا ظهرت على حقيقتها كدولة ضعيفة، (حيث اعتبرت من الدول الكبرى من قبيل الاستمرار على نسقها زمن الاستعمار) فقد ظلّت سياستها قائمة على مبدأ وضع العصا في العجلة الأمريكية لتحقيق بعض المكاسب.
وكانت منظمة التحرير الفلسطينية قد دُعيت لحضور مؤتمر القمة الخامس في الرباط مع نهاية عام 1969، حتى يتم تسلميها القضية رسميا، ضمن سياسة أمريكا في حصر "الصراع" بين الفلسطينيين واليهود، وذلك من أجل إقامة "الكيان الفلسطيني" على جزء من أرض فلسطين. وكان جدول أعمال المؤتمر قد تضمن "إسناد المقاومة الفلسطينية"، تأكيدا على تسليم القضية للفلسطينيين، وتمهيدا لسير المنظمة في مسيرة الاعتراف والمفاوضات والصلح، وهي مسيرة أخذت في الانكشاف في أجندة الأنظمة بوضوح أكثر. ولم يصدر عن ذلك المؤتمر بيانا ختاميا، مما كشف عن وجود قرارات سرية لم يعلنها الحكام فيه، ولذلك اُعتبر المؤتمر من أخطر وأفظع مؤتمرات الحكام، وخصوصا أنه كان بداية "حمل" مفضوح لمسيرة الاعتراف بالوجود السياسي لليهود في فلسطين، كما كشف ملك المغرب في كلمته فيه، عندما قال "أن حرب حزيران جعلتنا أكثر واقعية ... قد قبلنا الأمر الواقع وهو وجود إسرائيل أو وجود الكيان السياسي لليهود في فلسطين"، وعبر عن القضية بأنها "قضية الشعب الفلسطيني".
وتمت إعادة صياغة الحل الأمريكي –على أساس الدولتين- في نهاية الستينات، ومطلع السبعينات تحت عنوان "مشروع روجز" (نسبة لوزير الخارجية الأمريكي)، وكان المشروع عبارة عن أسلوب لتنفيذ قرار التقسيم رقم 242، وقد طُرح على الأردن ومصر والكيان اليهودي كمبادرة للحلول الأمريكية التي تستند أساساً إلى تنفيذ القرار 242، وإقامة مباحثات (مفاوضات غير المباشرة) للتوصل إلى اتفاق سلام "عادل ودائم" على أساس الاعتراف بالسيادة وسلامة الكيان الإقليمي لكل طرف واستقلاله السياسي (نص مبادرة روجرز وموقف مصر منها). ويُنقل عن روجرز قوله في 9 كانون الأول عام 1969 أن "سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تهدف إلى تشجيع العرب على قبول سلام دائم، وفي الوقت نفسه تشجع إسرائيل على قبول الانسحاب من أراض محتلة، بعد توفير ضمانات الأمن اللازمة ... مطلوب من إسرائيل الانسحاب من الأراضي المصرية بعد اتخاذ ترتيبات للأمن في شرم الشيخ، وترتيبات خاصة في قطاع غزة مع وجود مناطق منزوعة السلاح في سيناء" (مما يمكن اعتباره وصفا للواقع الحالي الذي تحقق). وأعلن جمال عبد الناصر قبوله لمبادرة روجرز في تموز 1970 ضمن احتفالات العيد الثامن عشر للثورة (وليام روجرز وأول مبادرة أمريكية لحل مشكلة الشرق الأوسط). وفيما رفضته "إسرائيل" في البداية، عادت ووافقت تحت الضغط الأمريكي في 6-8-1970. ثم بدأت أمريكا تُحكم قبضتها على دولة اليهود حتى لا تستطيع التحرك من بين يديها، رغم ولاء قادة اليهود الأوائل لبريطانيا، وذلك من خلال التسليح وتحديث الجيش اليهودي وربطها بالمساعدات الاقتصادية الأمريكية.
وتوفي جمال عبد الناصر في الشهر نفسه، فاهتز النفوذ الأمريكي في مصر مؤقتا، ومن ثم انصبّ الصراع بين القوى العظمى على مصر، ثم ترك وليام روجرز منصبه عام 1971، وتجمدت مبادرته لبعض الوقت. وتجدد –مرحليا- حديث عن تدخل "قوات دولية" من الدول الأربع الكبرى في المنطقة (وكانت فرنسا قد طرحت مبادرة حول ذلك في العام 1969)، إلا أن تلك المرحلة ارتبطت بصعود العمل الفدائي مما كان عاملا هاما في مجريات الأحداث.
إذ بموازاة مَعلَم العمل السياسي (والحديث القانوني!)، اتسم مسرح قضية فلسطين في السبعينات بمعلم العمل الفدائي:
في البداية، تصاعد حديث الأنظمة العربية عن مقاومة أهل فلسطين بدل حروب الجيوش، ضمن توجهات مبكرة لتخلّي الأنظمة عن القضية وتسليمها للفلسطينيين، وحصل توافق على ذلك بين الدول العربية، وصارت جميع الأطراف تشجّع الفلسطينيين على مقاومة اليهود في الضفة الغربية، من أجل تنفيس مشاعر رفض الاحتلال وحب النضال ضدّه، وحتى يسهل حينئذ تسييرهم ضمن مسار تصفية القضية. ومن هذا الباب بدأت الأنظمة العربية بدعم التنظيمات الفلسطينية، فيما اتفقت الأطراف العربية على تهيئة منظمة التحرير لتتسلم القضية، ومن ثم لتجمع جميع التنظيمات الفلسطينية تحت مظلتها ضمن شعار الوحدة الوطنية.
في هذه الأجواء "الانهزامية" من قبل الأنظمة، قفزت التنظيمات الفدائية إلى مسرح القضية وساحة الصراع، ولمع نجم العمل الفدائي:
وإن الحديث عن العمل الفدائي في سياق القضية الفلسطينية هو موضوع شائك، لأنه صعب صعوبة تشكيل محلول متجانس من الماء والزيت، حيث اجتمعت فيه قوى الإخلاص مع قوى الاستعمار، ولذلك فإن الدقة والموضوعية تقتضي منذ البداية ترسيخ التفريق بين الفدائيين وبين المنظمات الفدائية، على غرار التفريق بين الحكام والشعوب في موقفها من قضية فلسطين وفي تبنّيها لهدف التحرير وفي إخلاصها:
لقد قدّم الفدائيون نماذج حية من البطولة والتحدي والقتال الشرس ضد الكيان اليهودي، وقاموا بعمليات نوعية ذاتية مثل عملية ميونخ الشهيرة في أيلول عام 1972، وقدّموا نماذج رائعة من الصبر والاحتمال تحت التعذيب الوحشي في سجون الاحتلال، مما صار يُعتبر "تجربة" للإنسانية في النضال ضد الاحتلال، وليس ثمة من تشكيك حول الذين قاتلوا ضمن التنظيمات الفلسطينية، إلا أن تلك النماذج من الإخلاص توافقت مع وجود قيادات للمنظمات الفلسطينية نشأت وظلت تسرح في فضاء الأنظمة، ولذلك كانت من حيث الولاء من نوع الأنظمة التي تبنتها أو احتضنت وجودها، وذلك في الأردن وسوريا، أو التي مولتها في دول الخليج، حيث كانت قيادة الخليج السياسية–في حينه- بريطانية الولاء، وحافظت القيادة السياسية الفلسطينية –في تلك الفترة- على نفس الانتماء والولاء السياسي، وفي المقابل ضمّت المخلصين الذين كانوا يقاتلون معها ممن لم يكونوا مطلعين على حقيقتها, وكانوا يتخذونها وسيلة للتمكن من القتال في فلسطين.
ومع أن تأسيس منظمة التحرير (ورئاسة الشقيري لها) كان جزءا من مشروع حل الدولتين الأمريكي الذي دعمه وسار في تنفيذه جمال عبد الناصر، إلا أن قادة التنظيمات الفلسطينية سيطروا على المنظمة، صاروا قيادات للمجلس الوطني، بعد حصول "تباين في وجهات النظر بين بعض أعضاء اللجنة التنفيذية ورئيسها"، "الذي تقدم في كانون الأول سنة 1967 باستقالته إلى الشعب العربي الفلسطيني، وقد قبلت اللجنة التنفيذية تلك الاستقالة" (صفحة أحمد الشقيري).
ومن هذا الباب، كانت قيادات المنظمات الفلسطينية، ومن ضمنها حركة فتح والصاعقة، ضد حل "الدولة في حدود 67"، لأنه جزء من مشروع حل الدولتين الأمريكي، وفي المقابل كانت حركة فتح تُثني على "مشروع بورقيبة" (البريطاني) وتدعو له. ولذلك ظل جلّ أهل فلسطين في تلك الفترة ضد إيجاد الكيان الفلسطيني (الجزئي حسب المشروع الأمريكي)، وظل تأثير إيجاد منظمة التحرير لدفع ذلك الحل الأمريكي ضعيفا في ظل هيمنة قادة التنظيمات -المخالفة بالولاء والتوجه- على المجلس الوطني.
هذه الأجواء السياسية الرافضة للكيان الفلسطيني، مع الروح المعنوية القتالية العالية عند الفدائيين المخلصين، ووجود مشاعر عارمة في مصر ضد الكيان اليهودي، صعّبت الموقف على الدافعين نحو حل الدولتين، بعدما تبلور في مشروع روجرز، ولذلك تعثّر الحل الأمريكي في تلك الفترة رغم تكرار المناورات، وصار لا بد من عملية ترويض للشعب في مصر، ضمن ما أسموه حرب الاستنزاف، وذلك للتأثير على الجيش المصري والشعب المصري، وبموازاة ذلك كان لا بد من كبح جماح رجال العمل الفدائي الثائرين والمتمردين على محاولات ترويضهم، إذ كان إيجاد المنظمات التي تحتضن الفدائيين ودفعها للمقاومة المسلحة مجرد مرحلة من مراحل الأعمال العسكرية لتنفيذ مخططات المستعمرين.
بدأت محاولات ضبط رجال المنظمات الفلسطينية من خلال تقوية سيطرة المنظمات على رجالها، ومن خلال الربط والتنسيق مع الدول العربية، وفي 28/10/1969، صدر عن حزب التحرير "تحذير لرجال المنظمات الفدائية"، حول معالجة الأنظمة لأزمة الفدائيين في لبنان التي بدأت في 23-4-1969، كاشفا أنها مفتعلة كأداة من أجل "تقييد العمل الفدائي ووضعه في نظام يحد منه ويؤدي بالتالي إلى تصفيته"، "وذلك تحت شعار تأييد الفدائيين ضد لبنان"، على اعتبار أن تلك الأعمال ستزيل "العقبة الثانية من وجه تنفيذ الحل السلمي، وهي حرية الفدائيين ستزول، وينتقل للخطوة الثانية وهي تصفية الفدائيين تحت شعار تنظيمهم ودعمهم".
وضمن تلك المكائد السياسية، وضمن التدافع بين القوى الرأسمالية على تنفيذ أو تعطيل رؤى الحل، كانت خطة ضرب الفدائيين في الأردن ولبنان قد بدأت منذ قبول الصلح مع إسرائيل حسب مشروع روجرز. وفي عام 1970 تصاعدت موجة الأحداث الدموية في الأردن، وتعاظم تمرد الفدائيين ضد الدولة دون مبالاة بكيانها.
ثم حصلت ما سمّيت أحداث أيلول الأسود التي كانت حلقة في الصراع على المشاريع السياسية وعلى النفوذ، وتداخل فيها تسخير المنظمات الفلسطينية –وتسخير المنضوين تحتها بعيدا عن دورهم في الكفاح المسلح- في محاولة للإطاحة بالملك حسين وإقامة الدولة الفلسطينية على أنقاضه (عندما صار يُنظر إليها –فلسطينيا- في تلك الفترة كمرحلة من مراحل الحل)، حيث ينقل عن قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش قوله "إن تحرير فلسطين يبدأ من عمان وبقية العواصم الرجعية" (أيلول الأسود)، وعلى إثرها عقد مؤتمر القمة العربي غير العادي الثالث في القاهرة "لحل الخلاف الأردني الفلسطيني حقناً للدماء العربية"، ورغم أن المنظمات الفلسطينية ظلت مرتبطة في تلك الفترة بالمشاريع السياسية البريطانية، إلا أن مصر استطاعت بمساعدة سورية استمالة الفدائيين لمشروع الدولة الفلسطينية في الأردن، وذلك لفترة من الزمن، ولكن الأردن تمكّن من القضاء على الفدائيين وعلى محاولة إقامة الدولة الفلسطينية في الأردن، ثم أعلن أنه لم تبق أية قاعدة للفدائيين وألغى اتفاقية القاهرة.
وتكررت مشاكل الفدائيين في لبنان، وتكرر استهتارهم بالدولة والقانون، وتكررت محاولة تسخير تنظيماتهم في الانقلابات فيه، وتوجهت الأنظار لضربهم على غرار ما حصل في الأردن: وحصل هجوم "إسرائيلي" عليهم في لبنان بتدخلات فرنسية عام 1970، وحصل هجوم آخر على جنوب لبنان استهدفت فيه قواعدهم في أيلول من العام 1972، ثم طلب الجيش اللبناني من التنظيمات الفلسطينية الجلاء عن مناطق العرقوب والبقاع, والخروج من جميع القرى اللبنانية، وعدم حمل السلاح خارج المخيمات، مما كشف عن أن تلك الهجمات اليهودية كانت تنوعا في أساليب القضاء على العمل الفدائي، وكانت طلبات الحكومة اللبنانية من الفدائيين جزءا من مؤامرة ضربهم، وخصوصا بعد توافق الدول العربية كلها على ضربهم.
وظلت محاولات تسخير الفدائيين مستمرة، حتى بعد تمركز تواجدهم العسكري في لبنان، وذلك بعد تصفيتهم في الأردن. ولقد تداخلت العديد من الأهداف والأحداث السياسية في سياق ضرب الفدائيين وتنظيماتهم، منها:
o ما كان في سياق التزاحم على النفوذ الاستعماري، من خلال زلزلة عروش الحكام العملاء.
o ما كان ضمن مخططات بريطانية لوضع العصا في العجلة الأمريكية عندما سعت أمريكا لدفع الحلول السياسية، حتى وصل الأمر ببريطانيا أن دفعت المنظمات الفدائية للمشاركة في بعض محاولات الانقلابات في الأردن، من أجل إقامة كيان فلسطيني في الأردن "تُخربط" فيه بريطانيا أوراق أمريكا.
o أن أمريكا أرادت من خلال الانقلاب في الأردن خلق أجواء تمهّد للحل الأمريكي من خلال تسخير من استمالتهم في التنظيمات الفدائية.
o ما كان من أجل إسكات الفلسطينيين وإضعاف شوكة الفدائيين، وذلك تمهيدا للقبول بالحلول السلمية، وخصوصا بعد مرحلة توافق الأنظمة العربية على ضرب الفدائيين.
والخلاصة في هذا الموضوع، أن قضية فلسطين اتصفت بثلاث سِمات في فترة أوائل السبعينات: (1) وجود فدائيين مخلصين عملت الأنظمة على تكبيلهم ثم تصفيتهم.
(2) تعاظم التنظيمات الفلسطينية المرتبطة بالمشاريع لتصفية قضية فلسطين، وهي التي تم تسخيرها في المؤامرات والصراعات.
(3) تخلّي الأنظمة العربية عن تحريك الجيوش وتنافسها على تحقيق المصالح الغربية.
وظلت أمريكا تعمل على الحل بالوسائل الدبلوماسية "حتى نهاية الستينات" بينما كانت بريطانيا تريد الحل عن طريق حرب مصطنعة لإقامة الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين، وظل كلاهما يتآمر على فلسطين من أجل مصالح استعمارية.