فيما يلي ترجمة لنص مقال بالروسية أرسله عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين د. مصعب أبو عرقوب للصحف والمواقع الروسية بخصوص ممارسات النظام الروسي تجاه المسلمين واعتقال المسلمات هناك بصورة وحشية ووقوف الكرملين في صف الأنظمة العربية البائدة :
ليلا ..وصلتني رسالة نقلتني من القرن الحادي والعشرين إلى ظلمات القرون الوسطى، حيث محاكم التفتيش وأدوات التعذيب الوحشية، رسالة تسدل ستاراً داكنا على معالم موسكو الزاهية، وتعيد رسم معالم "الجريمة والعقاب" بتراجيدية صامتة تضيف عذابا جديدا لحياة أولئك "المذلين المهانين" عبر العالم ....وتقفز عن "لحظة المجد الروسي " لتدخل إلى"عرض سينمائي مغلق " تعتصر فيه قلوب ملايين المسلمين في العالم ..لتصبح تلك الرسالة حديث "الليل المتأخر" في عالم يتجه نحوالتغيير..
فقد تلقيت كآلاف المسلمين حول العالم رسالة تتحدث عن قيام جهاز الأمن الداخلي الروسي [F.S.B] في مدينة موسكو باعتقال الأخت المسلمة صديقوفا أوميدخا نغانيفنا، التي لم يسمحوا لها بالاتصال لتخبر عن مكانها وتم إيداع أطفالها الثلاثة الصغار في بيت الأيتام.
ومن قبل، كان الزوج صديقوفا فاروخ فضل الدينوفيتش قد أعتقل بتهمة الانتماء لحزب سياسي، حزب التحرير، المرأة المظلومة اعتقلت من أجل الضغط على زوجها ليعترف بالتهم التي لم يرتكبها. ، وقد فرقوا بين الأم وأولادها، و حكمت المحكمة على صديقوفا بالحبس لمدة شهرين.
وفي صورة أخرى من ذلك المسلسل الرهيب قام موظفو الأمن القومي بتفتيش منزل السيدة مانابوفا يولا كازيخانوفا، ثم هددوها بالمفك و المخرز ونادوها بالمريضة نفسياًَ، والضالة... وهددوها باعتقال أبنائها مما شكل ضغطا معنويا عليها. وقد تكرر كل هذا طوال يوم كامل تقريباً، فيما بقي رضيعها وطفلها الصغير ذو الخمس سنوات وحيدين في البيت.
وحيدين في البيت ، رضيع وطفل ذو خمس سنوات ، وثلاثة آخرون يودعون في بيت للأيتام وتسجن أمهم في محاولة للضغط على زوج برئ ... تلك أركان رواية تغرق في الحزن والوحشية تدور أحداثها على مسرح دولة تشجب القتل والاعتقال وانتهاك حقوق الإنسان، ويصدر شعبها للعالم أرق المشاعر مسطرة في الروايات والكتب ومجسدة على مسرح البلشوي الروسي !!!.
وحيدين في البيت، والرئيس الروسي يجتمع لمناقشة انتهاكات القذافي لحقوق الإنسان وضرورة تنحيه عن الحكم، وكيفية التعامل مع القمع الممنهج في سوريا !!!، في انفصام واضح بين الحقيقة والتصريحات، فالأمة الإسلامية وهي تجابه أنظمة قمعية خلفها الاستعمار البغيض وراءه لتنهب ثروات الأمة وتحرس مصالحه، وتضمن تدفق النفط لمصانعه النهمة، لا تنتظر من تلك الأنظمة إلا ذلك الانفصام وذلك العنف والوحشية أمام تقدم الأمة نحو استعادة سلطانها المسلوب، فهل تنتظر صديقوفا أو ميدخانغانيفنا وغيرهما ذلك العنف والانفصام من موسكو أيضا ؟؟.
فقد وضعت موسكو وأجهزتها الأمنية نفسها بهذه التصرفات الهمجية اللاانسانية في سلة واحدة مع تلك الأنظمة التي باتت تقتل شعوبها وتعتقل النساء والرجال وتعذب الأطفال، أنظمةباتت تستهدف أمة عظيمة لها تاريخها الممتد وحضارتها العريقة، في محاولة يائسة لإيقاف عجلة التغيير التي ستعيد الوحدة لأمة شتتها الاستعمار الوحشي إلى دويلات إقليمية ضيقة .
فالأمة الإسلامية تشهد تحولا تاريخيا سيفضي في نهاية المطاف إلى عودة الأمةالإسلامية في كيان سياسي واحد، يجمع شتات حضارة قسمتها حدود استعمارية بغيضة، ليبرز للعالم النموذج الإسلامي في الحكم وطريقة العيش التي تعيد للإنسان قيمته، وتعيد للقيم الروحية والإنسانية والأخلاقية مكانتها التي سلبتها القيم المادية الرأسمالية، وليس من الحكمة بمكان أن تتصرف أي دولة مع أمة ناهضة تتمتع بثروات هائلة بهذه الطريقة المستفزة للمشاعر والقلوب .
فإذا كان تصرف الأجهزة الأمنية في روسيا لا يعبر بالضرورة عن قناعات واتجاهات الرأي العام والنخب المثقفة في المجتمع الروسي ، فان تلك النخب التي لا يمكن لها أن تسكت على هذه الصورة البشعة التي ترسمها الأجهزةالأمنية للشعب الروسي، يجب أن تتحرك وتستنكر على الأقل تلك التصرفات التي تلازم أنظمة قمعية من العصور البائدة.
تصرفات تعيد للأذهان حقبة من القمع والتنكيل بالأقليات والشعوب لطالما أراد الشعب الروسي التخلص من ارثها الثقيل على ضميره وحاضر علاقاته ومستقبلها مع غيره من الشعوب، ولا يمكن للأمة الإسلامية أن تأخذ توجهات الكرملين المعلنة بجدية وهي تشاهد وتقرأ تلك التصرفات، وتسجل في ذاكرتها تصرفات الكرملين تجاه المسلمين في موسكو، وتلكؤه في شجب القتل والقمع على أيدي أنظمة دكتاتورية لا يزال يحتفظ بعلاقات وطيدة معها، بل و يقدم لبعضها المساعدة والدعم في قتل وتعذيب الشعوب التي لم تعد تصدق الرواية الرسمية للأحداث.
ففي عالمنا الإسلامي، نعيش الآن حقبة الشعوب.. تصنع روايتها الخاصة للحاضر والمستقبل، وتظهر صورة جديدة للعالم عن الأمة الإسلامية لطالما اختفت وراء رواية الأنظمة القمعية التي وصفت كل من ينتقدها بالإرهاب، فقد تكون الشعوب اقدر الآن على رسم العلاقات بينها على أساس من الإنصاف، والابتعاد عن تحكم قلة بسيطة بصورة أمة، ولا نستطيع أن نتصور في ظل هذه الحقبة التاريخية أن النخب المثقفة في روسيا، تقف بجانب هذا التخبط والانفلات في سياسة الكرملين أو أن تساهم في رسم تلك الصورة غير اللائقة بالشعب الروسي!!.
فالرسالة وان وصلتني بالعربية، فان الشعوب الإسلامية وبسلمية تحركاتها ستدق أبواب سفارات روسيا عبر العالم، لتوصل رسائل احتجاج على تلك المعاملة والاهانة التي يتعرض لها المسلمون في روسيا، ولتستنكر دور الكرملين في دعم الدكتاتوريات المتهالكة في عالمنا الإسلامي، والى ذلك الحين قد ترون وبالروسية يافطات ترفع في ميادين التحرير في عالمنا سطرت عليها عبارة بسيطة ..." نعلم ما يحدث في روسيا "!!.