حل حكومة ... وتشكيل حكومة
بقلم عبد الرحمن يوسف
في تقليد للدول تقوم سلطة (بلدية) رام الله بتقديم استقالة حكومة فياض، وتكليف فياض بتشكيل حكومة جديدة، وقد سبقتها سلطة غزة بأسابيع في الإعلان عن مشاورات يجريها هنية لتغيير الحكومة هناك. ترى أين هي الإمبراطورية المترامية الأطراف التي تتسع لحكومتين متزامنتين بل أين هي الأرض التي تقوم عليها تلك الحكومات؟؟ لقد جرى في التاريخ قيام دولة للأمويين في الأندلس إلى جانب الدولة العباسية في بغداد، ومع أنه لا يوجد وجه للمقارنة أو الشبه بين الحالتين إلا أنها في نهاية المطاف ضاعت بسبب الفرقة، فاستحقت وصف الشاعر لها:
وممـا يزهدني فـي أرض أندلـس              أسـمـاء معتمـد فيهـا ومعتـضد
أسماء مملكة في غير موضعها               كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد
وعن الأسماء والألقاب حدّث ولا حرج، فها هم يطلقون على أنفسهم ألقاباً ليس لها واقع تماماً مثل ملوك الطوائف في الأندلس: فخامة الرئيس ... دولة رئيس الوزراء ... معالي الوزير ... عطوفة المدير العام ... الخ. فهل يقابل تلك الأسماء شيء من الحقيقة؟ وهل تغني الألقاب عنهم شيئا وهي التي لم تغن عن ملوك الطوائف قبلهم. رئيس السلطة لا يستطيع مغادرة رام الله دون تصريح من ضابط الإدارة المدنية في بيت ايل، وعمن دونه فالجواب معروف.
أما الرّتب العسكرية فهي أكثر بكثير من المدنية، فنحن بلد المليون عقيد ( ناهيك عن اللواء ) ولا أحد يعلم من أين جاءت تلك الرّتب، هل هي بسبب قيادتهم للمعارك الطاحنة مع العدو في الجبهات، أم بسبب دراساتهم الأكاديمية الرفيعة المستوى التي لا يمكن التغاضي عنها فاستحقت تلك الرّتب العالية؟؟؟ لعلها تعطى حسب درجة رضا اليهود أو الأمريكان.
وإذا كانت الحال هذه فأي معنى لتغيير الحكومة؟ سيأتي وزراء جدد توافق عليهم أمريكا واليهود و ....و ... لديهم أجندات وتعليمات كي يقوموا بتنفيذها ضمن سياسة مرسومة لتركيع المواطن بدل صموده. وقد جرب الناس سياسات فياض التهجيرية والتي وعد بإكمالها من خلال حكومته الجديدة، فلم يعد راتب موظف يكفيه، ولم يعد عامل يجد عملا يغنيه، والتجارة صارت حكرا على أزلام السلطة والباقي عتّالين في خدمة حيتان المال المتنفذين من عصابة السلطة وأعوانهم، هذا فضلا عن الضرائب التي أثقلت كاهل الناس.
لعلنا نسمع جعجعةً ممن يسمون أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح تدعو لمحاربة الاحتكار، وكأنهم لا يعرفون المحتكرين، ونسمع عن محاربة الغلاء وكأنهم لا يعرفون سبب الغلاء والبلاء الذي لم يجلبه غيرهم، كلها جعجعة بلا طحين، ولو سألت أي فرد في هذه البلاد فإنه للأسف يترحم على الاحتلال بسبب الحال التي صنعتها السلطة، فالاحتلال باق والسلطة عبء أضيف على الناس فوق عبء الاحتلال.
إن السلطة عصابة تتاجر بكل شيء في هذه البلاد بدءاً بالمقدسات وليس انتهاءاً بأقوات الناس، والذي كشفته وثائق الجزيرة قليل من كثير، ومع ذلك فالذي يبدوا أن هذه السلطة لا ترعوي عن غيّها، فهي لا زالت تمارس خداع الناس وتحاول تجميل وجهها القبيح، وهي تحاول إيهام الناس أنها تحاكي تغيير الدول بغرض مساعدة المواطن ومحاربة الفساد وهي تعلم أنها رأس الفساد، بل الفساد كله، ولا زالت تدفن رأسها في الرمال مع أن رائحة فسادها وخيانتها أزكمت الأنوف، فإلى متى؟؟؟
لقد قلنا مراراً ونقول اليوم إن هذه السلطة ليس لها إلا أن تتوب عما اقترفته وتقترفه من أفعال، وأن تطلب العفو من الأمة وأن تعيد القضية إلى حضن الأمة الإسلامية لتتخذ الخطوات اللازمة لتحرير فلسطين كاملة، وإلا فإن الأمة ستزيلها مع الاحتلال وحينها لن ينفع الندم، ولعذاب الآخرة أخزى لو كانوا يعلمون.   
           وقديما قيل العاقل من اتعّظ بغيره فهل من معتبر؟؟؟
17/2/2011