طالما استغلت قوى الاستعمار المجرمة الكافرة هذا البلد الطاهر الطيب، وجعلت منه مغلاقاً للخير مفتاحاً للشر؛ ففي فترة ما قبل الانفصال عن الهند؛ أي قبل سنة 1947م استغل الإنجليز أهل الباكستان في الصراعات السياسية داخل الهند، وذهب نتيجة هذا الاستغلال السياسي الآلاف من الشهداء المسلمين في القرى والمدن،حيث أزيلت قرى بأكملها من المسلمين وارتكبت مذابح رهيبة، ثم استغل الانجليز المسلمين بعد الانفصال عن الهند في تثبيت ولاء زعماء الهند للإنجليز عن طريق الحرب بين البلدين الكبيرين ( الهند وباكستان) وكان أبرز هذه الصراعات الحرب التي انتصرت فيها باكستان سنة 1966م على الهند والحرب التي انتصرت فيها أيضا سنة 71 في بداية الحرب،وحيكت بعد ذلك مؤامرة الهزيمة وكان ذلك سببا في فصل باكستان الشرقية عن جسم الدولة الأم (باكستان) وذلك لإيجاد توازن بين الدولتين الهند وباكستان، وتثبيت ولاء الهند للإنجليز ...
وفي نهايات القرن العشرين استغلت أمريكا الباكستان لتكون قاعدة انطلاق للمجاهدين الأفغان ضد روسيا، وقد بذل الجيش والمخابرات الباكستانية جهوداً كبيرة في توفير الأرضية الخصبة لإعداد المجاهدين وتدريبهم، وتسهيل عمليات مرورهم داخل أفغانستان، وشجعت مناطق القبائل للانخراط في صفوف المجاهدين وأمدتهم بالمساعدات المادية والمعنوية، ويمكن القول بكل بساطة: لولا تقديم المساعدة من قبل باكستان في حرب المجاهدين لروسيا لقضت روسيا على الجهاد الأفغاني في بضع سنوات ..!!
إلا أن هذه الحرب كانت تدار وتراقب بواسطة المخابرات الباكستانية والأمريكية على السواء، واستطاعت أمريكا في نهاية المطاف أن تجني الثمرة في إخراج الاتحاد السوفيتي مكسور الجناح، يجر وراءه ثوب الهزيمة والخسارة الفادحة !!
وبعد الحرب تدخلت أمريكا مرة أخرى في تحديد الوجهة السياسية داخل أفغانستان، وذلك بإنشاء حركة جديدة داخل باكستان اسمها حركة طالبان، وأمدتها باكستان عن طريق الجيش والمخابرات بالتدريب والمعدات والتوجيه في بداية الأمر، واستطاعت هذه الحركة أن تسيطر على أفغانستان بعد معارك دموية ذهب فيها المئات من المجاهدين السابقين، ودمرت قرىً بأكملها وأحرقت، لكن هذه الفرحة لم تدم طويلاً لأمريكا، وذلك بانقلاب الحكام الجدد لأفغانستان من حركة طالبان على أمريكا وبرامجها السياسية، فكانت الحرب الجديدة على أفغانستان سنة 2003م تحت اسم محاربة الإرهاب، وأصبحت هذه الحرب أداة استنزاف للاقتصاد الأمريكي ولقوتها العسكرية، وزاد الطين بلة انقلاب رجال القبائل أيضاً مع حركة طالبان ضد أمريكا وخاصة داخل حدود الباكستان في وزيرستان ومحيطها من قبائل البشتون !!....
والسؤال الذي يرد في الذهن هذه الأيام: هل تكون الباكستان مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، بعد أن كانت مغلاقاً للخير مفتاحاً للشر طوال السنوات الماضية ؟!
فقد استُغلّ أبناء هذا البلد الطيب، وسُخّرت طاقاته وخيرة أبنائه، وأمواله في خدمة مشاريع الكفار سنوات طويلة، لكن هذا الشرّ الظاهر فيه خير كامن يكاد يظهر بين لحظة والثانية وذلك أن الجوّ العام كله أصبح مشبعاً بالجهاد والمجاهدين، وحب القتال ضد الكفار وقد ساعد في تنامي هذا الخير أمور منها : -
1- انقلاب حركة طالبان ضد أمريكا وسياستها الاستعمارية لأفغانستان، ووقوف هذه الحركة نداً لأمريكا، والعمل على إخراجها من أرض أفغانستان وباكستان ... !!
2- العمليات الإجرامية التي تقوم بها أمريكا داخل باكستان ضد المجاهدين، وضد المدنيين العزل، وذهاب المئات من الشهداء في هذه العمليات من النساء والأطفال والشيوخ، مما يثير السخط على أمريكا والنظام الباكستاني.
3- الوضع الاقتصادي السيئ الذي تعاني منه باكستان؛ حيث أن متوسط دخل الفرد في باكستان لا يتجاوز الدولارين في اليوم الواحد، وهو من أسوأ الأوضاع الاقتصادية في العالم !!.
4- قيام الساسة في باكستان بتسخير طاقات البلاد وجيشها في خدمة مشاريع أمريكا، وقيامهم كذلك بتوجيه الأوامر للقادة العسكريين بالقيام بعمليات قتالية ضد إخوانهم من المجاهدين خدمة للكفار الغربيين في حلف الناتو !!
5- الوضع المأساوي الذي تعيشه باكستان هذه الأيام في ظل كارثة البيئة من (الفيضانات) التي أغرقت ثلث أراضي الباكستان بالمياه المدمرة، وفي نفس الوقت عدم قيام الحكومة الباكستانية بواجبها تجاه شعبها، وهو يموت ويتضوّر جوعاً وعطشاً، ولا يجد من يغيثه، مع العلم أن الحكومة ما زالت تسخر طاقات البلد وجيشه في حرب المجاهدين!! ..
لقد صدرت عدة تصريحات على ألسنة الساسة المحليين والعالميين تنذر بخطر سياسي كبير سيحصل في باكستان خلال الأشهر القادمة، وهذا الخطر يتمثل في عجز الحكومة عن معالجة الوضع الاقتصادي السيء، ومعالجة أزمة الفيضانات التي زادت الطين بلة، وتنبأ بعض الساسة أن يعقب هذه المرحلة، مرحلة أخرى تتمثل في قيام مظاهرات واحتجاجات عارمة في كل أقاليم باكستان على الحكومة نتيجة عجزها ..
والسؤال الذي يرد هنا هل يستطيع الغرب أن ينقذ باكستان من هذا المأزق السياسي الخطير ؟؟ !
إنه ليس بمقدور الغرب في ظل هذه الأزمة الاقتصادية العالمية أن ينقذ باكستان من كارثته، لأن الأزمة في باكستان تحتاج مليارات الدولارات العاجلة خلال بضعة أيام، وهذا الأمر متعذر على دول الغرب فعله هذه الأيام، عدا عن السخط الجماهيري العارم على الحكومة!! .
أما من يستطيع إنقاذ باكستان بالفعل فهو انقلاب سياسي كامل على الواقع السياسي السيئ وذلك بالحكم الإسلامي، وتطبيق نظام الإسلام العادل، ومن ثم الانطلاق من هذا البلد الطيب الطاهر لضم أفغانستان وإخراج قوى الشرك ذليلة صاغرة منه، ثم الاتجاه نحو الشمال نحو جمهوريات روسيا الإسلامية وضمها جميعاً إلى حاضرة دولة الإسلام لتكون هذه البقعة المباركة مفتاحاً للخير لكل العالم الإسلامي، وقاعدة انطلاق لضم كل أقطار المسلمين فيما بعد !!
نسأله تعالى أن يعجل بفتح باب الخير وغلق باب الشر قريباً