على إثر حادثة هجوم كيان يهود على قافلة مرمرة في أعالي البحار وقتل وجرح عدد من المتضامنين واقتياد السفن إلى ميناء اسدود داخل فلسطين المحتلة، وما تلا ذلك من خطابات نارية كاذبة لأردوغان، بيّن حزب التحرير أن حكام تركيا كغيرهم من حكام المسلمين تقاعسوا عن نصرة أهل فلسطين وعن الرد الحقيقي على جريمة كيان يهود، فكتب الكاتب صلاح المومني مقالة تفيض غضبًا وافتراء على حزب التحرير ومدحًا لأردوغان، على شكل رد فعل مشاعري، وقد تم نشر مقاله على صحيفة كل الأردن وعلى موقع قضايا عربية إسلامية الذي يديره، وقام إبراهيم الشريف عضو المكتب الإعلامي للحزب في فلسطين بكتابة رد يبين فيه حقيقية أردوغان وحكومته من زاوية الإسلام ويرد على الافتراءات، وقد نشر موقع كل الأردن مشكورًا الرد، ولكن أبى المومنى أن ينشر الرد على الموقع الذي يديره مخالفًا بذلك الأصول الصحفية المتبعة في مثل هذه الحالات.
نص المقال:
حزب التحرير سيبقى صادقًا مع أمته
بقلم: إبراهيم الشريف-عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين
كتب صلاح المومني مقالة عن موقف حزب التحرير من حكومة أردوغان في موقع كل الأردن، استنكر فيها موقف الحزب، وكال لأردوغان المديح العام تلو المديح، وهاجم حزب التحرير في فكرته وطريقته ونتائج عمله، ووصف الخلافة بالوهم والحلم، وبأن الحزب يبث السم في الدسم، وبأنه يسب أردوغان، وكان المومني قد عنون مقاله بما يخالف بدايته التي قال فيها أنه إنما يريد النقد دون تجريح أو تقوّل بما لا يليق بالآخرين.
اعتبر المومني أن وصف حكومة أردوغان بالعلمانية كلام تشمئز منه النفوس، مع أن أردوغان نفسه يصرح بأن حزبه –كما أوردت السفير اللبنانية بتاريخ 12-12-2009م- ليس حزبًا إسلاميًا ويرفض وصف سياسة حكومته الخارجية بالعثمانية الجديدة، ويرفض اعتبار تعاطفه مع غزة بأنه من منطلق إسلامي ويصفه بالإنساني فقط، كما أنه لا يطبق إسلامًا ولا يقول بأنه سوف يحكم بالإسلام، وتعترف حكومته بحق "إسرائيل" في الوجود على 78% من أرض الإسراء والمعراج، وتسير في خطة حل الدولتين الأميركية جهارًا نهارًا، والعلاقات السياسية والعسكرية مع أميركا ومع "إسرائيل" قائمة على قدم وساق، فهل مثل هذه الحكومة التي تتحاكم لدستور علماني وتحافظ عليه و يتعهد رئيس وزرائها أردوغان باحترام العلمانية وعدم تقديم تنازلات بشأنها، يمكن أن تكون إلا علمانية؟!، وعندما ينفي كبير مستشاري عبد الله غول إمكانية تحول تركيا إلى الدولة الإسلامية ويقول بأن تركيا تقوم على أسس لا يمكن تغييرها أو تعديلها وأولها علمانية الدولة وديمقراطيتها ثم يطالب بدولة ليهود على أرض الإسراء والمعراج، يصبح حينها أي دفاع عن علمانية حزب العدالة والتنمية مجرد شطحات وأمنيات تصطدم بصخور الحقائق فتتبخر!!
ثم يأتي دور التشبيه الهزيل بين أردوغان وبين السلطان المجاهد محمد الفاتح الذي اجتازت سفنه الحربية تحصينات القسطنطينية الأسطورية بأفكار إبداعية وجيش عرمرم، بينما تهاجم "إسرائيل" السفينة التركية وتقتل من ركابها وتأسرها ولا يتجرأ حتى على طرد السفير عوضًا عن الانتقام لدماء المسلمين الذين قُتلوا على سفينة تحمل علمه في المياه الدولية، فيلجأ كما غيره من الحكام إلى الأمم المتحدة و"القانون" الدولي لينتقموا له كما انتقموا من قبل لـ 1400 قتلتهم "إسرائيل" في غزة وقد كان رئيس وزرائها أولمرت قبل أيام قليلة من الهجوم على غزة في استضافة تركيا! بل وتهدده "إسرائيل" بإغراقه هو وسفينته إن جاء مع المتضامنين ولم نسمع منه ردًا لا فعليًا ولا قوليًا!
إن الصراع بين الحكومة والجيش في تركيا لم يأخذ يومًا منحى الصراع على المبدأ لا صراحة ولا ضمنًا وإنما هو صراع على النفوذ فقط والمقصود منه تصفية أو إضعاف النفوذ الانجليزي العلماني المتطرف في مؤسسة الجيش لصالح حكومة علمانية معتدلة تسير مع أميركا في كل مشاريعها وعلى رأسها مشروع بيع معظم فلسطين ليهود المسمى حل الدولتين، وقد جاء في وثيقة الرؤية المشتركة بين تركيا وأميركا والتي وقعها عبد الله غل مع رايس: "دعم المساعي العالمية الرامية لإحلال حل دائم للصراع العربي-’الإسرائيلي‘، والمساعي العالمية الرامية لإحلال حل دائم للصراع الفلسطيني-’الإسرائيلي‘ قائم على أساس الدولتين". بالإضافة إلى محاربة الإرهاب!.
فإذا كان الاشتراك بحلف الناتو المحارب للإسلام وإرسال القوات إلى أفغانستان والتذلل على أبواب الاتحاد الأوروبي والاعتراف بكيان يهود ونسج العلاقات معه بجميع أنواعها والعمل كوسيط بينه وبين سوريا في المفاوضات والاكتفاء بخطبة ردًا على مهاجمة سفينة تركية في مياه دولية ذكاءً سياسيًا كما يقول المومني فبئس الذكاء وبئست السياسة إذن، فقد علمنا الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أن السياسة هي رعاية الشؤون بالإسلام وتتضمن إظهار الأعمال وإخفاء الأهداف بشرط أن تكون هذه الأعمال من الإسلام كمهادنته لقريش مؤقتًا حتى يتفرغ لخيبر، أما السياسة في الفكر العلماني فهي الخديعة والكذب والوسائل الدنيئة لتحقيق الأهداف، ولقد مضى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في مكة يطرح الإسلام بكل ثقة وهو مستضعف، هاجم كل فكر غير إسلامي وحاول ضرب العلاقة بين الحكام والمحكومين ليقودهم بالدين الجديد، لم يداهن ولم يشترك في حكم تكون الحاكمية فيه ليست لله وحده، ورفض كل المغريات والتهديدات التي من شأنها أن توصل شخصه إلى الحكم وتترك الإسلام خارجه، هكذا علمنا رسولنا كيف نكون حزبًا سياسيًا إسلاميًا.
إن حزب التحرير أخذ على عاتقه من أول يوم أن يرعى مصالح الأمة رعاية حقيقية ويكشف لها حقيقة كل متلاعب بها وبقضاياها مهما كانت شعاراته، حتى تدرك الأمة جيدًا مواصفات القائد الحقيقي الذي يستحق أن تنقاد له، وحتى لا تقع في دوامة تستهلك من وقتها وطاقاتها ما تستهلك دون أن يلبي هؤلاء الحكام غير الشرعيين أدنى مطلب من مطالب الأمة الإسلامية، ويبين لها طبيعة المشروع السياسي الذي من شأنه أن ينهضها من جديد ويعيدها إلى مرتبتها الحقيقية خير أمة أخرجت للناس تحمل رسالتها للعالم، هذا المشروع الذي يتمثل في الإسلام نفسه كنظام للحياة يطبق من خلال الدولة الإسلامية التي يعتبرها المومني خيالاً ووهمًا بينما يحذّر المفكرون والسياسيون الغربيون منها ليلًا ونهارًا، ويعقدون المؤتمرات السرية والعلنية لوضع الخطط لكيفية محاربة حزب التحرير الذي يقود العمل لها، وهي التي بشّر بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والتي يتوق العالم الإسلامي كله لها، وذلك ظاهر في التقارير والاستطلاعات الغربية وفي تأييد المسلمين الفعلي لها، ألم يصل إلى مسامع المومني خبر تجمع 100 ألف مسلم في اندونيسيا يطالبون بالخلافة؟! أم لم يصل إلى مسامعه خبر مؤتمر العلماء الذي حضره الآلاف العلماء مطالبة بالعمل للخلافة؟! وهل لم يصل إلى مسامعه خبر مئات المؤتمرات والفعاليات في كل عام تنادي بالخلافة وترفض كل ما دونها؟! وهل لم يصل إلى مسامعه تضحيات شباب حزب التحرير حيث آلالاف المعتقلين والشهداء في تضحيات تذكر بتضحيات الصحابة الكرام في مكة حيث الصبر على العقيدة وتحدي الطواغيت والعملاء؟!
وحزب التحرير عندما يكافح الحكام المتخاذلين الذين يمثلون أدوار البطولة الزائفة إنما يقوم بذلك امتثالاً لأمر الله تعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو إنما يطالبهم بما فرض الله عليهم وليس بما تسمح به أميركا عدوة الإسلام والمسلمين صديقة الحكام المتخاذلين، فالله تعالى هو الذي أمر بالحكم بالإسلام وهو الذي أمر بالجهاد لتحرير البلاد وحمل الإسلام وهو الذي أمر بمعاداة الكافرين ونهى عن موالاتهم، ويكفي حزب التحرير أن يرضى لما يُرضي الله ويغضب لما يُغضب الله، وأن يجعل الأمة تغضب وترضى على أساس هذا المقياس وليس على أساس أي مقياس آخر.
ثم نأتي إلى إدعاء المومني الذي لا يستند فيه على شيء بأن منهج حزب التحرير ينص على أن الخلافة يجب أن تقوم خلال ثلاثة عشر عامًا! وأنا أقول له ائت ببرهانك إن كنت من الصادقين، فمن ذا الذي يستطيع أن يحدد موعد النصر ومن ذا الذي يطّلع على الغيب؟!
إن حزب التحرير لا يسوّق على الأمة آمالاً فارغة وهو لم يكذبها يومًا وكان لها خير ناصح ولقضاياها خير حارس، فلم يبعها الأحلام ولم يتاجر بمشاعرها ليصل إلى الحكم ويلقي بالإسلام خارجه كما حزب العدالة والتنمية، وإنما ظل ثابتًا على فكرته الشرعية وعلى طريقته المحمدية في حمل الدعوة وإيجاد الرأي العام على الخلافة القادمة ومصارعة أفكار الكفر من رأسمالية واشتراكية بجميع تفاصيلها، ومكافحة الاستعمار عن طريق مكافحة أدواته المتمثلة بالحكام الذين ينفذون سياساته، وقد سهّل الله لحزب التحرير أن يمتد في ربوع الكرة الأرضية وتتجذر دعوته في كل مكان رغم كل أنواع الكيد والمكر والتعذيب والترهيب والترغيب، وأن يتردد صدى الدعوة للخلافة في الأرض كلها، ومن ضمنها تركيا التي تترك حكومتها الحالية سفهاء حزب الشعب الجمهوري يمزقون الجلابيب ويطئونها بأقدامهم في ذكرى هدم الخلافة ولا تحرك ساكنًا، بينما تعتقل المئات من شباب حزب التحرير لمنع إقامة مؤتمر في ذكرى هدم الخلافة وتعتقل الناطق الرسمي عدة مرات، وتعتقل النساء الحوامل وتقدمهن للمحاكمات الظالمة لا لشيء إلا لأن شباب حزب التحرير في تركيا يدعون إلى الخلافة التي ستحكم بالإسلام.
فهل يعقل المومني هذه الحقائق وينصت لصوت الحجة والبرهان؟