في كلمة لرئيس وزراء الكيان اليهودي نتنياهو ونقلتها جريدة الرأي بتاريخ 24/3/2010 قال: (أن حكومته ستواصل البناء في مدينة القدس رغم الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة وحكومته على خلفية استمرار المشاريع الاستيطانية في ظل الجهود الأميركية لدفع عملية السلام، وقال نتنياهو خلال كلمته أمام المؤتمر السنوي للإيباك -اللوبي الأميركي المؤيد لإسرائيل- في واشنطن: (إن الشعب الإسرائيلي بدأ البناء في القدس قبل 3000 عام، وسيواصل البناء فيها اليوم وغدا، إن القدس ليست مستوطنة؛ إنها عاصمة إسرائيل).
وأضاف ( إن جميع الحكومات الإسرائيلية نفذت مشاريع للبناء في القدس، والجميع يعرفون أن الأحياء اليهودية التي أقيمت في المدينة منذ عام 67 ستكون جزءا من دولة إسرائيل في أي تسوية سلمية، ولذلك فان البناء فيها لا يمس بإمكانية التوصل إلى حل الدولتين).
إن مثل هذه المواقف اليهودية، قد صدرت عدة مرات عن عدة شخصيات؛ سياسية ودينية في كيان يهود، وصدرت كذلك عن المحافل السياسية والمؤسسات الرسميّة...
ففي خطابه الشهير في جامعة بار إيلان بتاريخ 15/6/2009 قال نتنياهو: (... سبق وأشرت إلى المبدأ الأول – الاعتراف-؛ بمعنى أنه يتحتم على الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل اعترافاً حقيقياً بصفتها دولة الشعب اليهودي ..)
وقال (عوفاديا يوسف)؛ الزعيم الروحي لحركة شاس اليهودية في 27/ يوليو 2001 ( يجب اللجوء إلى القوة لطرد المسلمين من ارض الميعاد لشعب الله المختار الذي يجب عليه تطهيرها من الدنس ..)
وفي نهاية تموز من عام ثمانين أقر الكنيست الصهيوني، بشكل استثنائي، قانونا جديدا عرف باسم "قانون أساسي" القدس مشروع هذا القانون؛ تقدمت به الإرهابية (غيئولا كوهين (من حركة هيتما، وهو ينص على الآتي: 1- أن القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل2. - تحمى الأماكن المقدسة من أي تدنيس أو مساس بأي شكل أو شيء من شأنه أن يمس بحرية وصول أبناء كافة الطوائف إلى الأماكن المقدسة، أو بنظرتهم إليها….. )
وقالت تسيبي ليفني في خطابها الشهير أمام الكنيست اليهودي بمناسبة مرور 60 عاما على قرار تقسيم فلسطين: (ليس بموجب قرار الأمم المتحدة نشأت العلاقة الوطيدة، التي امتدت على طول آلاف السنين بين الشعب اليهودي، وبين أرض إسرائيل، وليس بسبب قرار الأمم المتحدة صلى الشعب اليهودي على مر آلاف السنين، ووجهته إلى أورشليم القدس من أجل أن يعود إلى أرض إسرائيل، ويبني فيها مركز حياته الوطني، ولا بقوة قرار الأمم المتحدة نشأت الحركة الصهيونية، ولا بموجب قرار الأمم المتحدة قدم جدي وجداتي إلى أرض إسرائيل في عام 1925 .... ولسنا في حاجة إلى قرارات الأمم المتحدة من أجل ضمان إيماننا وثقتنا في حقنا. (…
وفي 10/12/2009 اتخذ الكنيست اليهودي قرارا بشان القدس والجولان، يفرض تنظيم استفتاء شعبي قبل أي انسحاب من هضبة الجولان والقدس الشرقية، ينال أغلبية الثلثين من الشعب اليهودي.
وفي المقابل إذا نظرنا إلى زعماء العالم الإسلامي، وإلى مواقفهم السياسية، وإلى مواقف بعض من يسمون أنفسهم علماء في بلاد المسلمين، وإلى مواقف بعض المحافل السياسية والدينية، إذا نظرنا إلى ذلك فإننا نرى الفارق الكبير بين مواقف اليهود ومؤسساتهم الرسمية، وبين مواقف حكام المسلمين ومؤسساتهم!!...
فالزعماء السياسيون في العالم الإسلامي متفقون على رأي واحد وهو؛ (المطالبة بالشرعة الدولية بحقّ قضية فلسطين)؛ المعلنة من هيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي في القرار 242، 338؛ والتي تنص على حل الصراع بين المسلمين واليهود في فلسطين على أساس اقتسام هذه الأرض؛ بإيجاد دولتين واحدة لليهود وأخرى لأهل فلسطين على أراضٍ احتلت سنة 67، دون تحديد لشكل هذه الدولة ولا حدودها، ولا حجم الأرض التي ستقوم عليها !!...
وللأسف الشديد فإن المحافل السياسية، وما تسمى بالدينية قد أقرت هذه الشرعة الظالمة الجائرة. فقد صدر عن الجامعة العربية – وهي المؤسسة السياسية التي ينضوي تحتها أكثر من 25 دولة عربية – اعتراف بهذه الشرعة الدولية في قمة بيروت سنة 2002 فيما يسمى بالمبادرة العربية للملك عبدا لله بن سعود، وبالتالي الاعتراف باغتصاب اليهود لأكثر أرض الإسراء والمعراج؛ بما فيها القدس!!
أما المجلس الوطني الفلسطيني؛ فإنه كذلك أقر الاعتراف بقرارات الأمم المتحدة بخصوص قضية فلسطين وذلك في دورته سنة (1988)، وبذلك اقرّ الاعتراف بالكيان اليهودي على جزء من ارض بيت المقدس ..كما أقرت بذلك حركة حماس في مؤتمر مكة 2007 حين أقرت بالمبادرة العربية 2002 كأساس لأي حلّ!!..
وقد صدر نفس الاعتراف من منظمة المؤتمر الإسلامي والتي تضم حوالي 57 دولة؛ على لسان رئيسها (أكمل الدين إحسان أوغلو) في مقابلة لصحيفة الحياة بتاريخ3/10/2009 حيث اقرّ بالاعتراف بجميع قرارات مجلس الأمن، ونادى بالإسراع والعدالة عي تطبيقها!!...
وصدر ذلك عن شيخ الأزهر السابق عبد الحليم محمود سنة 1979؛ عندما أيد اتفاقات كامب ديفيد بما فيها القرارات الدولية بخصوص قضية فلسطين!!..
فلماذا يتمسك اليهود بأرض بيت المقدس وهي ليست حقاً لهم، ويتهاون في ذلك زعماء المسلمين، وهي حق شرعي فرضه رب العزة جل جلاله ؟!
من أحق بهذا التمسك زعماء يهود ومؤسساتهم، أم زعماء المسلمين ومؤسساتهم ؟!.
إن المرجعية الصحيحة في هذا القرار بخصوص بيت المقدس ليست لزعامات يهود، ولا لمؤسساتهم، ولا للشرعة الدولية، ولا للشرعة العربية، ولا لشرعة العالم الإسلامي ومؤسساتها، ولا لعلمائها الضالين المضلين ..
إن الشرعة الصحيحة التي تشكل مرجعية المسلمين بخصوص أرض بيت المقدس؛ هي الشرعة الربانية التي قضت أن تكون بيت المقدس أرضا خراجيه؛ ملك رقبتها لكل مسلم على وجه الأرض؛ عربياً كان أم عجمياً، ويبقى هذا الحكم إلى يوم القيامة، وقضت أن يحرر كامل ترابها من دنس اليهود، وجعلت ذلك فرضاً شرعياً في رقبة كل مسلم على وجه الأرض، ويبقى إثم ذلك ما دامت تحت سطوة وسلطة يهود ..
وقال عليه السلام : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي" متفق عليه.
وهذا الأمر لم يخاطب به العرب وحدهم، ولا مؤسسات العالم الإسلامي، وإنما خاطب به رب العزة جل جلاله كل مسلم على وجه الأرض!! .
إن الحكم الشرعي بخصوص هذه المرجعيات جميعاً – سوى مرجعية الإسلام – إنها باطلة شرعاً ولا تلزم مسلماً أبداً على وجه الأرض، وسيأتي اليوم عما قريب بإذنه تعالى لتفضح كل هذه المرجعيات الباطلة وتداس بالأقدام، وترتفع شرعة الله تعالى، وتعود بيت المقدس كما كانت وكما أراد لها رب العزة جل جلاله !!