المهندس أحمد الخطيب
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين
يعج العالم الإسلامي ومنه العربي بحروب شرسة شديدة التأثير على المجتمعات المحلية، فأودت بحياة عشرات الآلاف وهجّرت الملايين، فالمتابع لوسائل الإعلام لا يدري من أين يبدأ (في متابعتها؟) وأين ينتهي ويصبح الحليم حيرانا، فهو يشاهد الجيش الباكستاني يدك أهله في وادي سوات، فقتل الآلاف وشرد ثلاثة ملايين إنسان من هذه المنطقة الخصبة الجميلة، وحجة حكام باكستان تطويع حركة طالبان باكستان وإخراج الأجانب.
وفي جارتها أفغانستان قاتل تحالف الشمال ومن بعد حكومة كرزاي إلى جانب الأمريكان ضد أهلهم في حركة طالبان أفغانستان وحجتهم أن الحركة لم تشاركهم في الحكم وكذلك بحجة إخراج الأجانب.
وذهابا إلى الصومال المنكوب يقاتل شيخ شريف أحمد شركاء الأمس في قتال الحكومة الموالية لأمريكا والقوات الأثيوبية مثل الحزب الإسلامي وشباب المجاهدين، مدعيا أن أجندتهم أجنبية وكذلك لإخراج الأجانب.
أما الجيوش العربية مثل الجيش المصري والسعودي والسوري فقد قاتلت إلى جانب الأمريكان في حرب الخليج بحجة تحرير الكويت من العراقيين "الأجانب"، ويلاحظ أن الحكومة العراقية بمكوناتها السياسية المختلفة تقاتل المقاومة في العراق بحجة مقاتلة الأجانب.
وعودة إلى فلسطين حيث تلاحق الأجهزة الأمنية الفلسطينية شركاء الأمس في المقاومة والحكومة بحجة أن أجندتهم أجنبية "إيرانية".ولقد ساعدت إيران الأمريكان في العراق وأفغانستان بحجة وجود الإرهابيين الأجانب، ولقد اجتمع قبل أيام حكام إيران وأفغانستان وباكستان، واتفقوا على محاربة الإرهاب والحفاظ على الحدود آمنة وخوفا من تنقل "الإرهابيين"!.والمدقق في هذه الحروب وهذه السياسات يجد أن الأمريكان قد استعملوا هذه الدول وجيوشها لخوض معارك بالوكالة عنهم في كافة المناطق المذكورة، فالجيش الباكستاني يخوض حربا نيابة عن الأمريكان في منطقة القبائل التي شكلت حاضنة للمقاومة الأفغانية، وشكلت قلقا للوجود الأمريكي في أفغانستان وهددت إمداداته اللوجستية وغيرها، وأما حكومة كرزاي والحركات المتحالفة معه، فتخوض حربا جنبا إلى جنب مع القوات الأمريكية في أفغانستان للحفاظ على الوجود الأمريكي في المنطقة ولتأمين مصالحه، وأما في العراق فلا يخفى على أحد أن حكام العرب تحالفوا مع الأمريكان وسخّروا لهم أراضيهم وسمائهم وإمكانياتهم وخاضوا المعارك ضد الجيش العراقي، ومهدوا الطريق لاحتلال العراق ونهب خيراته وقتل وتشريد ملايين العراقيين، وكذلك الحكومة العراقية التي شكلتها أمريكا بمكوناتها الطائفية إضافة إلى الصحوات، تقاتل حركات المقاومة نيابة عن الأمريكان، وأما حكومة الشيخ شريف احمد فإن الحركات التي تقاتله ويقاتلها كانت شريكة له في يوم من الأيام في محاربة النفوذ الأمريكي في الصومال وفي مقاتلة وكلاء الأمريكان سواء الحكومة الصومالية أو الجيش الأثيوبي، وذلك قبل أن يسير مع الأمريكان خلال تواجده في جيبوتي نتيجة للقاءاته المتكررة معهم وها هو يخوض حربا بالوكالة مع شركاء الأمس لإخضاعهم للنفوذ الأمريكي الذي يتحكم في الصومال، وأما في فلسطين فإن الجنرال الأمريكي دايتون يبذل قصارى جهده في إقصاء قدامى الثوار عن الأجهزة الأمنية وتدريب جيل جديد يقبل بملاحقة "إخوانهم في السلاح" أو حتى شركائهم في الحكومة من أجل الحفاظ على أمن يهود والحفاظ على مصالح ونفوذ وهيمنة أمريكا في فلسطين.وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن المقاتلين "الأجانب" في أفغانستان كانوا يسمون بالمجاهدين زمن مقاتلة الروس سواء عند حكام العرب والمسلمين أو الأمريكان، والبعض الآخر سمي بالمقاومين أو المناضلين أو شركاء السلاح أو شركاء الحكومة.. الخ تكتمل الصورة بأن المسلمين (يقاتل؟) بعضهم بعضا في حروب بالوكالة عن الأمريكان وغيرهم في كافة المناطق. فهلا أدركت الأمة واجبها وحزمت أمرها، وغيرت من أوضاعها وذلك بتغيير المتحكمين في رقابها الذين أوردوها موارد الهلاك وجعلوها تقاتل نفسها بدل مقاتلة أعدائها الذين احتلوا بلادها في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها من بلاد العرب والمسلمين، هلا مسكت زمام أمرها ووحدت نفسها وأقامت دولتها التي تطبق إسلامها كاملا، لتحمله رسالة نور وهدى للبشرية فتخرجها من الظلمات إلى النور ومن ظلم وجور الأمريكان والدول الديمقراطية الرأسمالية إلى عدل الإسلام، ولتقتعد المكانة التي تليق بها بين الأمم بل لتكون دولتها الدولة الأولى في العالم التي يرتحل إليها أبناء الأقطار ويستظلون بلواء العدل لوائها.