خيانة حكام آل سعود للمسلمين وفلسطين خيانة مستمرة بفصول متجددة

صرّح ولي العهد السعودي لمجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية: إن "الشعب اليهودي له الحق في العيش بدولة قومية أو في جزء من موطن أجداده على الأقل، وإن كل شعب بأي مكان له الحق في العيش بسلام".

 

وأضاف، في حديثه الذي نُشر الاثنين (2 نيسان/أبريل 2018): إن لـ "الفلسطينيين و(الإسرائيليين) الحق في امتلاك دولتهم الخاصة، لكن بذات الوقت يجب أن يكون لدينا اتفاق سلام لضمان الاستقرار للجميع ولإقامة علاقات طبيعية". (الخليج أونلاين).

 

لم يكن تصريح ابن سلمان هذا إلا نُطقاً بالحقيقة التي طالما بقيت خلف الستار، فآل سعود لم يكونوا يوماً على عداوة مع أعداء الأمة، بل هم حرب على الأمة وقضاياها. ورغم تقلب حكامهم بين العمالة لبريطانيا تارة ولأمريكا تارة أخرى، إلا أنهم قد أجمعوا على خيانة الأمة وخدمة أعدائها وتنفيذ مخططاتهم ولو على حساب أرواح المسلمين وثرواتهم وتخريب ديارهم.

 

وليس ذلك بدعاً من المواقف أو أمراً منبتّاً، فحكام آل سعود مردوا على الخيانة بل كانت الخيانة قوام حكمهم، فلقد تآمروا على الخلافة العثمانية مع الإنجليز أول مرة وحاربوها عسكريا قبل إنشاء مملكتهم الجبرية، ثم سعوا إلى تضليل الأمة باسم الدين، فيما لم تكن تصرفاتهم إلا بإيحاء بل بأوامر مباشرة من قبل أسيادهم، كما صرح بذلك ابن سلمان نفسه في تصريح له لصحيفة الواشنطن بوست حيث اعتبر "أن انتشار الفكر الوهابي في بلاده وبناء المدارس والمساجد حول العالم يعود إلى فترة الحرب الباردة عندما طلبت دول حليفة من السعودية استخدام أموالها لمنع تقدم الاتحاد السوفييتي في دول العالم الإسلامي".

 

لقد سقطت ورقة التوت عن حكام آل سعود، وبات تآمرهم على الأمة وقضاياها ظاهراً لا يخفى على صاحب عقل؛

 

فهم قد ساعدوا على بقاء نظام الأسد العميل لأمريكا في الشام عبر رهنهم لكبرى فصائل الغوطة بمالهم السياسي القذر ومنعها طوال سنيِّالثورة الماضية من تهديد معقل النظام ورأسه، فكانوا بذلك سماً قاتلاً ظاهره الدسم، يسعون لخدمة مشروع أمريكا والحفاظ على نفوذها في الشام ويظهرون الحرص على الشام وأهلها وهم كاذبون.

 

وقل مثل ذلك في اليمن، فحكام آل سعود ليسوا سوى بيدقٍ بيد أمريكاالتيتسعى لكنس عملاء الإنجليز الذين أطبقوا على اليمن لعقود خلت والحلول مكانهم، وما زعمُ حكام آل سعود دفاعهم عن أهل اليمن أو المذهب السني سوى مادة دعائية لتسويق مؤامراتهم.

 

أما فلسطين، فخيانة حكام آل سعود لمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم متجذرة ومتعددة ومتنوعة، فمن تواطئهم مع بريطانيا التي مكّنت يهود من احتلال فلسطين، إلى تخاذلهم عن نصرة فلسطين لعقود، إلى مبادرة الملك عبد الله التي باتت تعرف بالمبادرة العربية والتي شرعت احتلال يهود لمعظم فلسطين ودعت إلى التطبيع الكامل معه مقابل إقامة دويلة هزيلة لأهل فلسطين، إلى تطبيعهم "غير الرسمي" مع كيان يهود المحتل عبر الوفود التي ترأسها الجنرال أنور عشقي ولقاءات تركي الفيصل مع داني أيالون وفتحهم أجواء السعودية لتسيير رحلات مباشرة بين الهند وكيان يهود، إلى تصريحات ابن سلمان هذه التي تحاكي وعد بلفور فتقر لليهود المحتلين المعتدين بوطن قومي في الأرض المباركة التي فتحها الفاروق وحررها صلاح الدين ورواها الصحابة ومن تبعهم بإحسان بدمائهم جيلا بعد جيل.

 

إن تصريحات ابن سلمان الخيانية هذه لن تكون الأخيرة بل سيتبعها المزيد ثم المزيد من التصريحات والمواقف التي تصب في خدمة مخططات أمريكا للمنطقة وتمهد الطريق لإقامة حلف "سني" يهودي ضد الحلف "الشيعي" في الحرب المذهبية المزعومة، والتي تسخرها أمريكا لخدمة مخططاتها في المنطقة، لإغراقها بالحروب لاستنزاف ثرواتها وإحكام سيطرتها عليها والحيلولة بين المسلمين وبين انعتاقهم من ربقة الاستعمار وإقامة خلافتهم.

 

إن ابن سلمان قدم نفسه للأمريكان كعرّاب جديد للسلام، وهو بتصريحاته المتهافتة هذه يحاول "تبييض" صفحته أمام ترامب وحكام يهود، وهو يسعى بكل جهده لإنجاح صفقة ترامب المشؤومة، ولعل ما نشرته الخليج أونلاين قبل أيام عن مسؤول مصري عن سعي السعودية ومصر لوقف مسيرات العودة خشية تأثيرها على مجرى صفقة القرن هو دليل على مدى التفاني الذي يبذله ابن سلمان في خدمة أمريكا ومشاريعها.

 

إن ابن سلمان وحكام السعودية لا ينظرون إلى قضية فلسطين بوصفها قضية أمة أو قضية تخصهم أو تمس عقيدتهم، بل هي - في نظرهم - عائق يحول بينهم وبين إظهار الولاء التام لأمريكاويهود المحتلين، فبسبب المكانة الدينية لبلاد الحجاز لدى المسلمين فمن غير المقبول - إعلاميا - أن تقيم السعودية علاقات وثيقة وتحالفات عسكرية مع كيان يهود وهو محتل للأرض المباركة، لذا يسعى هؤلاء لتصفية قضية فلسطين والتخلص من هذا الإحراج الذي يقيّد انبطاحهم ويحدّ من إظهار انحيازهم التام لأعداء الأمة.

 

إن انكشاف سوءة حكام السعودية يوجب على العلماء في بلاد نجد والحجاز الصدع بالحق والوقوف في وجه الذين اتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين، والذين فرّطوا بثروات الأمة وجعلوا مسرى نبيها وطناً قومياً لأشد الناس عداوة للذين آمنوا، ويوجب عليهم المحاسبة السياسية العلنية، فما عاد هناك عذر لمعتذر، وما بات مخلص يناقش بكون هؤلاء ولاة أمور أم لا، فهم عملاء للاستعمار، أدوات لتنفيذ مخططاته.

 

وإن هذا الواقع المزري يؤكد المؤكد أن الحكام العملاء هم مربط الفرس في التآمر على الأمة، وأن طريق التغيير يمر فوق أنقاض عروشهم، فعلى الأمة أن تطيح بهم لتنعتق من ربقة المستعمرين وتستعيد سلطانها فتقيم خلافتها راشدة ثانية على منهاج النبوة، وحينها تُعز وتُنصر وتحرر فلسطين وكل بلاد المسلمين المحتلة.

علاء أبو صالح

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير الأرض المباركة فلسطين

عن جريدة الراية