الجمعيات النسوية ترى الدين سبباً لمشاكل المرأة، وتسعى لمحاربة وجهاء العشائر وتقليل الخصوبة
فيما يلي بعض المقتطفات من دراسة نشرتها المجموعة الفلسطينية لمراقبة حقوق الإنسان تتحدث فيها عن المشاكل التي تواجهها المرأة في فلسطين.
نضع بين أيدي القراء بعض الفقرات للاطلاع على رؤية الداعين "لحرية المرأة وحقوقها" للمشاكل التي تواجهها وكيفية العلاج ونترك التعليق للقارئ الكريم.
وللاطلاع على كامل الدراسةاضغط هنا
تعاني النساء الفلسطينيات من عدة مشاكل تعود جذور بعضها لعوامل موضوعية تتلخص بالاحتلال وسياسة الاغلاق والحصار بالاضافة إلى حداثة نشأة السلطة الوطنية الفلسطينية، وما يترتب على ذلك من فقر وبطالة وأمية وغيرها من المشاكل . أما بعضها الآخر، فتعود جذوره لعوامل ذاتية تأخذ من العادات والتقاليد والثقافة وحتى الدين في بعض الأحيان روافداً تعليلية تفسيرية لحالة الظلم واللامساواة التي تلحق بالإناث في المجتمع الفلسطيني. وفي هذا الاطار, تحاول المنظمات النسائية كغيرها من المنظمات الأهلية والحكومية، الاستجابة لمتطلبات المرحلة و تخفيف حدة المعاناة التي تعيشها المرأة الفلسطينية، وذلك من خلال تقديم الخدمات المتنوعة والتي قد تكون ذات طبيعة إغاثية أو تنموية أو توعوية ثقافية وغيرها من الأشكال بهدف التقليل من حدة الفقر، الأمية، العنف وغيره من المشاكل التي تواجهها المرأة الفلسطينية .
وكما يطرح الأستاذ قطامش بأن النساء في المجتمع الفلسطيني تفرض عليهن جزيئات حياتهن من شكل الملبس أو الدراسة، أو العمل وحتى الزوج وعدد الاطفال . ومن الملفت للانتباه هنا بأن معظم النساء تتقبل هذه الأدوار التي تفرض عليها وتتعامل معها على أنها أمورا طبيعية، ما يدل على أن معظم النساء الفلسطينيات تعرضن لما يعرف في الاستلاب الثقافي وتعاملن معه على أنه أمراً عادياً .
ففيما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية المعمول به في الضفة الغربية، نلاحظ بأنه يعود للقانون الأردني رقم 61 لسنة 1976، أما ذلك المتبع في القطاع، فإنه يعود بدوره إلى قانون حقوق العائلة العثماني.وبذلك نلاحظ كيف تعود هذه القوانين لحقب زمنية بعيدة لا تمت للعصر والحداثة بصلة من جهة، ومن جهة ثانية، نلاحظ كيف أنها لا تعود بأصلها للحكومة الفلسطينيةولا تعبر عن إرادة وطنية، وإنما هي تركة من حقب زمنية متعددة تعود لحكومات غير فلسطينية , وفي هذا السياق، يرى تقرير فريدم هاوس بأن قوانين الأحوال الشخصية السارية في الضفة الغربية والقطاع, إنما هي ذات طبيعة تمييزية في كل الشئون المتعلقة بالزواج، الطلاق، حضانة الأطفال . بالإضافة إلى ذلك، فإن تحديد سن الزواج للمرأة بخمس عشرة سنة، إنما هو إجحاف بحقها وحرمان لها من حقها الطبيعي في الإستمتاع بطفولتها ومراهقتها، لتجد نفسها مسؤولة عن إعالة بيت وأطفال وزوج . وفي نفس الإطار، فإذا أرادت الزوجة الحصول على الطلاق، تجد نفسها مقيدة بالقانون بتوفر شروط وأسباب من أجل الموافقة على تطليقها من زوجها، وعلى النقيض من هذا، يتمتع الرجل بكامل الحرية لتطليق زوجته بدون تقييده بشروط معينة، الأمر الذي يعتبر إجحافا بحق المرأة .
وأما قانون الأسرة، فإنه ينص على أن الزوج هو رب الأسرة ويتطلب من الزوجة أن تطيع زوجها ويمنح الزوج سلطة الموافقة على حق زوجته في العمل أو السفر ضمن حقوق أخرى. بالإضافة إلى أنه لا يتم السماح للمرأة بموجب هذا القانون القيام بتفسير النصوص الدينية والتي تعد أساس الشريعة أو العمل كقاضية في محاكم الأسرة، ما يعني استبعاد المرأة بصورة فعالة من تلك الجوانب الخاصة بالنظام القضائي الذي يؤثر تأثيراً قوياً للغاية على حياتها . وبالتالي، نلاحظ كيف تمنح هذه القوانين الرجل السلطة الكافية للتحكم في مصير زوجته سواء تعلق الأمر في حريتها بالعمل والذي كما أشرنا إليه سابقاً, بأنه يعتبر حقا من حقوق الإنسان المتكاملة غير القابلة للتصرف بناء على إعلان الحق في التنمية/1986، أو في التنقل، هذا ناهيك عن اعتبار المرأة في منزلة أدنى من الرجل من خلال حصر حق تفسير النصوص الدينية للرجال فقط .
وقد أكد تقرير فريدم هاوس على هذا الموضوع من خلال ملاحظته لوجود تمييز قانوني يضع المرأة في منزلة أدنى . ولا أدل على ذلك من عدم إعتبار القانون المرأة شخصاً كاملاً أمام المحاكم كشاهدة أو فيما يتعلق بالزواج والطلاق أو حضانة الأطفال .هذا ناهيك عن التمييز الذي يلحق بالنساء فقط لكونهن نساء في موضوع الميراث . فقانون الميراث الذي تضمنه قانون الأسرة يعد بمثابة مصدر آخر لعدم المساواة بين المرأة والرجل، بحيث تحصل الأخت على نصف نصيب أخيها، ومع ذلك, لا تحصل المرأة في معظم الأوقات على نصيبها الذي يعادل نصف نصيب الرجل من الميراث .
وبناء على ذلك، تعتبر قوانين الأسرة المعمول بها من أهم العوائق التي تحد من تقدم المرأة ومساواتها بالرجل . ولهذا لم تخلُ معظم التقارير والدراسات ذات العلاقة بموضوع المساواة ووضع المرأة من الدعوة الصريحة إلى ضرورة إجراء تعديلات لهذه القوانين. فقد دعا تقرير تقدم المرأة العربية 2004 إلى ضرورة إعادة النظر في قوانين الأسرة وممارسات الدولة التي تجعل مواطنة النساء متوقفة على العلاقات الأسرية .واعتبرت بدورها الآنسة زهيرة كمال الوزيرة السابقة لوزارة المرأة بأن هنالك حاجة ملحة لتغيير قانون الأسرة ].
ولا يعتبر الوضع أفضل إذا إنتقلنا للحديث عن قانون العقوبات المعمول به في الأراضي الفلسطينية ، ففي الضفة الغربية، تسير أحكام قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960، أما في القطاع فتسير أحكام قانون العقوبات الإنتدابي رقم 74 لسنة 1936 ما يجعل من كليهما غير صالحين لهذا العصر . وفي تعليقه على هذا القانون، إعتبر تقرير فريدم هاوس بأن هذا القانون تتعرض فيه المرأة للتمييز ،وإعتبرت بدورها الآنسة زهيرة كمال بأن هناك ضرورة لتغيير هذا القانون لضمان مثول مرتكبي العنف ضد المرأة أمام القضاء .
وبناء على ذلك، وإستناداً إلى المعلومات التي توفرت في القسمين السابقين، فإن مشاكل واحتياجات المرأة الفلسطينية هي كالآتي :
ب-محاربة الصورة النمطية السلبية للمرأة الفلسطينية التي تحصر عملها في المنزل حيث الأسرة والزوج والأطفال، وذلك من خلال, شن حملات توعوية تثقيفية بين النساء من قبل المنظمات النسوية وتلك المعنية بحقوق الإنسان والتنمية والمؤسسات الحكومية لرفع درجة الوعي لديهن حول أهمية العمل التي تعدو الجانب المادي لتشمل جوانب معنوية وإجتماعية أخرى كالاستقلالية والشعور بتقدير الذات من خلال تخطي معضلة المعالات والمتابعات، فالتحرر الإقتصادي شرط أولي لكل تحرر مادي أو معنوي بالاضافة إلى ضرورة الترويج لأهمية مساعدة الرجل لقرينته في تحمل أعباء المنزل، وإلى ضرورة إزالة التمييز القانوني ضد النساء في حقل العمل, وذلك من خلال قيام المنظمات المعنية بشن حملات ضغط على المجلس التشريعي تركز على العلاقة الجدلية القائمة بين إنصاف المرأة في حقل العمل وبين تنمية ونهوض المجتمع ككل،
ت-محاربة ظاهرة الخصوبة العالية بين النساء الفلسطينيات، لما لها من نتائج سلبية على صحة الأم بالدرجة الأولى وعلى مستوى الفقر والرفاه الاجتماعي الذي تتمتع فيه الأسرة بشكل عام، حيث بينت إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني, بأنه كلما إزداد عدد الاطفال بالأسرة، كلما إزدادت حدة الفقر الذي تعاني منه تلك الأسرة . وذلك من خلال القيام بحملات توعوية تثقيفية من قبل المنظمات والجهات المعنية للنساء خاصة في القرى والمخيمات لرفع مستويات الوعي لديهن حول وسائل تنظيم الأسرة وخطورة الحمل المتكرر، ومن خلال محاربة ظاهرة الزواج المبكر المتفشية في المجتمع الفلسطيني, وذلك من خلال رفع سن الزواج الذي نص عليه قانون الاحوال الشخصية والذي حدده ب15 عاما، ورفعه ليكون كحد أدنى 18 عاما كآلية لتخفيف معدل الخصوبة ولرفع مستوى الوعي والتعليم لدى الأناث .
ح-العمل على تغيير بعض نصوص المواد القانونية التمييزية السارية في الأراضي الفلسطينية والتي تعتبر إمتداداوإنعكاسا للموروث الثقافي وللبنى التحتية الأبوية التي تسيطر على منظومة العلاقات الإجتماعيةهناك . وبالتالي لا بدّ من شن حملات ضغط من قبل المنظمات النسوية وتلك المعنية بحقوق الإنسان والمرأة بشكل خاص على المجلس التشريعي لتعديل نصوص القوانين التالية؛ الأحوال الشخصية، الأسرة،العقوبات، الصحة خاصة رقم 43/ 1996 ، بعض مواد مشروع قانون العقوبات، قوانين الإنتخابات التشريعية والمحلية .
د-أما فيما يتعلق بالعنف، والذي يعتبر إنعكاسا لعلاقات القوة غير المتكافئة بين الجنسين، فيجب فضحه من خلال تعاون جميع الجهات, الحكومية وغير الحكومية منها للتمكن من إخراجه من دائرة الخاص إلى العام ومن الفعل الطبيعي إلى غير الطبيعي، وقد تكون الدورات التوعوية التثقيفية للنساء المختصة بمساعدتهن على تجاوز مرحلة الحرج من المجاهرة بمثل هذا الجرم الذي يتعرضن له، إلى المجاهرة به وفضحه ومطالبة الحق والرأي العام بتأمين الحياة الكريمة لهن إحدى الوسائل. وفي نفس السياق، ضرورة شن حملات ضغط من قبل الجهات المعنية على المجلس التشريعي لتضمين القانون الأساسي ما قدمتها للمؤسسات الدولية لحقوق الإنسان من تعريفات لهذا النوع من الجرم، و ربط الصحة بمفهومها العام بالعنف حيث أنه مع كل حالة قتل، هناك الكثير من الإصابات والحالات النفسية غير المحددة والعاهات الدائمة مدى الحياة . هذا بالاضافة إلى ما نوقش سابقا من ضرورة تعديل بعض ما ورد من نصوص في قوانين العقوبات والصحة .وبالاضافة إلى ذلك، لا بدّ من محاربة سلطة وسيطرة وجهاء العشائر الذين أثبتت الدراسات بأن معظم جرائم قتل النساء تتم بمباركتهم والذين ينشطون بشكل كبير في الأراضي الفلسطينية, خاصة في الخليل، وذلك من خلال تفعيل دور القانون في هذه القضايا، وتضمين القانون الأساسي نصا يفيد بمحاسبتهم ( وجهاء العشائر) في حال ثبتت مسألة تشجيعهم ومباركتهم لحالات قتل للإناث ..........