فيما يلي مقال بعنوان "الحقوق الصحية للمرأة الفلسطينية في القوانين الفلسطينية والتشريعات الصحية" لمديرة برنامج صحة المرأة / لجان العمل الصحي، ننقله لكم للاطلاع.

ويلاحظ القارئ  كيف يتعامل القائمون على قضية المرأة مع قضاياها، و كيف يصنفونها خارج المجتمع ولا ينظرون لها كمكون طبيعي لأفراده، فللمرأة في تصنيفهم حقوق صحية، هكذا لديهم القضية، ولا ينظرون إلى  أن الرعاية الصحية يجب أن تتوفر لجميع أفراد المجتمع فرداً فرداً رجلا كان أو امرأة او طفلاً، وهذا بحد ذاته افتعال لقضية لأغراض مقصودة.

وبالرغم من أن الحديث عن الحقوق الصحية إلا أن ثنايا المقال توضح معالم ومرامي "الأغراض المقصودة"، فيكثر فيه ذكر "العقلية الذكورية والأبوية" سعياً لرفض فكرة قوامة الرجل ومسؤولية الأب، ورفض الزواج المبكر، ورفض "الانصياع لمنظومة من السلوكيات يمليها الرجل"، وغير ذلك الكثير مما يسعى المقال لتسريبه من أفكار غربية ومغلوطة لعقول النساء، سعياً للوصول إلى امرأة مصبوغة بصبغة غربية ومشكّلة وفق قوالب الغرب.

وفيما يلي نص المقال:

-----

الحقوق الصحية للمرأة الفلسطينية في القوانين الفلسطينية والتشريعات الصحية

     على الرغم من التغييرات التي طرأت على الواقع الاجتماعي في جميع المجالات بما فيها قضية المرأة ، وأصبحت المرأة الفلسطينية أكثر انخراطا في التعليم والصحة والعمل والقرار،  ما زال هناك معوقات اجتماعية وثقافية وسياسية تعيق من انخراطها كاملا في عملية التنمية ومساواتها الكاملة مع الرجل في الحقوق والواجبات والمسؤوليات.

     وما زالت العقلية الذكرية مهيمنة في مواقع صنع القرار، وتعمل على تعزيز وترسيخ فكرة الأدوار التقليدية للمرأة بل واعتبارها قيماً ثابتة وبديهية ليس في ذهنية الرجل فقط بل وأيضا في ذهنية المرأة ذاتها مثل... معلمة – ممرضة  - سكرتيرة  -  مربية   وتكون النتيجة احتلال الرجل مكانة فوقية بينما تأخذ المرأة وضعا ثانوياً في المجتمع. والمؤشرات جميعها سواء في التعليم والعمل والتمثيل السياسي والصحة تشير وتؤكد التمييز المبني على أساس النوع الاجتماعي وانه كلما ارتفعنا إلى قمة الهرم الوظيفي تقل نسبة تمثيل النساء بغض النظر إذا كان القطاع صحيا أو في جهاز التعليم أو في جهاز القضاء أو الجهاز الحكومي وغيره. وكذلك الحال في بعض التخصصات والمهن المرتبطة بالرجل ضمن عقلية المجتمع الأبوي الذي يحتضن المرأة والرجل . وفي مجالات الصحة ما زالت الفجوة بين الجنسين قائمة على أساس النوع الاجتماعي وهذا ما بينته تقارير الجهاز المركزي للإحصاء في تقرير المرأة والرجل أن النساء الفلسطينيات يرضعن أطفالهن الذكور فترة أطول من الإناث ، وفي مجالات الزواج المبكر للإناث تشكل النسبة الأعلى ،الذكور توفر لهم الفرص الأكثر للحصول على الخدمات والرعاية الصحية والمعلومات للمراهقين والمراهقات حول الصحة الإنجابية والتربية الجنسية. أن مدى مشاركة المرأة والرجل في برامج تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية (المعرفة بوسائل تنظيم الحمل واستخدامها للجنسين)، هذا الدور على عاتق المرأة أذ تشير التقارير إن الواقي الذكري يشكل أقل نسبة استخدام لوسائل تنظيم الأسرة وهي الوسيلة الوحيدة من اختصاص الذكر.

      جرائم القتل بما يسمى على خلفية الشرف التي تنتج أصلا عن موروث اجتماعي يجبر المرأة على الانصياع لمنظومة من السلوكيات يمليها الرجل، وبتمييز واضح تجاه مرتكب هذه الجريمة إذا كان امرأة

    إن التمييز القانوني ضد المرأة في ما يسميه القانون »جرائم الشرف« يؤكد انتهاك حقوقها الإنسانية والدستورية ويبرر العنف المبني على أساس الجنس.

    فالتشريعات الصحية الفلسطينية ما زالت تعكس جزء من هذا التمييز ولم تعبر عن الحقوق الصحية التي يجب أن تتمتع بها المرأة : لو أخذنا ما ورد في القانون الأساسي الفلسطيني حول صحة المرأة التالي:

لقد نص القانون الأساسي في المادة 29

" رعاية الأمومة والطفولة واجب وطني ، وللأطفال الحق في: -

-1الحماية والرعاية الشاملة

-2أن لايستغلوا لأي غرض كان ولايسمح لهم بالقيام بعمل يلحق ضررا بسلامتهم أو بصحتهم أو بتعليمهم" .

-3الحماية من الايذاء والمعاملة القاسية" .

-4يحرم القانون تعريض الأطفال للضرب والمعاملة القاسيتين من قبل ذويهم".

-5أن يفصلوا اذا حكم عليهم بعقوبة سالبة للحرية عن البالغين وأن يعاملوا بطريقة تستهدف اصلاحهم وتتناسب مع أعمارهم" .

      إن ما جاء في القانون الأساسي حول الحقوق الصحية للمرأة هو غير كافي اذ عمل على الربط مابين الأمومة والطفولة وربط المرأة ضمن مفهوم المجتمع الأبوي بدورها الإنجابي وعززه فقط كأم وتجاهل المرأة في مراحل عمرها المختلفة كالمراهقة وسن الأمان والشيخوخة ولم ينص على الحقوق الصحية للمرأة التي تطلبتها المواثيق الدولية

أما في   قانون الصحة العامة رقم (20) لسنة 2004م المنشور بتاريخ 23/4/ 2005 وذلك بعد التعديل.

الفصل الثاني تحت عنوان ( صحة المرأة والطفل )  المادة 4 على الوزارة اعطاء الأولوية لرعاية صحة المرأة والطفل باعتبارهما جزءا لايتجزأ من الاستراتيجية الانمائية للسلطة الوطنية الفلسطينية.

المادة 5 منه نصت على:

" على الوزارة توفير الخدمات الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية المتعلقة بصحة الأم والطفل ومنها:

-1إجراء فحص طبي قبل عقد الزواج ويعمل على عدم توثيق العقد إلا بعد الفحص الطبي للتأكد من خلو الزوجين مما يمكن أن يؤثر على حياة وصحة نسلهما" .

-2رعاية المرأة وبصفة خاصة في أثناء فترات الحمل والولادة والرضاعة وتشجيع الرضاعة الطبيعية

-3متابعة نمو الطفل وتطوره.

-4توعية الأسرة والمجتمع على كيفية رعاية الطفل وحمايته والتعامل معه خلال مراحل نموه وتطوره المختلفة." .

لم يتعرض للصحة العامة للأنثى في المراحل العمرية المختلفة ( مرحلة المراهقة ، مرحلة الآمان، وبقي القانون يتحدث عن الأمومة والطفولة ولم يعمل على إتباع سياسة واضحة في مجال الرعاية الصحية للمرأة كونها تحتاج إلى رعاية صحية خاصة ولم يوازن القانون مع ما جاء في اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة في مجال الرعاية الصحية والحماية من كافة أشكال العنف الجسدي والنفسي

 قانون الخدمة المدنية رقم (4) لسنة 1998:

قد تعاطي مع المرأة بوصفها أماً ومرضعاً، وليس بوصفها إنساناً له احتياجات صحية خاصة

منح الأم الحامل إجازة براتب كامل لمدة 70 يوماً وهو ما يعتبر فترة قصيرة

ساعة الرضاعة ولم يوفر القانون أماكن آمنة للراحة الخاصة بالمرأة عامة وحضانة ورعاية وإرضاع الطفل للمرأة الأم خاصة.

قد خلا قانون الخدمة المدنية من أحكام قانونية مباشرة و صريحة حول إجهاض المرأة الموظفة من حيث الإجازة أو الراتب فالمادة ( 88 ) من القانون تمنح الموظفة الحامل إجازة براتب كامل لمدة 10 أسابيع متصلة قبل الوضع و بعده و لم تعالج هذه المادة إسقاط الحمل و الإجازة التي من الممكن الحصول عليها قبل الحصول عليها قبل الإسقاط أو بعده.

و يندرج إجهاض المرأة الموظفة ضمن الإجازة المرضية طبقا لأحكام المادة ( 85 ) من قانون الخدمة المدنية و هذا ما جرى عليه العمل في كافة القوانين المتعلقة بالمرأة الموظفة منذ نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين.

وفي المادة 53 البند الثالث أذا كان الزوجان موظفان بالخدمة المدنية فتدفع العلاوةالاجتماعية للزوج وفي نفس الوقت تخصم على المرأة الضريبة من الراتب.

قانون العمل الفلسطيني لسنة 2002

يحظر التمييز بين الرجل والمرأة. المادة (100)

حظر تشغيل النساء في: 1- الأعمال الخطرة أو الشاقة التي يحددها الوزير.

حظر استخدام المرأة خلال فترة الحمل والستة أشهر التالية للولادة بساعات عمل إضافية

حظر استخدام المرأة بساعات عمل ليلية، فيما عدا الأعمال التي يحددها مجلس الوزراء. المادة (101)

منح المرأة العاملة التي أمضت في العمل قبل كل ولادة مدة مائة وثمانين يوماً الحق في إجازة وضع لمدة عشرة أسابيع مدفوعة الأجر منها ستة أسابيع على الأقل بعد الولادة المادة 103.

حظر فصل المرأة العاملة بسبب الإجازة المذكورة أعلاه إلا إذا ثبت عملها بعمل آخر خلال فترة الإجازة.

منح المرأة المرضعة الحق بفترة أو فترات رضاعة أثناء العمل لا تقل في مجموعها عن ساعة يومياً لمدة سنة من تاريخ الوضع. على ان تحتسب ساعة الرضاعة من ساعات العمل اليومية.

حق المرأة العاملة في الحصول على إجازة بدون أجر لرعاية طفلها أو لمرافقة زوجها.

          نصت المادة ( 103 ) من قانون العمل على حق المرأة العاملة في القطاع الخاص على إجازة وضع لمدة عشرة أسابيع مدفوعة الأجر منها ستة أسابيع على الأقل بعد الولادة و لا يجوز فصل المرأة العاملة بسبب إجازة الوضع و قد خلا قانون العمل من حماية المرأة العاملة التي تجهض حملها. و أقصى ما يمكن أن تستفيد منه المرأة هو المادة ( 79 ) من قانون العمل التي يستحق فيها العامل إجازة مرضية مدفوعة الأجر خلال السنة الواحدة مدتها 14 يوم و بنصف الأجر لمدة 14 يوما و بنصف الأجر لمدة 14 يوما أخرى. وحسب نفس المادة أنه تم استثناء النساء اللواتي يعملن بالمياومة من هذا الحق.

في المادة حظر تشغيل النساء في العمال الخطرة كما يحددها الوزير تعكس تمييزا قد يكون إيجابا أو سلبا وهذا مرتبط بشخصية وعقلية الوزير.

إن النقص في قانون العمل وقانون الخدمة المدنية حول إجهاض المرأة العاملة والتمييز الواضح في القوانين لصالح الذكر من وجهة نظري أنه يستوجب تعديل هذه القوانين بحيث يتم وضع أحكام جديدة وموافقة لحقوق المرأة التي هي حقوق إنسان.

     القانون مهم و لكن غير كاف – نحن بحاجة الى اليات مراقبة لتنفيذ هذه القوانين ومعاقبة الخارجين عنها واليات حماية للمرأة في حال تم انتهاك القانون  ولا بد للمرأة إلا أن تأخذ دورها الفعال في مواقع صنع القرار للتأثير في موازنات النوع الاجتماعي ، في سن القوانين والتشريعات والسياسات السكانية التي تأخذ قضايا النوع الاجتماعي على محمل الجد. وأتمنى أن ندرك جميعا ونعمل جميعا على إيصال المرأة ذات العقلية التي تؤمن بتحرير المرأة وأن قضية المرأة هي قضية اجتماعية عامة وتخص الرجال والنساء بعيدا عن الصراع الجنسي المحض بين المرأة والرجل ولو سئلت عن سؤالا بسيطا

    هل النساء في مواقع صنع القرار ( التشريعي والحكومي) مثلن، وبالضرورة، موقفاً تقدمياً من قضايا النساء- قانون الأحوال الشخصية، قانون العقوبات، تعدد الزوجات، التشريع المدني؟

حتما الجواب عندكم جميعا

مديرة برنامج صحة المرأة / لجان العمل الصحي

 الموقع:

http://www.hwc-pal.org/img/news_files/article1.doc