تعليق صحفي

الفساد هو بضاعة المشروع الوطني – الاستثماري

رام الله 26-4-2017  وفا- في كلمة رئيس وزراء السلطة الفلسطينية رامي الحمد الله في المؤتمر السنوي الثالث لديوان الرقابة المالية والإدارية، قال: إن حكومته ستواصل العمل الدؤوب لحوكمة المؤسسات وتطوير عملها والاضطلاع بمهامها في الاستجابة لمتطلبات أبناء شعبنا. وتابع الحمد الله: "هذا المؤتمر الهام يعتبر خطوة هامة في ضمان سلامة وكفاءة وفاعلية الأداء العام، والارتقاء به بعيدا عن الفساد وسوء الإدارة والتشتت، كمتطلب أساسي للحفاظ على المال العام وتحصينه، وضمان الاستخدام الأمثل للموارد المالية والاقتصادية المتاحة... "لإرساء مؤسسات دولة نموذجية تستند إلى مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة وحقوق الإنسان".

إن صناعة المشروع الوطني الاستثماري قائمة على جباية الأموال من الناس وعلى القمع وملاحقة المقاومين وعلى الاعتقال السياسي إن هم اعترضوا ضد نهج السلطة الباطل، فكيف يمكن لسلطة أمنية تحمي أمن الاحتلال وتعفيه من مسؤولياته تجاه الأرض التي يحتلها أن تحقق متطلبات الناس وحقوقهم في الكرامة والعيش الكريم والصمود تحت هذا الاحتلال المجرم حتى يأذن الله بتحرك الأمة وجيوشها نحو واجب التحرير؟

إن فساد المؤسسات هو النتيجة الحتمية لفساد السياسات، والتي هي إفرازات طبيعية لفساد القيم التي يحملها ويروجها قادة السلطة والمنظمة، كيف لا وهم قد حولوا قضية فلسطين من قضية تحرير عسكري إلى مشروع استثماري لاجتذاب أموال المانحين. وإن الاعتماد على التمويل الأجنبي قد شكّل أرضية للفساد من خلال إيجاد طبقة تسترزق من وراء مشاريع الممولين السياسية والثقافية. ثم إن السلطة الفلسطينية المنشغلة في تحقيق المتطلبات الأمنية للحفاظ على وجودها لن تشغلها ملفات الفساد إلا بقدر ما يلزمها من تحسين صورتها المهترئة وستر عورات قادتها أمام المانحين. 

إن ديوان الرقابة الذي يعاين فساد السلطة ولا يحاسب قادتها ومسؤوليها هو نفسه بحاجة إلى رقابة: فهو لا يجرؤ على كشف فساد القيادات التي هي المسؤولة أولا عن الفساد، بل إن تلك القيادات ترعى فساد الشخصيات أحيانا أو تتكتم عليه لتوريطهم للسير في المشاريع السياسية، إذ إن السياسة الفاسدة تحتاج إلى شخصيات فاسدة لتنفيذها.

ومن ثم فإن الرقابة الإدارية والمالية تحتاج إلى نظام يتم التقويم على أساسه، وإلى سلطان تنفيذي تستند إليه، والنظام والسلطان هما مفسدتان تحت الاحتلال، ولذلك فإن الفساد سيظل يترعرع مع ضياع السلطان الإسلامي وغياب المحاسبة السياسية، وقد قيل في الأثر: "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".

26/4/2017