تعليق صحفي

منظمة التحرير الفلسطينية ثابتة على مبدئها في التصدي للأخطار التي تهدد الكيان الصهيوني

نشرت وسائل الإعلام خبر مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر هرتسيليا الصهيوني من خلال إيفاد عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة أحمد المجدلاني، لتمثيلها في الحضور وفي إلقاء كلمة، "رغم حملة المقاطعة الدولية"، حسب ما ذكرت وكالة وطن للأنباء بتاريخ 15/6/2016.

لا جدال أن مؤتمر هرتسليا هو مؤتمر أمني صهيوني، يبحث خطط ديمومة كيان الاحتلال المجرم: إذ من المعلوم أن خلفية تأسيسه هي أمنية استخبارتية، أسسه عام 2000 ضابط سابق في الموساد (عوزي آراد) الذي شغل منصب مستشار سياسي لرئيس وزراء الكيان الصهيوني (نتنياهو)، وتجتمع فيه "النخب الصهيونية" في الحكومة والجيش والمخابرات والمؤسسات اليهودية العامة، مع حضور ضيوف مختصين من أمريكا وأوروبا، وذلك لمناقشة مستقبل الكيان الصهيوني، ورصد الأخطار المحيطة به من الداخل والخارج، وكل ذلك تحت هدف استراتيجي هو "الأمن القومي لكيان يهود".

وهكذا تثبت منظمة التحرير الفلسطينية أنها ثابتة على مبدئها في خدمة "الأمن القومي" الصهيوني، وفي المشاركة في رصد الأخطار التي تهدد ذلك الكيان الباطل، الذي ادّعت المنظمة عند نشأتها أنها تأسست للقضاء عليه بالكفاح المسلح، بينما تكشفت عن سلوك الحفاظ عليه من خلال التنسيق الأمني، مستهترة بدماء الفدائيين الذين انخرطوا في صفوفها –سابقا- تحت ذلك الشعار الزائف. وأصدق تعبير عن تلك الفلسفة السياسية للمنظمة هو تأكيد رئيس المنظمة أنه يريد أن "ينهي عذابات اليهود"، لا أن ينهي كيانهم ووجودهم (حسب غاية إنشائها!).

إن هذا الخبر يجدد التذكير بالسجل المفضوج للمنظمة في الجانب الأمني للكيان المجرم، إضافة للسجل السياسي المشكوف، وهو يؤكد من جديد أن هرطقات قادة المشروع الوطني-الاستثماري حول وقف التنسيق الأمني هي مجرد فقاعات إعلامية يطلقونها بين الحين والآخر للاستهلاك الإعلامي، لا في سياق التوبة السياسية من ذلك العار (الوطني!)، وهي تظل فارغة من أي مضمون حقيقي، أمام السلوك والالتزام الأمني السلطوي. وهم يدركون أن استثماراتهم (السياسية) مرتبطة بثباتهم على مبدأ "الأمن القومي" لكيان الاحتلال، الذي هو الشعار البارز في مؤتمر هرتسليا.

إن السجل التاريخي للمنظمة حافل بالاتفاقات والالتزامات الأمنية، وهي التي حملت بالسلطة "الوطنية!" سفاحا نتيجة ذلك التاريخ "الأمني"، بعد سلسلة طويلة من الوقاحات السياسية لقادتها الذين لا يخفون عمالتهم، حتى عندما كانوا يدّعون الكفاح والنضال ضد الاحتلال، فقد عبّرت منظمة التحرير مبكرا عن فحشها الأمني عام 1982 عندما تجرّأت في قمة فاس في المغرب على التجاوب مع مشروع ريغان القائم على "إثبات أن الفلسطينيين قادرون على حكم أنفسهم، وأن هذا الحكم الذاتي لا يهدد أمن (إسرائيل)، تكون فيه المفاوضات من أجل التوفيق بين المطالب الأمنية المشروعة لـ(إسرائيل) والحقوق المشروعة للفلسطينيين"، ومن ثم نصّ المجلس الوطني في الجزائر عام 1988، على استعداده الكامل لحفظ أمن الاحتلال ضمن الحل السياسي، ومن بعد ذلك تلاحقت الاتفاقيات الأمنية التي وقعها قادة المنظمة بدماء أطفال الانتفاضة.

وأمام هذه الفضائح السياسية التي لا تتوقف: أما آن الأوان لكل الأبواق التي تعزف اللحن النشاز للمشروع الوطني، أن تتوقف عن ذلك التضليل والخداع، وأن تعلن توبة سياسية حقيقية عن المشاركة في الجرائم الأمنية والسياسية للمنظمة، وأن تتوقف عن تصوير العمالة على أنها نضال من أجل فلسطين. وأن تتوقف عن الدفاع عن قادةٍ ظلّوا يدحرجون قضية فلسطين فوق مستنقعات الخيانة والتفريط، وأن يتذكروا نهي الله تعالى عن الدفاع عن الخائنين والمخاصمة عنهم، في قوله: (وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً).