تعليق صحفي

إجرام المستوطنين عدوانٌ منظم يرعاه كيان مارق، وتخاذل السلطة والحكام يجعلهم شركاء في الجرم!

قال رئيس السلطة عقب قتل الطفل علي دوابشة حرقاً على يد قطعان المستوطنين "نحن نحضر ملف هذه الجريمة وما سبقها من جرائم فورا سنرسلها إلى محكمة الجنايات الدولية، ولن يوقفنا أي شيء أو أي مانع للذهاب للشكوى هناك، نحن نطالب أولا الحكومة الاسرائيلية ومع الأسف هذا في الفراغ، لأننا طالبناها أكثر من مرة أن تتخذ إجراءات ولم تتخذ أي إجراء على الإطلاق، نطالب العالم أن يقف ضد هذه الجرائم".

 

إنه لمن البداهة السياسية أن عدوان المستوطنين الذي وصل لحد حرق طفل رضيع ليس عملاً منفرداً أو شاذا عن السلوك اليهودي بل هو امتداد لعدوان مستمر طال البشر والحجر والشجر والمقدسات، وما يحدث في الأقصى من اعتداءات يومية ليس بعيداً عن حرق بيت "دوابشة" في دوما بنابلس، وهؤلاء المجرمون ماضون في عدوانهم لأنهم لا يلاقون رد فعل حقيقي، فيبقى من يأمن العاقبة يسيء الأدب باستمرار.

إن محاولة لصق هذه الجريمة بقطعان المستوطنين دون كيان يهود المجرم هي استخفاف بالعقول وسذاجة غير مقبولة بل هي استهتار بالدماء الطاهرة التي تسيل على ثرى الأرض المباركة، وإذا كانت السلطة ممثلة برئيسها قد حمّلت سلطات الاحتلال مسؤولية هذه الجريمة فكيف يمكن تفسير مطالبته للحكومة الإسرائيلية باتخاذ الاجراءات اللازمة؟!

ثم من الذي يحمي المستوطنين في عدوانهم المستمر على أهل فلسطين؟! ومن الذي جرّد أهل فلسطين من كل سلاح مهما كان خفيفاً يدافعون به عن أنفسهم؟! ومن الذي يعيد المستوطنين لأحضان يهود إذا ما ضلوا الطرقات فدخلوا المناطق التي "تسيطر" عليها السلطة؟! ومن الذي يزج بالمقاومين في غياهب السجون ويعذبهم وينكل بهم لمجرد تفكيرهم بالقيام بأعمال -مهما كانت بسيطة- ضد يهود؟! ثم هل يكون الرد على هذه الجرائم البشعة باللجوء لمحكمة الجنايات الدولية؟! فأي ردٍ "مزلزل" هذا لكيان مارق لا يخضع للقوانين الدولية؟! وهل على الحقيقة ستمضي السلطة في هذه الإجراءات –على سخافتها– وهي التي نكصت على أعقابها في كل محفل دولي لكيلا يدان كيان يهود المجرم كما فعلت في تقرير جولدستون وأخواته؟! ومن ثم هل سترد هذه المحكمة حقاً أو تحكم بالعدل والقصاص من قتلة الشهيد دوابشة أو الشهيد أبو خضير؟! الجواب يعرفه العقلاء ويعرفه أهل فلسطين الذين خبروا الأمم المتحدة وتآمرها مع كيان يهود المجرم.

إن فصول هذا العدوان المجرم لن تتوقف أمام زحف المفاوضين وتخاذل أنظمة "المبادرة العربية للسلام" شركاء يهود في الحرب على "الإرهاب"، بل ستبقى وتستمر وتتصاعد ما لم تواجه برد فعل حقيقي ينسي هؤلاء المجرمين وساوس الشيطان بل ويشرد بهم من خلفهم من قوى الاستكبار والاستعمار الدولي، ولن يكون ذلك إلا بأيدٍ متوضئة، جيشٍ للمسلمين تعلقت قلوب جنده بمسرى نبيهم الكريم، جيش ينتصر للدماء الطاهرة التي أزهقت وللمقدسات التي انتهكت وللجراحات التي سالت، وإن ذلك كائن قريباً بإذن الله في ظل ثورة أمة ماضية للخلاص من أنظمة الاستبداد وإقامة الخلافة على منهاج النبوة على أنقاضها.

(وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا)