في ظل أجواء مفعمة بالتفاؤل والنجاح، وبحضور حشد هائل من المهتمين والمؤسسات والجمعيات والناشطين البيئيين، ومع إعلان عزم أكثر من 110 من زعماء العالم حضور فعاليات الاجتماعات النهائية للمؤتمر، عقد في كوبنهاجن مؤتمر المناخ العالمي، وبحسب وسائل الإعلام المختلفة ومنها الجزيرة نت  فقد افتتح مؤتمر المناخ الاثنين 7-12-2009 وسيستمر حتى 18/12/2009، ويسعى المؤتمر وفق الأجندة المعلنة له إلى التوصل لاتفاقية جديدة للحد من الانحباس الحراري-أو توسيع اتفاقية كيوتو- للحيلولة دون وقوع كارثة مناخية، كما يهدف المؤتمر-بحسب منظميه- إلى جمع الأموال لمساعدة الدول الفقيرة لمواجهة الأزمات المناخية.
ليس مستهجناً على البشر أن يسعوا لاستنقاذ الكوكب الذي يعيشون فيه لو كان هذا السعي صادقاً، وليس غريباً أن تتدارس الأمم الوسائل والأساليب للحيلولة دون الإضرار بالبيئة والمناخ لئلا يصيب البشرية ضرر أو كوارث، ولكن الغريب والمستهجن أن يتم استبعاد الأسباب الحقيقية التي سببت مثل هذه الأزمات والكوارث البيئية، وأن يتم استبعاد العلاج الجذري والمباشر لهذه المشكلات، والأغرب من ذلك أن يكون هذا المؤتمر أداة للتضليل والخداع بل ووسيلة للهيمنة والتسلط ورمي الكرة في مرمى الدول الفقيرة والنامية.
لقد شهد العالم منذ أن اعتلى المبدأ الرأسمالي قيادة البشرية في العصر الراهن الكثير من الأزمات والمشكلات على اختلاف أنواعها وتعددها، وليس آخرها الأزمة المالية العالمية التي أودت بثروات الفقراء أولاً والدول النامية إلى واد سحيق، وأزمة أنفلونزا الخنازير التي تتلاعب الدول الرأسمالية فيها انتشاراً وصنعاً وترويجاً للأمصال المضادة أو الأدوية التي أعدت خصيصاً لهذا الشأن مما أصاب العديد من الشعوب بالهلع وأوقعهم ضحية جشع الشركات الرأسمالية، بل وأودى بحياة الآلاف منهم، وكذا أمراض الإيدز والسارس وغيرها، فالمبدأ الرأسمالي منذ أن نشأ وطبق عبر الدول الغربية وهو يجلب الخراب والدمار على البشرية.
إن أزمة المناخ العالمية لم تكن لتوجد لولا جشع الرأسماليين الذين لا يقيمون وزناً لمناخ ولا لحياة بشر، فهمّ الرأسماليين وشغلهم الشاغل هو تحقيق أعلى نسبة أرباح بغض النظر عن الوسيلة وبغض النظر أضر ذلك بالبشر أم جلب لهم خيراً، لذا لم يكن غريباً أن يبتكر العلماء الغربيون الذي سخروا علمهم لصالح جشع الرأسماليين طرقاً جهنمية في إنتاج الغذاء وتعديله جينياً وزيادة المصانع المفيدة وغير المفيدة وعدم الاكتراث بمخلفاتها في سبيل زيادة مبيعات الشركات الكبرى وزيادة أرصدة الرأسماليين البنكية.
إن دولاً تفتعل حروباً فتهلك الحرث والنسل وتبيد البشر لأجل نهب ثروة بلد ما أو الاستيلاء عليه والتحكم بخيراته ليست مؤهلة لأن تلعب دوراً إنقاذيا للبشر، وإن دولاً لا تتعدى اهتماماتها مصالحها -بل مصالح المتحكمين بها- المادية ولا تعترف سوى بالقيمة المادية لا يمكن أن تضع على سلم أولوياتها قيماً إنسانية أو خلقية.
إن العالم اليوم سيبقى ينحدر مناخياً كما ينحدر خلقياً وفكرياً واقتصادياً وسياسيا ما دامت الدول الرأسمالية تتحكم فيه ولن يتخلص العالم مما يعانيه سوى بالتخلص من شرور الرأسماليين وتحكمهم بالبشرية، وإن دولة الخلافة القادمة قريباً بإذن الله ستكون هي عنوان خلاص البشرية -لا المسلمين فحسب- من كل أزماتها، كيف لا ورب العزة قد اصطفى الأمة الإسلامية على بقية الأمم لتكون لهم مخلصاً ومنقذاً وعندئذ ستعلم البشرية المعنى الحقيقي لعمارة الأرض والاستخلاف فيها.
(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ)
11/12/2009