راج في وسائل الإعلام صدى ما يزمع الاتحاد الأوروبي عليه من الإعلان الصريح عن موقفه تجاه تقسيم القدس، كعاصمة للدولة الفلسطينية وعاصمة لما تسمّى إسرائيل. ونظرت بعض وسائل الإعلام لهذا الخبر من زاوية دعم الاتحاد الأوروبي لإعلان أحادي الجانب للدولة الفلسطينية. فيما حذرت دولة الاحتلال اليهودي دول الاتحاد الأوروبي من مغبة اتخاذ مثل هذا القرار المحتمل، في تحرّك سياسي يهودي يعكس رفضهم لاعتراف الاتحاد الأوروبي بالدولة المستقلة التي يعتزم رئيس وزراء سلطة رام الله سلام فياض إعلانها من جانب واحد.
***
وبالطبع يغيّب عن سياق هذا الخبر وعن التعليق عليه، أنه لا يخرج عن مشروع حل الدولتين الأمريكي القاضي بالاعتراف بالمحتل اليهودي على جل أرض فلسطين، في مقابل تلك الدولة الفلسطينية التي أشبه ما تكون بالبلدية الكبيرة لإدارة شؤون الناس فيها بلا سلطان ولا اقتصاد ولا كيان، وهذه الإدارة البلدية للشؤون هي جوهر مشروع سلام فياض في رؤيته للبناء المؤسسي تمهيدا لإعلان البلدية الفلسطينية التي تسمى دولة، مدعومة بأجهزة أمنية تحرس أمن الاحتلال وتحميه، وتتصدى لمن يرفض مشروع التنازل عن فلسطين، ولمن يقاوم الاحتلال اليهودي.
ويغيب عن سياق الخبر أيضا أن جوهر الموقف الأوروبي الذي يُتحدث عنه يقوم على تقسيم القدس لا على إرجاعها إلى أهلها، ولا على تحريرها من الاحتلال اليهودي. وهو تآمر أوروبي مستمر، قادته بريطانيا منذ قضت على دولة الخلافة، ومنذ تعهدت ليهود بأرض فلسطين حسب وعد بلفور، وهي التي تحارب المسلمين في أفغانستان والعراق، وتدعم إستراتيجية اوباما الجديدة القائمة على حشد مزيد من القتلة لحرب المسلمين في أفغانستان.
ويغيب عن عرض الخبر أن دول الاتحاد الأوروبي تحارب الإسلام، وتتهجم على الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم، فهي لن تقف مع قضايا المسلمين في فلسطين ولا في غيرها من بلاد المسلمين، وهي تتفتق كل يوم عن تحد جديد للمسلمين، وليس آخره منع بناء المآذن في سويسرا.
وليس غريبا على رجال السلطة الفلسطينية وقادة منظمة التحرير الفلسطينية أن تعتبر ذلك الموقف الأوروبي فتحا لها يوصلها إلى وهم الدولة الفلسطينية، وأن تدعو الاتحاد الأوروبي إلى المضي قدما في هذا الموقف كما نقل اليوم عن قريع، وهم الذين يستجدون المعونات المالية لتسيير شؤون الناس في هذه الدولة الموهومة. وليس غريبا أن لا يفقهوا معنى إقامة الدولة والسلطان في الأرض، فهم قد تشربوا معاني الذل واللهث خلف القوى الغربية والأنظمة العربية. 
إن القدس أرض الإسراء والمعراج، هي بقعة إسلامية مباركة لا تقبل القسمة، وهي ليست ملكا لأهل فلسطين، وهي ليست في عهدة الإتحاد الأوروبي حتى يقرر تقسيمها بين دولتين مزعومتين على أرض فلسطين.
ولن تقوم الساعة حتى تعود القدس حاضرة للخلافة القادمة، التي ستملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجورا نتيجة إفرازات الشرعة الدولية الظالمة وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الذي يبث الرعب في العالم من خلال توفيره الغطاء السياسي لوحشية الرأسمالية.
ستكون القدس حاضرة الخلافة الثانية على منهاج النبوة مصداقا لقول الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم، في الحديث الذي ذكره الإمام أحمد في مسنده: "يا أبا حوالة! إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك".
 

 

 فحري بالمسلمين عموما وأهل فلسطين خصوصا أن يحثوا الخطى لتحقيق وعد الله وبشرى رسوله بعودة الخلافة الثانية، التي تحرر القدس وكل فلسطين، وتوحد الأمة تحت إمام عادل، يخاطب القوى الغربية الحاقدة على الإسلام بخطاب العزة، وبلغة السلاح في جهاد في سبيل الله يعيد الأمور إلى نصابها والبلاد إلى أصحابها.

"وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ"