مباراة كرة القدم النسائية في فلسطين:
حدث تاريخي أم صفارة إنذار لجهود السلطة المحمومة لهدم القيم الإسلامية؟
 
استمرت أصداء المتابعة الإعلامية لمباراة كرة القدم النسائية التي جمعت المنتخبين الفلسطيني والأردني يوم 26/10/2009، حيث نقلت وكالة معا يوم أمس 30/10/2009 أن العديد من الشخصيات السياسية وصفت الحدث بأنه "العرس الفلسطيني التاريخي"، منهم سلام فياض رئيس وزراء سلطة رام الله، الذي قال "هذا يومٌ سعيدٌ وتاريخي ... وخصوصاً أنها رياضة نسوية تجعلنا سعداء أكثر وأكثر... هذا حدث هام وتاريخي، وهذه رسالة تضامن من الأردن نقدرها كثيراً للأردن الشقيق ملكاً وحكومةً وشعباً على وجودهم في هذا الحدث التاريخي". ونقلت عن محمود اشتية، ممثل رئيس سلطة رام الله، قوله :"وصبايا فلسطين يسطرن صفحةً بيضاء في تاريخ الشعب الفلسطيني، وهذه بصمة أخرى لفلسطين تضاف إلى الحضارة العالمية". أما السفير الأردني يحيى القرالة، فقد وصف المباراة بالعرس الوطني الفلسطيني الكبير، وقال "ونحن في الأردن فخورون بأن نكون نحن السباقين في مشاركة الشعب الفلسطيني أفراحه, ... ونساهم في كسر الحصار عنه, وهذه توجيهات سامية عليا ...".
وكانت صحيفة القدس قد نقلت بتاريخ 27/10/2009 عن جبريل الرجوب قوله: "هذااليوم هوعرس وطني لصالح الرياضة الفلسطينية وتكريس لدورها في صياغة توجهات شعبنا المستقبلية والمساهمة في فرض حضور قضيتنا فيا لمشهدا لإقليمي"، وذكرت أنه اعتبر الاحتشاد لحضور المباراة مؤشرا"على حيوية الشعب الفلسطيني وعلى دور المرأة في المشروع التحرري". ونقلت شبكة فلسطين الإخبارية عن الرجوب قوله أن الحدث "يحمل دلالات سياسية وثقافية وحضارية".
***
إن تلك الدلالات السياسية والثقافية والحضارية التي يتحدث عنها الرجوب هي ما يوجب وقفة من أهل فلسطين، ليدركوا خطورة مشروع التخريب الحضاري والسياسي الذي يمارس ضد أبناء المسلمين رجالا ونساء. وإن هذه التصريحات التي ترد على ألسنة السياسيين في تعليقهم على تلك المباراة النسوية تؤكد أنهم مبتهجون بما أثمرته سياسة كسر المحظورات والمحرمات التي يستقونها من ساسة الغرب، وينفذونها من خلال المشاريع "التنموية" الغربية، التي تهدف للقضاء على القيم الإسلامية ونشر القيم الغربية الفاحشة بدلا منها، وهذا الحدث الرياضي النسوي هو مثال على تلك السياسات الهدّامة.
 
صحيح أن الرياضة بحد ذاتها- عندما تنضبط بالأحكام الشرعية- هي من المباحات، سواء كانت للرجال أم النساء، ولكن سياسة تخريب المفاهيم وتهجين الأمة للقبول بحضارة الغرب البائسة والتي يسهر عليها السياسيون، هي ما يوجب التحذير. ومن الواضح أن مثل هذه المباراة، وما تحاول ترسيخه من "ثقافة كشف العورات" دونما حرج أمام الناس وعلى شاشات الفضائيات، تأتي كنشاط ضمن سياسة تخريب ثقافة الأمة وضمن نهج الترويج لثقافة الغرب التي تنظر للمرأة على أنها سلعة للعرض والاستمتاع.
 
وهل من المنتظر من "قيادات" سياسية ترى في الرياضة الفلسطينية وفي إخراج المرأة عن زي عفتها "صياغة للتوجهات المستقبلية" وإسهاماً في "المشروع التحرري" أن تأتي بخير لأهل فلسطين؟ كيف تأتي بخير وهي قيادات تستلهم ثقافة الغرب ومصالح الغرب التي تناقض ثقافة ومصالح الأمة.
 
لا شك أن دورالمرأةفي مشروع تحرير الأمة من همينة الكافر المستعمر هو دور كبير، كانت قد سطرته أخوات الخنساء، وأمهات المؤمنين من أمثال عائشة وخديجة، والحرائر من المسلمات من أمثال فاطمة الزهراء، في مشهد عفة ورقي. وهو دور لا زال معلقا في رقاب المسلمين رجالا ونساء، ولكن القيام بهذا الدور لا يمكن أن يكون عبر البوابات التي يرعاها الحكام الحاليون وأشباههم، لأنها منافذ تقوم عليها شياطينهم، صباح مساء. والواجب على المرأة المسلمة أن لا تنخدع بتلك التوجيهات الهابطة وأن تحافظ على المكانة الرفيعة التي أقعدها إياها الإسلام.
 
وإن "العرس الفلسطيني التاريخي" لن يكون إلا يوم تعبر جيوش الفاتحين مكبرين ومهللين فتخلع الاحتلال من جذوره، وعندها تحتفل المرأة في فلسطين، وفي بلاد المسلمين، بعرس التحرير وأعراس الشهداء، تحتفل بوصفها أم شهيد وأخت شهيد، وزوجة مجاهد، وحاملة لمشروع الأمة الحضاري، ومربية لأبنائها على أساسه. ومثل ذلك العرس لن يحتفل به أمثال هؤلاء الذين استمرؤوا التبعية للغرب الكافر وتعشقوا قيمه ومُثله في الحياة، ولن يحتفل به الرجالات الذي يحملون مشروع القبول بدولة الاحتلال، لأنهم يسيرون ضد الأمة ومشروعها الحضاري.
وتلك هي الصفحات البيضاء التي يرقب التاريخ من يسطّرها، وهي التي ستغير الحضارة العالمية من ظلمة الرأسمالية التي امتهنت المرأة إلى نور الإسلام الذي حافظ على عفتها وإنسانيتها، وهي ليست فيما عبّر عنه ممثل رئيس سلطة رام الله من احتفائه بخروج النساء على ثقافتهن، ثقافة الإسلام. إن تخريب ثقافة المرأة هي "بصمة" إفساد يطبعها ساسة السلطة في سجل فسادها وإفسادها، وهي سائرة في اتجاه هدم قيم المسلمين النبيلة التي رفعت المرأة لمكانتها التي تليق بها كعرض مصان، فيما تهبط بها ثقافة الغرب إلى أسفل سافلين، وتجد هؤلاء الساسة يدفعون المرأة نحو ذلك السقوط الحضاري.
أما الحصار الذي يعاني منه أهل فلسطين وتسهم في فرضه الدول التي تسمّى دول الطوق من خلال حراسته لكيان يهود، فإن كسره هو بتحريك جويش الفاتحين، لا بإخراج النساء عن زي العفة، ودفعهن للانخراط في النشاطات التي أفرزتها الثقافة الغربية. ولكن هذه القيم الرفيعة لا يمكن أن تكون من ضمن "توجيهات سامية عليا" يتلقاها سفير الأردن من نظامه.
 
إن على أهل فلسطين أن يتنبهوا على ما يراد لأبنائهم وبناتهم من فساد وإفساد، وأن يقفوا تجاه ذلك في موقف يرضى الله ورسوله، ويقيهم وأهليهم ناراً وقودها الناس والحجارة.
 
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
31/10/2009