تعليق صحفي

جريمة استئناف المفاوضات هي غاية الذهاب إلى الأمم المتحدة!

بعث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس برسالة إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما أكد فيها أنه مستعد ليستأنف المحادثات مع "إسرائيل" إذا نجح في محاولته لحصول فلسطين على اعتراف في الأمم المتحدة.

وقال مستشار عباس للشؤون السياسية نمر حماد أن الرئيس عباس أكد لأوباما أن الفلسطينيين ملتزمون بحل الدولتين وأن قراره للحصول على اعتراف من الأمم المتحدة ليس من جانب واحد.وأكد حماد أن هذه الخطوة ليست لعزل "إسرائيل" ولكن للحصول على اعتراف دولي للتسهيل المفاوضات، وأن السلطة الفلسطينية جاهزة لاستئناف المفاوضات مع "إسرائيل" حال حصولها على اعتراف دولي.

كما في كل مرة، ولأجل تقديم الولاء وإثبات "حسن النية" للأعداء، تسقط السلطة ورقة التوت عن سوأتها، فها هي تكشف بصريح العبارة عن الهدف الذي يقف خلف توجهها إلى الأمم المتحدة لطلب مقعد دولة غير عضو فيها. فالذهاب إلى الأمم المتحدة ليس هدفه الضغط على كيان يهود، أو نزع الشرعية عنه، أو زعزعة أمنه أو استقراره! بل هو تمهيد لاستئناف المفاوضات من جديد، وهو لم يكن تصرفاً أحادي الجانب!!

إن الاعتراف بأن الغاية من الذهاب إلى الأمم المتحدة والتقدم بطلب العضوية غير المكتملة –بالرغم من كونه سخفاً سياسياً وإقراراً بتضييع جل فلسطين- هي العودة لطاولة المفاوضات هو جرم فوق الجرم، وعار وشنار فوق المذلة التي تسربل السلطة وأزلامها، وهو تضليلُ من لا يستحي ولا يقيم وزناً أو اعتباراً لآمال وتطلعات الناس.

فهل بعد كل المآسي التي جلبتها علينا المفاوضات وأرثت القائمين عليها الخزي والعار ومكنت الأعداء من رقاب أبنائنا المجاهدين، وحاربت كل من ينبس ببنت شفة على يهود في وسائل الإعلام ومناهج التعليم ومنابر المساجد، هل بعد كل ذلك يكون ثمار ما تسميه السلطة "معركة دبلوماسية" هو العود القبيح للمفاوضات الذليلة؟! إن هذا لأمر عجاب!.

تأتي هذه الرسالة والتصريحات بعد أن اشترطت السلطة فيما سبق وقف الاستيطان كشرط للعودة للمفاوضات، ولمّا لم يلاق شرطها آذاناً صاغية من كيان يهود ولا من أمريكا، لم يجد قادة السلطة بداً من النزول عن هذه الشجرة ولو بالسقوط الحر، فها هي السلطة تعرض العودة للتفاوض في ظل تغول الاستيطان وتنامي اعتداءات المستوطنين على أهل فلسطين ومقدساتهم ومزارعهم، وفي ظل توجه كيان يهود إلى إقرار توصيات القاضي ليفي أدموند التي تنص على تشريع الاستيطان في كل أنحاء الضفة الغربية، ليبرهن ذلك على مدى إفلاس هذه السلطة ومدى ارتمائها في أحضان يهود وأمريكا، وأنها لا تعيش إلا على فتات موائدهم، وأن لا حياة لها إلا بحبل منهم بعد أن قُطع حبلها مع أهل فلسطين وعموم المسلمين.

إن من رهن قراره بسيد البيت الأبيض، ومن عاش منتظراً منّة الأعداء أو عطفهم، ومن كانت مواقفه متقلبة مع الاستعمار يوجهه حيثما شاء، إن من كانت هذه حاله لا يمكن أن يكون أهلاً للحديث عن فلسطين، الأرض المباركة، مسرى الرسول الأكرم، وقبلة المسلمين الأولى، وإن على هؤلاء المفرطين أن يرفعوا أيديهم عن فلسطين بدل استمرارهم في التفريط والتضليل وتضييع الأرض والمقدسات إن كانوا يعقلون، فالأمة اليوم قاب قوسين أو أدنى من امتلاكها لزمام أمرها وعودتها لسالف عهدها وعندها لن ترحم كل من أساء إليها وفرّط بمقدساتها وقدمها قرباناً على أعتاب الكفار المستعمرين.

وإن غداً لناظره قريب.

17-10-2012