تعليق صحفي

بلاغة الرد في تحريك الجيوش ... وبلادة الأنظمة في رعاية توافق انبطاحي !

قال سفير مصر لدى السلطة الفلسطينية ياسر عثمان أنّ إتمام المصالحة أبلغ رد على سياسة تعنت "إسرائيل" في عملية المفاوضات، وأكد عثمان أنّ المصالحة الفلسطينية بحاجة إلى دفعة أكبر إلى الإمام من أجل أن تصل إلى طموحات الشعب، بعدما أكد أنّ مصر تلمس أنّ هناك حالة إحباط لدى الشارع الفلسطيني نتيجة تباطؤ عملية تنفيذ المصالحة، وقال أنّ مصر أبلغت "إسرائيل" بشكل رسمي رفضها وانزعاجها الشديد في سياق التعقيب على اعتقال الدكتور عزيز دويك.

إنّ حديث سفير مصر هذا يؤكد أنّ قيادة مصر السياسية لا زالت تنتمي إلى عهد مبارك البائد، فهو يؤكد أنّه يستجدي دولة الاحتلال اليهودي فيما يتعلق بالاعتقالات، وحديثه يؤكد أنّه لا يفهم لغة القوة التي تتفجر في الثائرين من أبناء الأمة، وأنّى له أن يفقه معنى الخطاب القوي: "الرد ما ترى لا ما تسمع"!

ولذلك فإنّ أفق السفير المصري محدود ضمن خطاب الأنظمة المتخاذلة والمتقاعسة عن مسئوليتها نحو فلسطين، أرض المسلمين جميعا. فهو يرى المشكلة مع اليهود في التعنت في عملية المفاوضات، ويتعامى عن جرائم هذا الكيان وعن احتلال الأرض، بل ويتغابى متناسيا جرائم يهود بحق أهل مصر في حروبها وعدوانها عليهم.

إنّ سفير المجلس العسكري المصري يؤكد أنّه سفير لمجلس يصرّ على حرف الثورة في مصر عن الانعتاق من التبعية الغربية ومن الانبطاح للكيان اليهودي المتعجرف المجرم، إذ هو يعتبر البلاغة السياسية في تحريك ملف مصالحة حقيقتها ملاقحة من أجل التوافق على مشروع سياسي يقبل بدولة في حدود عام 1967. وإنّ الوصف المناسب لمثل هذا الخطاب هو البلادة لا البلاغة.

وتتأكد تتلك البلادة عند معاينة تشخيص السفير لحالة الإحباط على أنها نتيجة تباطؤ في عملية تنفيذ المصالحة، متناسيا أنّ الناس تصرخ في وجه السلطة ضد سياساتها المالية وضد مشروعها الأمني وضد مسارها السياسي، بينما تعمل القيادة المصرية على إجراء المصالحة ضمن تلك السياسات.

فهل يغفل الثائرون في ميدان التحرير عن هذه الأدوار السخيفة التي يقوم بها سفراء المجلس العسكري وهم يجددون سيرة النظام البائد؟ وهل يصمت البرلمانيون (الذين تم انتخابهم على أساس شعارات التغيير) أمام مثل هذا الهراء السياسي وقد انتخبهم الناس بعدما رفعوا شعار الإسلام لا شعار الانهزام؟

 

28-1-2012