تعليق صحفي: الخطأ في وجودك ووجود المنظمة يا عباس وليس في عدم قبول قرار التقسيم

قال رئيس السلطة محمود عباس في مقابلة بثت يوم الجمعة أن العرب ارتكبوا "خطأ" برفضهم اقتراح الأمم المتحدة في 1947 والذي كان يدعو لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب "إسرائيل"، وهو ما يعرف بقرار التقسيم.

إن الأنظمة القائمة في العالم العربي وليدة اتفاقيات سايكس بيكو التي قسمت المشرق بين المحتلين.

واتفاقية سايكس بيكو عام 1916، كانت تفاهمًا سريًا بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد الضعف الذي أصاب الدولة العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة والمحافظة على وحدتها، خاصة بعد الحرب العالمية الأولى.

تم الوصول إلى هذه الاتفاقية بين نوفمبر من عام 1915 ومايو من عام 1916 بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك. تم الكشف عن الاتفاق بوصول الشيوعيين إلى سدة الحكم في روسيا عام 1917، مما أثار الشعوب التي تمسها الاتفاقية وأحرج فرنسا وبريطانيا.

تم تقسيم الهلال الخصيب بموجب الاتفاق، وحصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال (سوريا ولبنان) ومنطقة الموصل في العراق. أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعا بالاتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا. كما تقرر أن تقع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا. ولكن الاتفاق نص على منح بريطانيا مينائي حيفا وعكا على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا، ومنحت فرنسا لبريطانيا بالمقابل استخدام ميناء الاسكندرونة الذي كان سيقع في حوزتها.

لاحقاً، وتخفيفاً للإحراج الذي أصيب به الفرنسيون والبريطانيون بعد كشف هذه الاتفاقية ووعد بلفور، صدر كتاب تشرشل الأبيض سنة 1922 ليوضح بلهجة مخففة أغراض السيطرة البريطانية على فلسطين، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وأصبحت كامل المنطقة العربية تحت السيطرة البريطانية والفرنسية المباشرة، أو بشكل غير مباشر من خلال بعض الحكام الذين نصبوهم على رقاب العباد لتنفيذ مصالحهم في المنطقة. 

في ظل هذه الأجواء صدر قرار التقسيم 181 من الجمعية العامة للأمم المتحدة بدعم من الولايات المتحدة التي صوتت لصالح القرار وبمعارضة من بريطانيا التي امتنعت عن التصويت، وعارض القرار حكام الدول العربية صنيعة الإنجليز وفرنسا، ومعارضة بريطانيا وعملائها كانت بالدرجة الأولى لأنها كانت تريد أن توجد دولة واحدة لليهود ولأهل فلسطين وليس دولتين كما تريد أمريكا.

ولو كانت الدول العربية صادقة في رفضها للقرار أي أنها تعارض فعلا وجود الدولة اليهودية لحركت جيوشها بالكامل ولقضت على الكيان اليهودي في أيام، ولكنها اكتفت بتشكيل جيش صغير وبعض المتطوعين وفيما بعد منظمة التحرير لأنها لا تريد التحرير بل تريد بقاء الاحتلال فهذه وظيفتها كما أرادت الدول الاستعمارية.

إن توجهات عباس منذ استلامه للسلطة وسيره مع الولايات المتحدة في حل الدولتين، تعتبر كل ما ادعته المنظمة من رفض لقرار التقسيم وحمل للسلاح وأعمال المقاومة المسلحة خطأ يجب تصحيحه، وفي نظره يجب اتباع فقط المفاوضات والمقاومة السلمية، لأنه يدرك تماما أن المفاوضات والمقاومة السلمية، لا تحرر شبرا من الأرض فضلا عن تحرير فلسطين، فهو بهذا يسعى للمحافظة على كيان يهود.

على عباس وأمريكا ويهود وكافة دول الظلام الغربية أن يدركوا أن أمة تقرأ في قرآنها {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} تدرك تماما أن الله ربط أرض فلسطين بعقيدة المسلمين وتدرك أن واجبها تحرير فلسطين كاملة من براثن الاحتلال ولن تقبل التفريط بشبر منها، وهذه الأمة تترسم خطى رسولها في إقامة الخلافة التي ستحقق وعد الله بتحرير كامل هذه الأرض المباركة وإننا نرى ذلك قريبا.

30/10/2011