تعليق صحفي

اقتحام سفارة يهود في القاهرة تعبير عن حقيقة توجه الأمة ومطالبها

لم يكن تحطيم شباب مصر الكنانة للجدار المحيط بسفارة يهود في القاهرة ومن ثم اقتحامها وفضح ما وصلت إليه أيديهم من وثائق مساء أمس الجمعة، عملا مبتورا أو مجرد ردة فعل سريعة جراء موجة غضب موجودة في الشارع المصري هذه الأيام، كما يحاول الكثيرون تصويره وخاصة وسائل الإعلام.

بل إنّ هذا العمل له امتداده الفكري الطويل، فالعمل تعبير يعكس حقيقة توجه الأمة ومشاعرها تجاه كيان يهود الغاصب لفلسطين، وهو ليس مجرد غضب لمقتل خمسة جنود مصريين كردة فعل وحسب، بل إن جذوره تعود إلى موقف الأمة الرافض لكيان يهود ولوجوده واحتلاله لأرض فلسطين، وهو تعبير عن رفض الأمة لاتفاقيات الذل والهوان التي عقدتها الأنظمة العربية ومنها مصر والأردن مع كيان يهود المجرم، وليس أدل على ذلك من تلك الفتاة التي قالت من ساحة الحدث على شاشة الجزيرة "لا يوجد شيء اسمه إسرائيل عندنا، لا نعترف بإسرائيل"، وذلك الشاب الذي قال: "سنكمل المشوار ونصل إلى غزة ونحارب يهود بأيدينا وليس بسلاحنا"، وذلك الشعار الذي خطه أبطال مصر على الجدار الذي أقامته الحكومة المصرية حول سفارة يهود :"تحرير فلسطين يبدأ من تحرير مصر" وشعار :"تسقط إسرائيل"، وشعار :"إلى متى الذل ؟".

فلقد أثبتت الأيام والأحداث بأنّ الأمة لم تكن راضية عن سلوك حكامها المشين مع كيان يهود، وأنها تتعطش إلى ذلك اليوم الذي تتحرك فيه لتحرير فلسطين شبرا شبرا، ولقد أثبت الجيل الجديد الذي أسموه "جيل السلام"، بأنّه جيل الأمة المتعطش إلى العزة وإلى الكرامة وإلى أن يقتص لإخوانه المظلومين والمقهورين، وأنّه  مستعد لتقديم التضحيات من أجل ذلك وليس الأمر مجرد هواية على الفيس بوك أو الانترنت، فقد قدم في عملية اقتحام السفارة وحدها 988 مصابا وقتيلين، هذا فضلا عن 751 مصابا تم إسعافهم في مكان الحدث، وذلك بحسب وزارة الصحة والسكان المصرية.

وفي المقابل نرى كيف أنّ الحكام ما زالوا في غيهم سادرين، وفي عدائهم للأمة ومطالبها مستمرين، حيث استماتت الحكومة في حماية سفارة يهود، فأصدر وزير الداخلية المصري منصور عيسوي أوامر بإعلان حالة الاستنفار الأمني، واعتقلت أجهزة الأمن عدد من المتظاهرين ووجهت لهم اتهامات رسمية تصل عقوبة بعضها في حال الإدانة إلى السجن عشر سنوات، هذا فضلا عن ما قارب الألفي مصاب ليلة أمس، وكذلك حمايتها "الإسرائيلين" الستة الذين حوصروا في المبنى فاستخدمت قوة كوماندوز مصرية لتحريرهم من قبضة من سيطر عليهم.

وفي الجهة الأخرى، فزع يهود، فاستنجد نتنياهو بالولايات المتحدة لحماية السفارة بالقاهرة، وهرب سفيرهم و80 دبلوماسيا وعائلاتهم من القاهرة إلى تل أبيب، وأبدى نتنياهو سروره وشكره للقيادة المصرية لإنقاذ حراس السفارة الستة. وبذلك أدرك يهود موقعهم الحقيقي في جسد الأمة، ولمسوا لمس اليد بأنهم جسم غريب عن جسد الأمة، وأنّ جسد الأمة سيلفظهم آجلا أو عاجلا، وأنّ الحكام باتفاقياتهم مع يهود لا يمثلون سوى أنفسهم.

لقد أثلج تحطيم أبطال مصر لسفارة يهود صدور المؤمنين، لما فيه من تعبير عن حقيقة توجه الأمة ومشاعرها تجاه كيان يهود الغاصب لفلسطين، وهذا بشارة بأنّ اليوم الذي ستحرر فيه جيوش الأمة فلسطين قد بات قريبا بإذن الله، وستعلم السلطة والعملاء من حكام المسلمين أي منقلب سينقلبون.

10/9/2011