تعليق صحفي
الأمة لم تعد ترضى بأنصاف الحلول
لقد باتت مطالب الأمة تجاه القضايا التي تمس عقيدتها وأحكام دينها وكرامتها عالية، فلم تعد تطالب بأنصاف الحلول أو تقبل بها، على عكس الحكام وأدواتهم، وعلى عكس من لا يعرفون للتغيير الجذري طريقا، ولا يجدون ضيرا في بقاء أنظمة الضرار.
فقد كانت نداءات وهتافات أبناء الأمة من أهل مصر أمام سفارة كيان يهود بعد مقتل الجنود الخمسة، تنادي بالقصاص وبطرد السفير وببسط السيادة على أرض مصر دون اعتبار لاتفاقية كامب ديفيد الخيانية، بل وتطالب بنسف هذه الاتفاقية من جذورها.
بيد أنّ مواقف كثير من أذناب الحكام الذين تربوا في أحضان أنظمتهم البالية جاءت منافقة لكيان يهود ولأسيادهم الأمريكان ومحاولة لأن تركب موجة غضب الأمة الشماء، فهذا عمرو موسى، الأمين العام السابق للجامعة العربية يقول للناس راكبا موجة الغضب بأنّ اتفاقية كامب ديفيد انتهت وأنّه لا بد من تجديدها بشرط نشر قوات إضافية في مصر، وهو بذلك لا يرى مشكلة في وجود كيان يهود واحتلاله لبلاد المسلمين وأولها فلسطين، ولا يرى مشكلة في عقد الاتفاقيات معه، فهو كيان شرعي في نظره، والمشكلة تكمن في تفصيل هنا أو هناك، محاولا ركوب موجة الغضب وحرفها عن وجهتها الحقيقية وتجييرها برؤى تضليلية مائعة، تُرضي كيان يهود وتحافظ على أمنه من خلال زيادة عدد القوات المصرية في سيناء لتتمكن من السيطرة على سيناء بما يحفظ أمن يهود.
وفي سياق متصل، ارتفعت بعض الأصوات في الأردن مطالبة بتطهير الأجهزة الأمنية الأردنية من المتعاونين مع "إسرائيل" وذلك بعد إعلان يهود عن شكرهم للنظام الأردني على تعاونه الأمني الأخير معهم في عملية إيلات، فإنّ هذه المطالبات واضح أنها قاصرة عن فهم ووعي الأمة المتنامي، فهذه المطالبات يفهم منها أنّ المشكلة فقط في بضعة أشخاص في أجهزة النظام يتعاونون مع كيان يهود، وليس في النظام نفسه الذي ورث الخيانة كابرا عن كابر، بدءا بالهالك الحسين بن علي الذي تآمر على هدم دولة الخلافة، ومن ثم عبد الله الأول الذي رسخ نفوذ الاستعمار في البلاد، ومرورا بحفيده الهالك حسين الذي عقد الاتفاقيات مع كيان يهود، وانتهاء بعبد الله الثاني، الصديق المقرب من كيان يهود.
إنّ الحكام المتسلطين على الأمة وأعوانهم وإن استمروا في غيهم وتضليلهم لن يخدعوا الأمة الكريمة، السامية في مطالبها، ولو خال عليها الأمر أحيانا، ولا أدل على ذلك من عدم رضا الأمة بما اتخذه الحكام الجدد في مصر مثلا وهم الذين عادوا ولعقوا تهديدهم بسحب السفير، ما جرأ يهود وقادتهم على التبجح بأنهم لن يقدموا حتى مجرد اعتذار رسمي على الدماء التي أراقوها، بل وجعلهم يستمرون في عدوانهم الإجرامي!!.
فالأمة الإسلامية بشعوبها المختلفة هي خير أمة أخرجت للناس، مطالبها باتت في العلياء، بيد أنها عانت ولا زالت تعاني من بعض القادة والوجوه التي تحاول ركوب مطالبها المرتبطة بشرع الله لتحويلها عن جهتها، بل وتعاني من غياب قائد لا يخشى في الله لومة لائم، تكون مطالبه من مطالبها، ورأيه من رأيها، وقوته من قوة الأمة التي لا تعرف أنصاف ولا أرباع ولا أسداس الحلول، فلا يمالي ولا يماري، وإنما يكون منفذا لعقيدة الأمة التي لم ولن تتخلى عنها الأمة أبدا، وهذه القيادة المنسجمة مع أمتها لن تكون إلا في إطار دولة خلافة تجمع الجهود والجيوش والقوى تحت راية خليفة واحد، ليكون على يديه التحرير الكامل بإذن الله، ولأجل ذلك فليستمر الضغط من جانب الأمة على أنظمتها وعلى جيوشها من أجل تحكيم الإسلام وإعلان دولة الخلافة.
25/8/2011