تعليق صحفي
هل ستبقى حماس ممسكة بطوق النجاة الذي ألقته لإنقاذ عباس وسلطته؟!
 
قالت صحيفة القدس الفلسطينية نقلا عن "الحياة" اللندنية عن مصادر مسئولة بأنّ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مصمم على التمسك بترشيح سلام فياض رئيساً لحكومة التكنوقراط التي تعطل تشكيلها منذ توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة في الرابع من ايار (مايو) الماضي، موضحة أنّ عباس أكد أنّه "لن تكون هناك مصالحة وطنية ما لم يكن فياض رئيساً للحكومة المقبلة."
 
وقالت المصادر أنّ عباس أوضح في لقاء مع بعض الشخصيات في مدينة رام الله قبل أيام، تمسكَه بفياض مرشحاً وحيداً دون غيره، وأنه "الوحيد القادر على تجنيد الأموال للسلطة الفلسطينية" لدفع الرواتب، وتسيير عجلة مؤسسات السلطة، في وقت تعاني فيه من أزمة مالية خانقة لم تمكِّنها من دفع سوى نصف راتب الشهر الجاري لموظفيها. كما عزا إصراره على التمسك بفياض إلى أنّ الاخير "الوحيد المقبول أميركياً وأوروبياً من بين المرشحين."
 
ودعا عباس الوسطاء إلى نصح "حماس" بأنّ "فياض هو الأنسب لرئاسة الوزراء ولا بديل عنه، ولن تكون هناك مصالحة ما لم يكن رئيساً للحكومة المقبلة"، محذراً من أنّ "مشاريع إعادة الإعمار وإعادة بناء الاقتصاد الغزي لن تتم قبل تشكيل الحكومة".
 
من خلال هذه التصريحات ومن خلال التطبيق الفعلي لها من قبل عباس وفياض اللذين يستخدمان أقوات الناس وأجورهم المستحقة ورقة ضغط وحماما زاجلا يوصلان من خلالها رسالتهما في ضرورة ولزوم استمرار مسلسل التفريط والتنازل، والارتماء في أحضان الكفر ومشاريعه الآثمة الهادفة إلى تضييع فلسطين وعلمنة أهلها وإفساد أبنائها. وبملاحظة ماذا حدث في أبرز ملفات ما سمي "بالمصالحة" وهو موضوع تبيض السجون، والذي كان أكبر المغريات التي تم الترويج لها لتبرير التنازلات والتقارب بين الطرفين، والذي لم يتغير فيه شيء وبقي الحال على ما هو عليه، وبل ولا يوجد في الأفق ما يبشر بخلاف ذلك.
 
هذه الملاحظات والتصريحات تقودنا إلى الحقيقة التي لا مجال للتعامي عنها، وهي أنّ الاتفاق السياسي الذي سمي بالمصالحة كان هو طوق النجاة الذي بحثت عنه السلطة ليخرجها من المستنقع الذي غرقت فيه، وكاد يحرقها ويجعل منها أثرا بعد عين، خاصة في ظل الثورات وتطلع الشعوب للخلاص من كل المجرمين والعملاء.
 
فلم تكن "المصالحة" ولا في لحظة واحدة من أجل فلسطين أو المصلحة العامة أو غير ذلك من الشعارات البراقة التي تستروا خلفها. فالسلطة لم تغير شيئا من نهجها، ولم تتراجع عن شيء من إجرامها بحق أبناء شعبها بل هي تمعن في إفساد أهلها وإثقال كاهلهم بالضرائب وقطاع الطرق، وهي في طريقها نحو التفريط والتضليل سادرة بلا خجل ولا حياء.
 
وهنا يقع اللوم على حركة حماس التي قبلت أن تلقي بطوق النجاة للسلطة المتهاوية، فلم تتعظ حركة حماس مما جرى معها حين ألقت طوق النجاة للمرة الأولى للسلطة في عام 2006 حين قبلت الدخول في السلطة فأحيتها وأعادت لها الروح بعد أن أزكمت رائحتها النتنة الأنوف، وحصل لحماس ما حصل بعدها.
 
وهاي هي المرة الثانية التي تلقي فيها حماس طوق النجاة للسلطة بعد أن أصبح الناس لا يرون في السلطة إلا منبرا للتنازل والعمالة، وعدواً لأهل فلسطين ولإسلامهم.
 
فهل ستتراجع حركة حماس عن ما أقدمت عليه بوضع يدها مع بائعي فلسطين بالدولارات الأمريكية واليورو الأوربية التي يتحدث عنها عباس بكل صراحة ووقاحة؟! أم أنّ حماس ستنتظر حتى يجبرها طوق النجاة الذي القته لعباس وسلطته لتغرق فيما غرقت فيه حركة فتح من قبل؟!
 
12-7-2011