تعليق صحفي
سلطة غزة تنضم لقائمة المضللين المروجين للدولة المدنية!
دعا وزير داخلية غزة أمس الأربعاء 13-7-2011م إلى المزيد من الفعاليات للوصول إلى دولة مدنية إسلامية سامية!، كما وأعلنت وزارة داخلية غزة سابقًا عن نيتها إقامة مؤتمر تحت عنوان: "تطبيق سيادة القانون نحو دولة مدنية" في 20 -7-2011م.
لم تنضب جعبة الدول الرأسمالية الاستعمارية ومراكز أبحاثها من أساليب جديدة لمحاربة الإسلام بعد، فما إن حلّت الثورات حتى بدأ المنتفعون والعلمانيون والساعون لرضا الغرب فجأة بالترويج لمصطلح الدولة المدنية وكأنه سبيل النجاة والخلاص، واختفى تقريبًا مصطلح الدولة العلمانية وخبا صوت الدعوة للدولة الديمقراطية، تحت ضغط رفض عام من المسلمين للعلمانية وانكشاف سوءة وكذب الديمقراطية.
وقد تم تلقف هذا المشروع الجديد وتزيينه كالعادة ليتقبله عامة المسلمين، وليشغل فراغ الأنظمة الديكتاتورية ويسابق مشروع الدولة الإسلامية، واصطفت طوابير الراغبين إلى الدول الاستعمارية تستجدي رضاها وتدعو بدعوة الشيطان وتفتري على دعوة الرحمن.
إن في عرف السياسة والسياسيين مصطلحات متفق عليها ومسلم بها، فإن قال قائلهم أريد دولة دينية فإن جميع من يفهم السياسة يعلم بأن المراد دولة تحكم بالحق بالإلهي ولا يرد على أذهانهم المعنى اللغوي على الإطلاق، وكذلك إن قال قائلهم نريد دولة مدنية فإن جميع السياسيين في العالم يعلمون أن المراد دولة ذات دستور وضعي لا سلطان للدين فيها، ولا يرد على أذهانهم أي معنى لغوي على الإطلاق، فالدولة المدنية هي الدولة العلمانية التي تفصل الدين عن الحياة وتكون فيها السيادة للقانون الوضعي وليس للشرع، هذا هو واقعها عند أهلها وعند جميع سياسي العالم.
ولكن:
•        لماذا لا يجرؤ البعض على القول بالدولة الإسلامية بشكل واضح لا لبس فيه؟!
•        ولماذا يتعلقون كل يوم بمصطلح وافد جديد فتارة اشتراكية حتى إذا خبا بريقها لم نعد نسمع أحدًا أو نقرأ لأحد بأن الاشتراكية من الإسلام، وتارة ديمقراطية حتى إذا انكشف عوارها بدأت أصوات الملفقين بينها وبين الإسلام تخفت؟!
إن إضافة صفة "إسلامية" بعد صفة الاشتراكية أو الديمقراطية أو العلمانية أو المدنية لا يغير من الواقع شيئًا، وما ذلك إلا تخريب للوعي وتضليل للأمة واسترضاء للدول الاستعمارية، وربما يطلب منهم مستقبلا ترخيص الخمارات وبيوت الدعارة فيطيعون تحت مسميات خمارة إسلامية وبيت دعارة إسلامي!!؟؟ وهكذا.
وإن إضافة صفة "بمرجعية إسلامية" بعد صفة الاشتراكية أو الديمقراطية أو العلمانية أو المدنية لا يغير من الواقع شيئًا، إذ أن الإسلام يتناقض مع جميع الصفات السابقة ويجب أن يكون هو أساس الدولة وأساس الدستور وأساس كل القوانين لا مجرد مرجعية عامة أو مبادئ عامة في ظل كون أساس الدولة هو فصل الدين عن الحياة.
إن المتدبر في واقع حكومة غزة التي تطبق دستورًا وقانونًا وضعيين (وهما نفس قانون ودستور سلطة رام الله)، وفي عنوان مؤتمرها الذي ينص على سيادة القانون ويربطه بالدولة المدنية، يدرك حقيقة أن "الدولة" المدنية التي تدعو لها هي "الدولة" التي تطبق القوانين الوضعية وتقصي الدين مهما وضعت بعدها من أوصاف، وهي بذلك تنضم لطابور المضللين المروجين للدولة العلمانية، ولعل حكومة غزة تعتبر ذلك خطوة من خطوات استرضاء الغرب التي تسير فيها لتحظى بالقبول.
وهذا كله طبعًا على افتراض أن غزة والضفة يمكن أن تصلحا لدولة أية دولة.
إن الأمة الإسلامية تطالب بدينها ولا ترتضي غيره، فليكف الذين يخادعونها كل يوم بلفظ جديد ولون جديد، وليصطفوا بوضوح في صف المنافحين عن الإسلام ضد الهجمات الفكرية الحضارية، ذلك خير لهم لو كانوا يعلمون.
وإن التأييد العارم لتطبيق الإسلام هذه الأيام يبشر بقرب الخلافة القائمة حتمًا، وإن محاولات الدول الاستعمارية لخداع الأمة وحرفها عن الخلافة مفعولها مؤقت، فليعمل للخلافة كل محب لدينه وليعلن ولاءه لله وللإسلام وليصدع به ولا يخشى في ذلك لومة لائم.
14-7-2011م