تعليق صحفي
الدولة الفلسطينية هي خدعة أمريكية ولو ضلل إسماعيل هنية !
لا يمكن لمن يقرر الدخول في مشروع السلطة الهزيلة إلا أن يمارس سياسة التضليل الإعلامي.
وإن من يسعى للحفاظ على حضوره في المحافل الرسمية، يدرك ما يتوجب عليه من دفع فاتورة غالية على حساب مبدئه، حيث يرضخ أو يروَّض لأن يضبط تصريحاته حسب سمفونية العلاقات الدولية التي يعزفها الغرب، وترددها أبواقه في الأنظمة المتسلطة على الأمة الإسلامية.
وهذا نهج قد تمرّسته سلطة فتح منذ انطلاق أوسلو، ولكن الإشكالية اليوم هي في سير سلطة غزة على خطى سلطة فتح في هذا التوجيه الإعلامي المقصود، والذي يحرف الأمة عن مسار التحرير الحقيقي، ويقدم الأعمال والبرامج السياسية التي يقبلها الغرب على أنها تخدم قضية فلسطين.
ومن المؤسف، في هذا السياق، أن يعتبر رئيس حكومة غزة أن "وصول أسطول الحرية 2 المتضامن إلى غزة سيمحو الآثار السلبية للحصار، وسيعزز مكانة القضية الفلسطينية في المحافل الدولية"، حسب ما نقلت صحيفة فلسطين وغيرها.
لا شك أن هنالك مسلمين مخلصين في تركيا وفي العالم الإسلامي يريدون أن يقدموا لهذه القضية، وهم يندفعون لمثل هذه الأعمال الإغاثية، التي تقبلها وتدعمها الأنظمة، بينما توصد الباب أمامهم لتحريك أساطيل المجاهدين الناظرة إلى يوم نزال يخلع الاحتلال من جذوره.
ولكن تحريك أسطول إغاثة -على أهمية الدوافع والمشاعر الإسلامية التي تحرك المخلصين فيه- لا يمكن أن يكون جزءا من طريق التحرير، لأنه عمل إغاثي من أجل منكوبين للتخفيف عنهم، وليس عملا عسكريا للتحرير.
وساحة العمل لتحرير فلسطين هي في العمل السياسي لتحرير الجيوش من قبضة الحكام، وفي العمل العسكري لتسيير هذه الجيوش لتدك الكيان فيخر عليه السقف، ولا يمكن أن تكون في المحافل الدولية، لأنها محافل تآمر على القضية الفلسطينية.
وهنا مرة أخرى يريد هنية أن يخالف الحقائق السياسية والتاريخية حول مشروع الدولة الفلسطينية عندما يقول إن الدولة الفلسطينية الموعودة "لا يمكن أن تأتي من بوابة المن" الأمريكي أو الغربي، كما نقلت القدس العربي (فيما حذفت صحيفة فلسطين هذا الجزء من الخبر !). 
إن الدولة الفلسطينية هي مشروع أمريكي منذ منتصف القرن الماضي، وهي إن لم تكن منّة، فهي خدعة أمريكية وتآمر غربي على الأمة الإسلامية. وهي رؤية أمريكية تحقق مصالحها الاستراتيجية، وتحقق أمن الاحتلال، فكيف يمكن لمن يرفع شعار مشروع إسلامي أن يغير هذه الحقائق ؟
إن الواجب على حركة حماس أن تُخرج نفسها من مسار حل الدولتين، وتبعد قادتها عن الأروقة التي تدفعها الأنظمة إليها، وخصوصا في تركيا التي هي عراب مشروع السلام مع كيان يهود وهي التي عملت على إقناع حماس بالاعتراف بهذا الكيان المسخ منذ 2006 كما كشفت ساستها، ولذلك لا يمكن فهم تصريحات هنية عندما يقول "تركيا بقيادتها الجديدة وسياستها المعتمدة على حفظ كرامة الأمة بدأت تخرج عمليًا من هذا التحالف الذي كان يعتمد عليه الاحتلال"، إلا في سياق التماهي مع دور الحكومة التركية الباطل.
فهل تعيد الفصائل الفلسطينية صياغة خطابها السياسي بما يخدم طريق التحرير ؟ أم تستمر في التناغم مع الخطاب الرسمي للأنظمة المنضبط بالمصالح الأمريكية!
31-5-2011