تعليق صحفي
التغيير المُتوقع في سوريا ليس كغيره في نظر الغرب والحكام!!
لا يخفى على أحد أنّ أحداث سوريا وردة فعل النظام هناك قد فاقت بوحشيتها بقية البلدان العربية التي شهدت ثورات، حيث انتقل النظام هناك إلى استخدام القوة المفرطة والقتل من أول لحظة دون تردد، كما لاقى تصرف النظام الإجرامي هذا تغاضياً دولياً لم يخرق سوى ببعض الجعجعات الإعلامية مؤخراً جراء تصاعد القتل واستخدام الجيش في قمع وقصف المدنيين العزل، غير أنّ إطلاق هذه الجعجعات الإعلامية بدا وكأنه للاستهلاك الشعبي ولإعطاء النظام السوري فسحة إضافية ليحاول القضاء على الثورة.
وفي هذه الأثناء يستحر القتل في سوريا، حيث انتقل المشهد المأساوي الدموي هناك من قمع القوات الأمنية والشبيحة (كتائب بشار) لأهل سوريا العزل إلى أن يحاصر الجيش بآلياته العسكرية الثقيلة درعا، فيرتكب فيها المجازر ويقصف الآمنين بقذائف صاروخية ويعتقل المئات، ويمتد حصاره ليشمل بانياس ومدن أخرى.
 
ومن تتبع المواقف والتصريحات الغربية في الشأن السوري يلمس المتابع حرص القوى الغربية على نظام الأسد الذي أمّن له مصالحه ونفوذه الاستعماري وحمى الكيان اليهودي طوال عقود بالرغم من تغنيه بالممانعة، وأنّ الغرب يخشى من التغيير في سوريا لعدم امتلاكه لأوراق بديلة تجمل النظام وتبقي على تابعيته للغرب.
 
وهو ما دفع المحلل في صحيفة الغارديان البريطانية سايمون تيزدول إلى القول في مقال له (أما بالنسبة إلى الحكومات الغربية والإقليمية، فإنّ السؤال المفتاحي هو سؤال مصلحي: هل سقوط الأسد أمر مرغوب؟ والجواب غير المصرح به في معظم الأحيان هو "لا").
 
ويقول أيضاً (إنّ الولايات المتحدة وبريطانيا قلقتان من أنّ سقوط الأسد، وفترة عدم الاستقرار الطويلة، بل وحتى الحرب الأهلية، التي يفترض أنها ستعقب ذلك، من شأنها أن تقوض الجهود لتحقيق السلام الفلسطيني- "الإسرائيلي" (مهما يكن حالها) وأن تخل بالتوازن السياسي الحساس في كل من العراق ولبنان، وتوفر موطئ قدم لمتطرفين على شاكلة "القاعدة").
 
ويقول جوشوا لانديس الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط لوكالة فرانس برس «إنّها رمال متحركة وليس من السهل إيجاد وسيلة لدفع الأمور بطريقة بناءة، لا سيما أنّ زعماء المعارضة غير معروفين جيدا».
 
وقال مسؤول "إسرائيلي" كبير: "إذا سقط الأسد ستعمل المنظمات على وجود أوساط متطرفة في السلطة، وهذا بالتأكيد تصور سيء، إذ أنّ الأسد، وعلى الأقل، تحدث عن السلام مع إسرائيل، حتى وإن لم يكن يقصد ذلك".
 
لقد كشف هذا التواطؤ الدولي مع نظام الأسد القمعي عن كذب دعاوى حقوق الإنسان التي تزعمها الدول الغربية، وأنّ مواقفها من الثورات في البلدان العربية تنبع من تطلعها إلى المحافظة على نفوذها الاستعماري في المنطقة.
 
كما كشفت هذه الأحداث عن تخوف الغرب جراء عدم امتلاكه لبدائل يخدع بها الجماهير في سوريا لتجمل النظام وتحافظ على نفوذها هناك، وكشفت عن تخوفهم من أي تغيير في سوريا مهما كان شكله.
 
وإزاء ذلك كله، ومع شجاعة أهل الشام وبسالتهم التي ظهرت في مواجهة القمع والإجرام، فإن الفرصة مواتية أمام الجيش السوري ليغير المعادلة ويقلب الموازين، فينحاز إلى أهله وأمته، فينصرهم في وجه النظام الطاغية الجبان، ويخلص سوريا من ربقة النفوذ الغرب الاستعماري، وينصر حملة الدعوة في سوريا ليقيموا الخلافة في عقر بلاد المسلمين، الشام، فينال هذه المكرمة العظيمة، فيكون الجيش السوري بإذن الله أنصار اليوم كما كان أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمس.
 
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)
27-4-2011