خبر وتعليق
بريطانيا تلهث خلف الثوار في ليبيا
لم يقف الإعلام مطولاً على حادثة إلقاء القبض على ثمانية بريطانيين، منهم الدبلوماسيين ورجال المخابرات والقوات الخاصة، ولم يسبر غور هذه الحادثة البسيطة في ظاهرها والعميقة في دلالاتها.
فلقد أطلق الثوار الليبيون أمس سراح عناصر من القوات الخاصة والمخابرات البريطانية تسللوا قبل أيام إلى شرق ليبيا، في إطار ما قالت لندن إنها محاولة للاتصال بالقيادة السياسية للثورة.
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن الفريق ذهب إلى ليبيا في محاولة لربط اتصالات مع قيادة الثوار إلا أنه واجه "صعوبات"، وأضاف أن بلاده تعتزم إرسال فريق آخر إلى ليبيا.
إن هذه الحادثة تؤكد سعي الدول الغربية الاستعمارية لسرق إنجازات أهل ليبيا، وتؤكد كذلك أن هذه الدول تحاول التغلغل إلى الثوار عسى أن تجد لها موطئ قدم بعد أن أسقط في أيديها جراء فقدانها لتابعها وعميلها "القذافي"، كما تكشف الوجه الاستعماري لما يُروج له من تدخل عسكري دولي، واختباء الغرب خلف الموقف الإنساني ورفض العنف وأضرابه وعينه –في الحقيقة- على النفوذ الاستعماري.
إن بريطانيا، كما أمريكا، هي من دعمت "القذافي" من قبل وهي من أمدته بالسلاح والعتاد ودعته إلى البطش بأهل ليبيا، وهي وأخواتها من نهبت ولازالت تنهب خيرات البلاد، وها هي اليوم تلبس ثياب الناسكين، وهي في الحقيقة تسعى لترسيخ أقدام الهيمنة الاستعمارية في ليبيا وتحوير ثورة الأهل هناك إلى مطالب شكلية وتغييرات تجميلية، مع إبقاء النظام "أس الداء" كما هو ومع المحافظة على قواعد اللعبة السياسية الدولية القائمة على التبعية للغرب، التي ربط بها "القذافي" ليبيا طوال عقود مضت.
إن لهث بريطانيا خلف الثوار الليبيين بهذه الصورة المبتذلة إن دل على شيء فيدل على أن الدول الغربية الاستعمارية لا يوجد لها موطئ قدم في وسط الثوار، وأنها تخشى من رياح التغيير أن تقتلعها وتنهي نفوذها الذي زرعه "القذافي" من قبل.
إن على أهل ليبيا وبقية المسلمين أن يدركوا حجم الكيد والمكر الغربي لبلادهم، وأن يدركوا بأنهم لن يحققوا التغيير الحقيقي إن هم أبقوا على قواعد اللعبة السياسية الدولية المذلة، وأنهم إن فعلوا ذلك سيبقون في دوامة مستمرة لن يخرجوا منها إلا بأن يقطعوا كل علاقة لهم بهذه الدول الاستعمارية ويقيموا الخلافة على أنقاض هذه الأنظمة التابعة، لتحقق التغيير الجذري المنشود فيسود العدل والطمأنينة والاستقرار ليبيا وبلاد المسلمين وربوع العالم بأسره.
7-3-2011