لم يمض أكثر من 24 ساعة على خطاب عشيق الممثلة اليهودية ابن القذافي الوضيع حتى أمطرت الطائرات الحربية أحياءً في طرابلس بوابل من قنابل الحقد الحارقة وزخات من الرصاص المنهمر، في صورة من أشد ما تكون بشاعة وفظاعة.
 
حاكمٌ يدّعي الانتماء لبلد يدّمر البلد وأهله المدنيين العزل فيقصفهم بالطائرات ويحرقهم بقنابل حارقة فيوقع فيهم مئات القتلى وآلاف الجرحى، فهل كان القذافي هذا يوماً ينتمي لهذا البلد ولهذه الأمة؟ وهل لو أتيح لطاغية تونس وفرعون مصر أن يمارسا نفس الدور هل كانا سيترددان في ذلك؟
 
إن هؤلاء الشرذمة القليلين من الحكام الطواغيت لم يكونوا يوماً من جسم الأمة ولم ينتموا لتاريخها وثقافتها بل كانوا سوطاً مصلتاً على رقابها وخنجرا مسموماً قد غرسه الكافرون في كبدها، ونواطير يحرسون مصالح الكافرين المستعمرين وينفذون أوامرهم دون أن يراعوا حرمة أو دماً حراما.
 
إن ما مارسته الأنظمة العميلة طوال عقود خلت من قتل وسجن وقمع وقطع أرزاق وحكم بوليسي يكتم الأنفاس هو صورة مجزّأة مما يمارسه القذافي اليوم، وهو مشاهد بطيئة في مقابل مشاهد سريعة تخطف الأنظار في ليبيا، فتلك هي حقيقة الحكام الذين لا يرقبون فينا إلّاً ولا ذمة، ولا يقيمون وزناً لدين ولا حرمة ولا كرامة.
 
إن القذافي وابن علي ومبارك وعبدالله وعلي والأسد والبشير وبوتفليقة ومحمد السادس و... كلهم شركاء في البطش بالأمة وتنفيذ المخططات لصالح القوى الغربية الاستعمارية وإن اختلفت أدوارهم وإن تنوعت المشاهد.
 
إن القذافي لا يخطو هذه الخطوات المجرمة ويرتكب تلك المجازر البشعة من تلقاء نفسه فهو لا يعدو أن يكون حجر نرد، تقف خلفه قوى استعمارية وإن لبست ثوب الإنسانية وهي كاذبة، إن عدو الأمة الحقيقي هو أمريكا وبريطانيا وبقية الدول الاستعمارية الطامعة في بلاد المسلمين والتي توحي إلى أوليائها أمثال القذافي وغيره أن ينكّلوا بأمة أرادت التخلص والانعتاق من ربقة الكافرين، وأرادت السير نحو التغيير الحقيقي وأن تستعيد مكانتها بين الأمم.
 
تلك حقيقة لا يغفلها العاقلون ويدركها كل سياسي ومتابع، حتى أن الخلافات السياسية الآنية بين القوى الاستعمارية فيما بينها تبرز هذه الحقيقة بين فينة وأخرى، وليس آخرها ما اتهمت به الولايات المتحدة بريطانيا من أنها تضفي الشرعية على نظام القذافي مع ارتكابه للمجازر بحق المدنيين العزل، وهي ليست من ذات الجرم براء فهي تقيم علاقات عسكرية مع نفس النظام وربما هي من زودته بأسلحته الفتاكة من قبل.
 
 
إن على الأمة أن تدرك أن جرائم القذافي وأعوانه وجرائم غيره من الحكام هي جرائم أمريكا وأوروبا فهم ليسوا منها برآء ، وأن لا ينخدعوا بمواقف تلك الدول الظاهرية الإعلامية فهي أشد مكراً من الثعالب، ولتسعَ الأمة لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة لتلقن هؤلاء وأدواتهم دروساً تنسيهم وساوس الشيطان وتبين لهم عظم قطرة دم واحدة تراق من مسلم وتشرد بهم من خلفهم.
 
لمثل هذا فليعمل العاملون.
 
(إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)
22-2-2011