يبدو أن السلطة لم تستخلص العبر مما حصل في تونس ومصر، وهي لا تدرك بعد ما يدور حولها من أحداث، ولا تستشعر رياح التغيير التي تهب على المنطقة بأسرها.
فلا زالت السلطة تتعامل بسياسة القمع والتجبر في الناس والحكم العسكري الذي بدأ يتلاشى في الدول الحقيقية لا في الدول الكرتونية والبلديات الصغيرة فحسب.
كما يبدو أنها لا تدرك معنى القوانين التي تسنّها، فلا زالت السلطة تدوس على هذه القوانين عند أي اختبار مهما كان متواضعاً، خدمة لمصالح الكفار المحاربين للإسلام.
 
وتكريساً لهذا النهج العنجهي الذي لن يورثها إلا الخزي فوق خزيها، والعار الذي بات يسربلها، وخلافاً لما صرح به اللواء أحمد المبيض رئيس هيئة القضاء العسكري تعقيبا على قرار جهاز المخابرات العامة بوقف عرض كافة المدنيين على القضاء العسكري، ابتداءً من يوم الأحد 16/1/2011م، والكف عن التوقيف أو الاحتجاز إلا بلائحة اتهام صادرة عن النيابة العامة صاحبة الاختصاص الأصيل، من أنه لن يتم اعتقال أي مواطن في الضفة الغربية إلا بمذكرة توقيف من قبل النيابة العامة المدنية الفلسطينية وفق قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم 3 لسنة 2001م.
 
نقول، تكريساً لهذا النهج، لا زال جهاز المخابرات في سلفيت يحتجز أحد اعضاء حزب التحرير وهو سمير ماضي، 45 عاما، من سلفيت، منذ 31/12/2010، على خلفية انتمائه السياسي، وقيامه بإلقاء رسالة حزب التحرير – فلسطين في مسجد في سلفيت، والتي انتقد فيها الحزب موقف السلطة من قضية فلسطين وتهاويها أمام الاحتلال.
 
إنّ جهاز المخابرات يحتجز سمير منذ ذلك التاريخ على ذمة القضاء العسكري، ويحاول جاهداً الضغط على أهله من أجل القبول بإخراجه بكفالة على ذمة القضاء العسكري، بدلاً من الإفراج عنه أو تحويله إلى النيابة المدنية، وهو ما يرفضه أهل سمير بشدة.
كما أنّ جهاز المخابرات قد منع أهل سمير من زيارة ابنهم لمدة أسبوعين، وعند مراجعة الأهل للمخابرات وطلبهم منهم الإفراج عن ابنهم وإنهاء اعتقاله التعسفي، أجابوهم بأنّ جهاز المخابرات لا يكترث بالقانون!!.
 
إن هذا السلوك الشائن، يدل على أن تصريحات المبيض حول وقف الاعتقالات التعسفية والسياسية ما هي إلا مجرد تصريحات إعلامية لا واقع لها، وأن جهاز المخابرات والسلطة لا يدركون المتغيرات من حولهم، أو أن التعليمات الصادرة لهم لم يتم تحديثها بعد من أسيادهم.
 
ألا فلتعلم السلطة ان الناس ليسوا عبيدا لها، وأن الأمة التي باتت تتلمس التغيير الجذري لن تسمح لها باستعباد أهل فلسطين، ولن تمكّنها من المضي قدماً في مشروعها التفريطي التآمري، فلتتعظ السلطة وتعتبر قبل أن تقتلعها وكيان يهود، رياح التغيير التي تهب على المنطقة، ولا يغرّها دعم يهود وأمريكا واوروبا لها.
 
ولتعلم السلطة كذلك أن الحزب سيواصل أعماله السياسية ونشاطه بكل إصرار، وأنّ السلطة التي تتعلق بحبال أمريكا وأدواتها الحكام الطواغيت أمثال حاكم مصر، ستزول عند أي هبة ريح تهب عليها، وسلطة كهذه لن تستطيع ثني الحزب عن ممارسة حقه وواجبه في العمل السياسي، بل إن الحزب سينتزع حقه الذي تصادره السلطة انتزاعاً.
 
إن إصرار السلطة على عدم تغيير سلوكها من تجبر في الناس وظلم لهم، وإثقال كاهلهم بالضرائب والجبايات، وترويجها للفساد بين أبنائهم، لا يدل على أنها تعلمت درس تونس ومصر، بل كأنها تستجلب هذه التجربة استجلاباً.
8-2-2011

{jcomments on}