نقلت البي بي سي أن رئيس حكومة رام الله سلام فياض ذكر أن السلطة الفلسطينية لا تزال تسعى إلى إعلان قيام الدولة الفلسطينية على الرغم من تعثر عملية السلام، حسب تصريحاته لقناة التلفزيون "الإسرائيلية" الثانية، والتي قال فيها إنه "لا يجب إعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد لأن ما تسعى إليه السلطة هو دولة فلسطينية حقيقية، وليس إعلان استقلال إضافي"، مؤكداً التزامه بـ"خطة بناء مؤسسات الدولة قبل صيف 2011"، ومعتبراً أنها "تسير في الاتجاه المرسوم لها"، وفي حين قال "لا نريد دولة ميكي ماوس ولا نريد شكلاً من أشكال الإدارة الذاتية"، أشار أن "سيادة الدولة الفلسطينية تتوقف على موافقة إسرائيل وموقفها من هذه السيادة"، ونفى وجود مشروع بديل أو مقترحات أخرى لديه، وختم بالقول أن "الموضوع لا يتعلق بنزع الشرعية عن إسرائيل، بل بنزع الشرعية عن الاحتلال". 
***
لقد جاءت تصريحات فياض هذه كحزمة كبيرة من الخيالات والأباطيل، وهي تبرز عجينته المشكّلة حسب الثقافة الرأسمالية التي لا تنتمي إلى ثقافة الأمة، والتي لا تعرف إلا نهج الاستجداء، وتؤكد أن فياض هو إفراز جديد من إفرازات المشاريع الغربية، التي تُشكِّل ساسةَ الباطل من مدراء تلك المشاريع، ممن لا يفقهون معاني الدولة، ولا مفهوم السيادة ولا جوهر الصراع مع العدو الغاصب. والغرب الذي يحرّك هذا العرض السياسي يدفعهم للمقدمة.
 
إن من يقرأ التاريخ ومن يفهم الواقع يدرك أن الدول الحقيقية تقام استناداً إلى طاقات أبنائها الذين يحمون مبدأها ويطبقونه، أما نهج الاستجداء فلا ينتج إلا دول ميكي ماوس التي ينكرها فياض نفسه.
 
إن خطط البناء المؤسسي التي يستمر فياض بالحديث عنها تصلح لبناء بلديات لا دول، وقد سبق أن اعترف قادة المشروع الوطني بأنهم يُديرون بلدية. وإن الدول التي تتشكل بإرادة من يحتلها لا يمكن أن تخرج عن حدود المشروع الذي يحفظ لذلك الاحتلال أمنه، وعندما يقرر فياض أن "سيادة الدولة الفلسطينية تتوقف على موافقة إسرائيل"، ليؤكد هذه الحقيقة المرة.
 
إن تخبّط ما تسمى بالقيادة الفلسطينية وتضاربها قد بات جلياً للمتابع، ففي حين ينفي فياض وجود مشروع بديل أو مقترحات أخرى لديه، يصرّ محمود عباس ومعه قادة سلطة فتح على الحديث عن بدائل وخيارات، مما يفضح هذه القيادة ويؤكد أنها تتلاعب بالعباد والبلاد، وهي تمارس مراهقة سياسية مكشوفة، وتبين أنها مستعدة لتقبل تكرار الفشل، وأنها مصرة على حشر الناس في هذا النفق المظلم رغم بطلانه قبل فشله.
 
إن هذه القيادة لا تعادي من يعادي الأمة، ولا تكافح ضده، وفياض يؤكد ذلك الانبطاح بالقول أن "الموضوع لا يتعلق بنزع الشرعية عن إسرائيل"، وهذه القيادة لا شك ستواجه ساعة الحق والحقيقة، وعندما تدوسها قدم التاريخ ويضعها في سلة المتآمرين على الأمة، وسيلعنها أبناء الحاضر والمستقبل.
 
19-12-2010