جولة جديدة من الحوار الوطني تبدأ في دمشق بين طرفي التنافس الفلسطيني، تستهدف التوافق على تشكيل لجنة أمنية تشرف على إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية.
 
يضم وفد فتح كل من صخر بسيسو وماجد فرج عن الأجهزة الأمنية الفلسطينية، فيما أوفدت حركة حماس وفداً أمنياً من قطاع غزة برئاسة إسماعيل الأشقر، وعقد المكتب السياسي للحركة اجتماعاً لمناقشة الترتيبات الخاصة بالملف الأمني المتعلق بمسألة توحيد الأجهزة الأمنية بين فتح وحماس.
 
***
إن تصدّر الملف الأمني جدولَ أعمال هذا الحوار، وحضور الشخصيات الأمنية، ومن ضمنها رئيس مخابرات سلطة رام الله (فرج)، يدفع للتساؤل حول طبيعة هذا الحوار: "وطنيّ" هو أم مخابراتي؟!
 
إن العاقل الواعي يدرك أن الأجهزة الأمنية، التي أنتجها دايتون ويرعاها اليوم مولر، وتتواتر التصريحات اليهودية التي تثني على أدائها وعلى دورها المميز في التنسيق مع الاحتلال، لا يمكن أن تقود حوارا يستهدف تحرير فلسطين، وخصوصا وهي تصر على مطاردة كل من يرفض الاحتلال قولاً وفعلاً.
 
وإن هذا الاختزال لقضية فلسطين ضمن ملفات أمنية وحسب عقلية المحاصصة (التي باتت عنوان كل توافق بين طرفي السلطة في غزة ورام الله) يدفع للتساؤل: هل صارت قضية فلسطين قضية أمنية وفصائلية؟!
 
إن هذا النقطة الفاصلة في الحوار "الوطني" تؤكد أن أطرافه يسيرون ضمن مخططات تضييع "الأوطان" لا تحريرها، وهم منغمسون في تنافسهم على المحاصصة ومتخاصمون حول التفصيلات الأمنية، بينما لا يبرز الاتفاق على حل جذري لقضية فلسطين ضمن أجنداتهم على الإطلاق، بل ينحصر البحث في كيفية تقسيم كعكة هذه السلطة بين القيادات التي تتدافع نحو المكاسب السلطوية.
 
وبكل أسف يغيب عن النظرة السياسية للمتابعين أن مشروع السلطة هو مشروع خدماتي-أمني وهو يتناقض تماما مع مشروع التحرير العسكري، ولذلك فإن انخراط فصائل ترفع شعار التحرير وتعتبر المقاومة طريقها إليه، هو انغماس في المستنقعات التي أفرزتها اتفاقية أوسلو، وهو انحراف عن مسيرة التحرير الحقيقية، وهو يسقط شعار المقاومة في مقابل رفع شعار السلطة أولاً.
 
وحريٌّ بأهل فلسطين أن ينفضّوا عن مثل هذه القيادات التي تريد ترسيخ مشرع السلطة من خلال إضافة الدمغة الإسلامية مع الدمغة العلمانية فيه، وأن يسحبوا بساط القضية من تحت أرجل من خطفها واحتكرها ضمن ملفات مخزية ويبحثها بعقلية نفعية تختفي عندها كل معاني التضحية أمام التنافس على المكتسبات.
 
9/11/2010