نقلت وسائل إعلام عدة خبراً مفاده، بأنه قد تم اكتشاف طائرة مدنية وصلت لأمريكا تحمل على متنها 60 رأسا بشريا، وأفادت المصادر الإعلامية الأمريكية أن السلطات تجري حاليا تحقيقا واسعا لمعرفة مصدر الرؤوس المقطوعة التي كانت في طريقها إلى المركز الطبي "فورت بيرت" وفيما إذا كانت طريقة الحصول عليها قانونية أم لا.
ولم يظهر العاملون في المركز الطبي الذي كانت شحنة الرؤوس في طريقها إليه أي تأثر من نبأ اكتشاف الأمر مؤكدين بأن الحديث يدور عن عملية روتينية يجري فحصها من قبل السلطات المعنية في بعض الأحيان.
*****
كثيرة هي الحوادث التي تُظهر المبدأ الرأسمالي على حقيقته الوحشية، والتي لا تقيم للإنسان وقيمه أي وزن يذكر، إذ أنها لا تعالج الأمور إلا وفق معيار المنفعة وما تدره من مال.
لكن المبدأ الرأسمالي وأتباعه والقيمين عليه دائماً ما يفاجئوننا بمدى بشاعة أفعالهم وخروجها عن النسق الطبيعي للبشر بل والبهائمي في كثير من الأحيان.
فقد شهدنا مدى الانحدار الخلقي والاستهتار بالبشر الذي وصل إليه الرأسماليون في حوادث تقشعر منها الأبدان، فقد تم تهريب وسرقة أطفال هايتي اليتامى لاستعبادهم أو استخدامهم كقطع غيار بشرية أو كفئران تجارب، وسبق أن سرقت فرنسا أطفال دارفور من تشاد ، واليوم رؤوس وآذان بشرية لا يعلم مصدرها بل لربما كانت لمدنيين قتلتهم أمريكا في البلاد التي تستعمرها وتستولي عليها كالعراق وأفغانستان، وربما هي لجزء من رعاياها من الفقراء والمشردين بلا مأوى، فهؤلاء البشر -وفق الرأسماليين- لا قيمة لهم ولا حرمة.
هذا كله غيض من فيض ونقطة في بحر الانتهاكات والإساءات الرأسمالية التي باتت عصية على الحصر، والمخفي منها بلا أدنى شك أعظم.
إن الرأسمالية تنظر إلى الإنسان باعتباره سلعة للتجارة ومصدراً لدر الربح والمال، فالرأسمالية لا تقيم للبشر وزناً أو حرمة، فهي تستغل البشر لصالح المعاملات التجارية (كالدعارة والتجارة بالبشر أو أعضائهم).
أما انتهاك حرمة الإنسان بدعوى البحث العلمي فليس سوى مجرد غطاء وتضليل تسوقه شركات الأدوية والمراكز الطبية التي تلهث خلف المكاسب المادية الصرفة، علاوة على مخالفة ذلك لكل أعراف المهنية الطبية. 
إن الفكر الرأسمالي قائم على حرية التعاقد في المعاملات، واعتبار المنفعة دون سواها هي معيار الأعمال، مما يجعل الجرائم جزءاً طبيعياً لا تفارق الحياة الرأسمالية، وما التشريعات الغربية التي تحظر بعض المعاملات سوى ترقيعات لدرء بعض من مساوئ هذا الفكر.
إن دعاوى الحريات والدفاع عن حقوق الإنسان التي "تتسلح" بها الدول الغربية الرأسمالية هي مجرد أكاذيب وذرائع للتدخلات السياسية، وجزء من المخططات السياسية الرامية لاستعباد الشعوب ونهب خيراتها، ولكم فيما تم الكشف عنه من تهريب الأسلحة لمتمردي جنوب السودان إبان التمرد في صناديق المساعدات الإنسانية خير شاهد.
إن الرأسمالية قد أورثت البشرية أبشع حياة، بأزماتها المالية وحروبها القائمة على الاستعمار الجشع وسلوكياتها القائمة على المنفعة دون أن تراعي أي قيم إنسانية أو خلقية أو روحية.
إن البشرية باتت بأمس حاجة لمبدأ الإسلام الذي سينقذها من التقلب في لظى الرأسمالية.
 إن الإسلام صان الإنسان وجعله خير المخلوقات، كما أن الله سبحانه سخر له ما في السماوات وما في الأرض، والإسلام حفظ على الإنسان كرامته وحرمته وماله بتشريعات ربانية، كما أنه قد كرمه في مماته كما في حياته فجعل إيذاءه ميتا كإيذائه وهو حي.
إن الإسلام حرص على صياغة مجتمعات مطمئنة ملؤها الاستقرار وهناءة العيش عبر حرصه على تحقق القيم الإنسانية والخلقية والروحية بجانب القيمة المادية في المجتمع ولم يجعل قيمة تطغى على أخرى، مما ضرب أروع الأمثلة، لما طبق عملياً، في استقرار المجتمعات وطمأنينتها.
فهل أدرك المسلمون اليوم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، والمهمة الموكلة لهم وهي إنقاذ البشرية جمعاء؟ فسعوا لإقامة الخلافة عنوان التخلص من الرأسمالية وضنكها ومفتاح الفرج للعالمين؟
18-6-2010