فيما تتباين التقارير والأخبار الصحفية التي تسرب توطئة لأي موقف سياسي متخاذل، تناقلت بعض وسائل الإعلام خبراً مفاده أن محمود عباس قد ابلغ الإدارة الأميركية، موافقة السلطة على وجود قوات من حلف شمال الأطلسي (ناتو) في الضفة الغربية، حال إعلان الدولة الفلسطينية، خلال اجتماعه مع المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط السيناتور جورج ميتشل الأربعاء المنصرم.
فيما نفى عريقات هذه الأنباء بصورة تضليلية وبشكل ضبابي، مما يدل على أن وراء الأكمة ما وراءها، فقد اعتبر عريقات وجود قوات دولية على غرار الموجودة بين مصر و"إسرائيل" ولبنان و"إسرائيل" أمراً طبيعياً، دون أن يلاحظ أن تلك القوات وقوات الناتو التي نفى موافقة عباس على وجودها في الضفة الغربية هي سواء وهي احتلال فوق احتلال.
ولم يتطرق عريقات لتقرير جونز حول شروط الأمن للدولة الفلسطينية "العتيدة" التي سبق للسلطة ولحكومة أولمرت أن اتفقتا عليه ورفضته حكومة نتنياهو الحالية على لسان مستشار باراك، والذي ينص على أن تكون دولة فلسطين منزوعة السلاح وخالية من أي وجود "إسرائيلي" عسكري، ويتم وضع قوات عسكرية من حلف شمال الأطلسي للفصل بين "إسرائيل" وفلسطين.
لقد بات من نافلة القول أن السلطة لا تملك زمام أمرها وأنها وأزلامها لا تعدو أداة بيد أمريكا تنفذ من خلالهم مشاريعها في المنطقة، ومن هذا المنطلق فلا معنى لرفض أو قبول السلطة لوجود قوات دولية أو أمريكية من حلف شمال الأطلسي فوجود قوات الناتو في المنطقة هو جزء من المخطط والمشروع الأمريكي الذي أصم أزلام السلطة آذاننا بترديده وتصويره على أنه مشروع وطني وهو احتلال جديد تحت غطاء الدولة الفلسطينية.
إن وجود القوات الدولية أو الأمريكية أو حتى قوات الناتو ولو بجنود أردنيين أو أتراك يميط اللثام عن حقيقة الدولة الفلسطينية "العتيدة" التي تريدها وتسعى لها أمريكا، فأمريكا تريد هذه الدولة موطئ قدم لها وقاعدة لقواتها ومركزاً لأجهزة استخباراتها، فهي دولة منزوعة السلاح يتولى أمنها قوات أمريكية أو قوات الناتو أو قوات دولية فالسيادة ستكون لهذه القوات ولن تملك السلطة سوى شرطة محلية تبطش بالناس غير قادرة على رد اعتداء أو التنكيل بعدو.
إن القوات الدولية أو الأمريكية أو قوات الناتو هي احتلال كاحتلال يهود لا فرق بينهما، وإن الرضا بوجود هذه القوات هو قبول لإلقام هذه الأرض المباركة لاحتلال أشد مكراً وخبثاً يعمل في المسلمين ذبحاً وقتلاً وتشريداً كما في العراق وأفغانستان، وهو خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، ووجود مثل هذه القوات بين كل من مصر ولبنان وبين كيان يهود لا يبرر هذه الخيانة ولا يقلل من جرمها.
إن تلاعب السلطة بقضية فلسطين جلب على أهلها الخزي والعار ولا زال، وسواء أصحت هذه التقارير أم لم تصح، فالواقع ينطق أن هذه السلطة قد فرّطت بما هو أكبر وأشد من قبولها بوجود قوات دولية فقد سوغت احتلال يهود لجل فلسطين واعترفت بشرعية هذا الكيان المغتصب، فما يضير الشاة سلخها بعد ذبحها!!
إن واجب أهل فلسطين تجاه هذه السلطة المفرطة أن ينفضوا عنها وعن السير في مشاريعها، فالسلطة زرع خبيث وجب عليهم تجفيف منابعه، وأن يوقفوا مسلسل تنازلاتها المخزية.
كما أن واجب المسلمين جميعاً والفرض المغيب من قبل حكامهم والملقى على عاتقهم وعاتق جيوشهم هو تحرير هذه الأرض المقدسة عبر جيش عرمرم يهدم كيان يهود ويستأصل شأفتهم.
24-5-2010