كعادة القذافي في خطاباته الهزلية الماكرة، ففي خطاب له في مدينة سرت في ذكرى الضربة الأمريكية لليبيا عام 1986م، دعا القذافي إلى إحياء لوثة من لوثاته التي ورثها عن أسياده الانجليز، فدعا إلى إقامة دولة ثنائية القومية في فلسطين معتبراً أن التفكير في إقامة دولتين واحدة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ودولة "إسرائيلية" "تفكير ساذج ولن يحل المشكلة"، مضيفا "إن حكاية دولتين جنباً إلى جنب لم تعد موجودة، فالواقع قد ألغاها".
وأشار إلى أن فلسطين "هي الأرض الواقعة بين النهر والبحر والتي يجب أن يعيش فيها الفلسطينيون و"الإسرائيليون" في دولة واحدة ديمقراطية منزوعة أسلحة الدمار الشامل يعود إليها اللاجئون الفلسطينيون". ودعا أمريكا إلى ترك الأفكار البالية والتي فشلت في إقامة دولتين.
*****
يبدو أن القطار قد فات القذافي بأميال بعيدة فلم يعد يدرك أن تنفيذ حلول المستعمرين قد عفا عليه الزمن وأن حل الدولتين وحل الدولة الثنائية القومية والمبادرة العربية وخطة خارطة الطريق وجميع الخطط والمشاريع الدولية الاستعمارية قد باتت في سجل الأموات لدى الأمة، وأن الأمة باتت تترقب التحرير الحقيقي عبر الخلافة المرتقبة والقادمة قريباً بإذن الله.
إن حاكماً خائناً لأمته متآمراً عليها منذ أربعة عقود قد سلم أسرار بلده العسكرية لأمريكا لقاء المحافظة على كرسيه الهزيل والذي لا سلطة له سوى البطش بأهل ليبيا المسلمين وبكل من يدعو للتغيير الحقيقي والجذري، لا شك أنه لا زال يهيم في ضلاله القديم، ولا زال يظن أن الصولة والجولة ستبقى لواشنطن أو لندن أو أن نهاية العالم تقف عند ساعة بيج بين.
إن جوقة الحكام الذين لا زالوا يجثمون على صدر الأمة قد تآكلت بفعل الدهر، وسقطت هيبتهم بفعل العاملين لاقتلاع هؤلاء وإقامة الخلافة بديلاً لهم، فها هم رؤوسهم قد غيبهم الموت وأتى من بعدهم أبناؤهم أو من هم دونهم ولم يعد جبروت هؤلاء أو بطشهم يرهب الأمة، وها هو وعي الأمة على تآمر هؤلاء عليها وعلى قضاياها قد بلغ درجاته العلا، فلقد باتت الأمة ترى في هؤلاء الحكام صبية يحكمون أمرها ويوالون أعداءها وتراهم جنساً آخر غيرها فلا هي منهم ولا هم منها، وإن القذافي الذي ينتمي للجيل القديم من الحكام المتآمرين لا زال يظن واهماً انه يعيش في سبعينات أو ثمانينات القرن المنصرم، ولا زال يظن أن الأمة خامدة هامدة أو أنها تصدق أكاذيبه أو تقيم وزناً للوثاته، غير منتبه أن أسياده باتوا يترقبون قيام الخلافة وترتعد فرائصهم لسماع ذكرها، فباتت الخلافة في دائرة الضوء والاهتمام وهي السيناريو المتوقع لديهم للعالم خلال الأعوام القادمة. فعن أي دولة ثنائية القومية يتحدث القذافي؟! هل يظن أن يهود سيطول مكوثهم في أرض فلسطين؟! هل يظن أن العروش التي تحمي يهود من عمان إلى طنجة ستبقى قائمة على أصولها؟! هل يظن أن من يقف خلف هؤلاء وهؤلاء سيبقى مهيمناً متفرداً في حكم العالم؟! هيهات هيهات لما يظنون؟!!
إن القذافي ينتظر أمرين اثنين لا ثالث لهما؛ إما أن يغيبه الموت فيلحق بركب أقرانه من حكام السوء الذين مرغوا أنف الأمة بالتراب ومكنوا أعداءها من رقابها، وإما تعاجله الخلافة فتذيقه وبال أمره وكيده وتآمره على المسلمين وقتله لحملة الدعوة المخلصين؟!
إن فلسطين ما عادت تنتظر المشاريع التآمرية ولا الحكام المتخاذلين الذين لم يبرعوا حتى في خطاباتهم الكاذبة والهزلية، إن فلسطين ترتقب جيشاً عرمرماً قادماً من الشرق تعلوه راية العقاب ويتقدمه أمير المؤمنين، ليطهرها من رجس يهود ومن مكر الخونة المتآمرين.
وإن غداً لناظره قريب.
18-4-2010