حضر وزير الاقتصاد الفلسطيني فعاليات مؤتمر المال والأعمال العربي في مدينة الناصرة، وخاطب الحضور من أهل فلسطين المحتلة عام 1948 قائلا: "إننا معنيون بتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بيننا بوسائل مختلفة على أسس من المنفعة المشتركة ... بما يشمل تعزيز التبادل التجاري وتسويق المنتجات الفلسطينية لديكم وعبركم في عموم إسرائيل".
 
وخاطب المستثمرين اليهود بالقول: "فلسطين مفتوحة على المبادرات المشتركة والتعاون الاقتصادي بين الشركاء المتكافئين في الفرص والحقوق والواجبات، وأتوق إلى اليوم الذي تقوم فيه الشراكات الاستثمارية بين المستثمرين في دولتي فلسطين المستقلة وإسرائيل المسالمة، بصفتها الجار الطيب، وليس المحتل لإرادة وحرية وحقوق شعب آخر".
 
واعتبر أن مداولات ونتائج المؤتمر تسهم في "تطوير الهوية الاستثمارية والاقتصادية للوسط العربي الفلسطيني، بصفته جسرا محتملا للعلاقات الاقتصادية الإقليمية بين العالم العربي، ودولة إسرائيل" على حد تعبيره.
 

 

***
 

 

لقد عج خطاب وزير الاقتصاد الفلسطيني بالكبائر والفواحش السياسية، التي تصادم ثقافة الأمة وتاريخها، وتتحدى جغرافيتها. وسيطر على حديثه خطاب المصالح القائمة على رأسمالية عفنة وبرغماتية مقيتة.

ولو كان هنالك بقية من إحساس لدى أتباع الفصائل الفلسطينية لبكوا دما على هذا الحدث البشع، وهم يرون "وزيرا فلسطينيا" يخاطب أهل فلسطين خطاب الغرباء الأجانب، ويصفهم بأنهم مجرد "وسط عربي فلسطيني في إسرائيل".

وفي المقابل يغري يهود ويعرض عليهم خدماته لتحقيق هدفهم في التطبيع الاقتصادي مع البلدان العربية والإسلامية، حيث عرض اعتبار السلطة "قاعدة انطلاق لاستثمارات يهود في العالمين العربي والإسلامي"، كما قال. ويغريهم أيضا بالمؤتمر الاستثمار المنوي عقده في بيت لحم في حزيران القادم، مؤكدا صبغته التطبيعية بالقول: "قمنا بتشكيل مجموعة عمل مشتركة بيننا وبينكم للمتابعة".

وبكل ابتذال خاطب اليهود في المؤتمر معتبرا العلاقة مع الاحتلال قابلة لتجاوز "اختلال" أصابها، فبعد كل جرائم الاحتلال اليهودي بحق أهل فلسطين، يأتي وزير الاقتصاد ليعتبر ذلك مجرد "اختلال"، في تحد بغيض لمشاعر أهل فلسطين، وخصوصا في الوقت الذي يهدد فيه قادة الاحتلال بترحيل الآلاف من رام الله والقدس، فأي مشاعر للناس المقهورين تلك التي تراعيها هذه السلطة الذليلة ؟

وقد جسد موقف السلطة الفلسطينية الهش والقائم على المطالبة بدولة فلسطينية، في حال التزام دولة يهود "بالسلام العادل والشامل مع محيطها العربي والإسلامي"، وقبولها بدولة "على 22% من مساحة فلسطين التاريخية" كما عبر وزير الاقتصاد. بل ووصف "إسرائيل" في حالة قبولها ذلك، بالمسالمة، و"بصفتها الجار الطيب"، في تحد متكرر لمشاعر أهل غزة وهم يتعرضون للقتل على أيدي هذا "الجار الطيب" في لحظة "اختلال" للعلاقة، وخصوصا وقد قصف الاحتلال وقتّل في هذا اليوم الذي يخطب فيه وزير الاقتصاد.
 
بل وباستخذاء وضيع، أكد لليهود "استمرار التزام السلطة الفلسطينية باتفاقية باريس" التي وصفها بالمجحفة، وأكد "ضمان استمرار التدفق الحر للسلع الإسرائيلية إلى سوقنا المحلية، في الوقت الذي تمنع إسرائيل معظم سلعنا ومنتجاتنا من الوصول إلى السوق الإسرائيلي". ليبين أن السلطة لا يمكن أن تجرؤ على الخروج على أي نص من نصوص اتفاقيات الذل، حتى ولو داستها يهود بأقدامها.
 
إنها والله لسلطة وضيعة لا تخرّج إلا الأنذال الذين ينبطحون أمام يهود, وقد آن للمخلصين من أهل فلسطين أن يلفظوا قادتها وأن يلقوا بهم في مزابل التاريخ، وأن يسيروا مع العاملين لإعادة قضية فلسطين إلى حضن الأمة الإسلامية، حتى تتحرك جيوشها فتلقن يهود معنى خطاب العزة والإباء. 
 

 

"يَعِدُهُمْ وَيُمَنّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَـانُ إِلاَّ غُرُوراً"
 

 
 

13/4/2010