أوردت وسائل الإعلام خبر إعادة إحياء ما سُمّيت "انتفاضة السفن" بعد التآلف والشراكة التي أعلنت في إسطنبول بين حركة غزة الحرة- التي سيرت عدة سفن قبل ذلك ومؤسسة حقوق الإنسان والعون الإنساني التركية ومؤسسات أجنبية وأوروبية وتركية مختلفة. ونقلت عن النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار قوله "إن التآلف يعطي مشروع إحياء السفن قوة ويكسبه دعما من الناحية اللوجستية والفنية"، مشيرا إلى أن عدد السفن لا يقل عن عشرة كحد أدنى وقد يصل إلى عشرين بينهم سفينة ماليزية وعدة سفن تركية وأوروبية. وأوضح أن السفن تقل شخصيات برلمانية وسياسية وإعلامية من مختلف دول العالم.
***
لا يجد الإعلام العربي والغربي غضاضة في متابعة أخبار العمل الإنساني وتحريك مثل هذه السفن وقوافل الإغاثة لأهل غزة المنكوبين، بل ولا تجد الأنظمة العربية غضاضة في تسهيل تحريك هذه القوافل، بل وإرسال قوافل باسمها أحيانا، إلا ما كان من النظام المصري الذي يصر على حراسة مصالح أمن كيان يهود، فيمنع تلك القوافل ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
وأن يقوم المسلون بالوقوف إلى جانب أخوتهم المنكوبين أمر أقره الإسلام بل ودعا إليه في قول الله تعالى:
(وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان)
ولكن أن تتحول النصرة من جوهر تحريك الجيوش ورد العدوان وتحرير البلاد وخلع الاحتلال من جذوره إلى قشور الاكتفاء بمجرد تحريك قوافل إغاثة، ترقّع صورة الأنظمة المهترئة والمتقاعسة عن واجبها نحو فلسطين ونحو كل بلاد المسلمين المحتلة، هو تضليل للمسلمين.
وإن فهم القائمون على هذه الأعمال الإغاثية مقصد الأنظمة من ورائه، وإن اعتبروا أن المعركة مع الاحتلال هي إعلامية وسياسية في المحافل الدولية، فإننا نخشى أن تكون تلك الأعمال الإغاثية تعاونا على الإثم والعدوان بدل التعاون على البر والتقوى في خلع الاحتلال، وخلع الأنظمة التي تقبل بالاحتلال وتحمي مصالحه.
وبكل أسف فإن الإعلام الذي يغطي تحرك هذه السفن الإغاثية لحظة بلحظة وفي بث مباشر أحيانا، لا يقبل أن يغطي أي صرخة تصدر عن المخلصين في فلسطين والرافضين للاحتلال وكل أشكال التعايش معه، عندما توجّه لتحريك جيوش المسلمين، فمثل تلك الدعوات الجادة قد تعتبر إرهابا من قبل وسائل الإعلام يجعلها عرضة للمسائلة أمام ديمقراطية الغرب الكاذبة.
إن فلسطين بحاجة إلى تحريك السفن الحربية قبل سفن الإغاثة. وإنه لحقيق على من يحمل شعار المقاومة للاحتلال أن يقوم خطابه السياسي على ذلك النداء للأمة، لا أن يتحول إلى خطاب الأنظمة والمؤسسات الدولية، ويكتفي بطلب سفن الإغاثة.
3/4/2010