كثيرٌ من المراقبين عندما يتحدث عن دولة يهود وأمريكا، يتناول الأمر إما باعتبار "إسرائيل" تهيمن وتسيطر على الإدارة الأمريكية، أو باعتبار أمريكا و"إسرائيل" شيئاً واحداً، وكل واحد من الاعتبارين مبني على معلومات خاطئة وقياس شمولي ونظرة عامة للأحداث.
فمن يشاهد أمريكا وهي تؤيد "إسرائيل" في المحافل الدولية وتمدها بالعتاد والمال الوفيرين يظن أنّهما واحد، ومن يشاهد العلاقة الحميمة والحرص من قبل أمريكا على عدم معاداة "إسرائيل" يظن أنّ "إسرائيل" تهيمن على أمريكا.
ولكن الحقيقة خلاف ذلك.
تحت عنوان :"الاندبندنت: مصالح الغرب ليست بالضرورة مصالح إسرائيل" الذي نشره موقع البي بي السي العربية، تناول الكاتب أدريان هاميلتون أخر التطورات على العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية، فيقول الكاتب عن عملية السلام: "إنّ واشنطن تريد محادثات السلام أكثر بكثير من الإسرائيليين من أجل المظاهر كما لأسباب أخرى، إلا أنها في السعي لذلك تضاعف الإهانة لحلفائها العرب والكراهية التي يشعر بها إزاءها الشارع العربي.".
بينما يرى أنّ "مصالح إسرائيل في رأيها عدا أقلية على اليسار هناك هي في مستقبل بالرغم من الشرق الأوسط لا كجزء منه، وهذا يتطلب توجيه إهانات متواصلة للعرب ( وكأن الكثيرين منهم بأنظمتهم الفاسدة والسلطوية لا يقومون بالكثير من ذلك بأنفسهم)، كما أنها تطالب الغرب بتبني وجهة نظر إسرائيل بوجود عالم يكون فيه بقاؤها ليس فقط معرضا للخطر طوال الوقت وإنما هو أيضا ضروري للمصالح الغربية ."
فالمدقق فيما ورد في التقرير يرى أنّ كل من أمريكا وإسرائيل إنما يتعاملان فيما بينهما وفق مصالحهما التي تتفق في جوانب وتختلف في أخرى.
فأمريكا إنما تتفق مع يهود على تصفية قضية فلسطين، وما الخلاف بينهما إلا على الكيفية والتفاصيل التي مرجعها إلى جشع يهود وطمعهم.
وهما يتفقان على استعمال حكام العرب والسلطة وتسخيرهم لخدمة أهدافهم، حتى وإن تطلب إذلالهم، ولكنهما يختلفان في مقدار الإذلال الذي يحتمله الحكام قبل سقوطهم.
وأمريكا ويهود يتفقون على ضرورة وجود كيان يهود وتقويته لبقاء "إسرائيل" رأس حربة للغرب، وخنجرا مغروساً في خاصرة الأمة، ولكنهم يختلفون في تقديم الأوليات.
فأمريكا الغارقة في مستنقع أفغانستان والعراق، والمكتوية بنار الأزمة المالية، تريد أجواء تساعدها على التفرغ لهذه القضايا، ولتسهل بذلك أيضا على حكام المنطقة مساعدة أمريكا في محنتها.
ولكن "إسرائيل" لا تريد أن يكون ذلك على حساب جشع يهود وطمعهم غير المنتهي، وهم لا يكترثون كثيراً بحرص أمريكا على توفير الأجواء المناسبة إن كان يكلفهم ذلك نقيراً.
ولكن المحصلة إنّ المستعبدين والأذلاء هم حكام العرب ورجال السلطة، فلا يعدون أكثر من كونهم أدوات تنفيذ لمصالح أمريكا و"إسرائيل"، وإن اختلفتا.
والحقيقة أنّ الغرب وأمريكا ويهود ليسوا على قلب رجل واحد، فمصالحهم تفرقهم وتجعلهم شيعاً، ولكنهم يتفقون على عداء المسلمين والإسلام لأنّ عداء الإسلام مصلحة مشتركة بينهم.
فهلا أفاق حكام العرب والمسلمين ورجال السلطة من نومهم، وعادوا إلى حضن أمتهم الكريمة، بدلاً من العمل لدى أمريكا والغرب كالعبيد.
وهلا شمر أهل القوة والمنعة عن سواعدهم للنيل من الغرب الكافر، الآيل للسقوط!.
27-3-2010